تنفرد الشراكة التاريخية بين المغرب والولاياتالمتحدة، التي حظيت بدفعة قوية بفضل الإرادة المعبر عنها على أعلى مستوى بالرباط كما بواشنطن، بطابعها القوي والمتنوع، كما دل على ذلك اجتماع القمة بين جلالة الملك محمد السادس والرئيس باراك أوباما في نونبر 2013 بواشنطن، والذي أضفى مزيدا من الشرعية على علاقات صداقة عريقة، تواجدت خلالها المملكة المغربية والولاياتالمتحدةالأمريكية دوما على الضفة ذاتها للأحداث والتاريخ. وقال يوناه ألكسندر، العضو البارز في مجموعة التفكير الأمريكية بوتوماك إنستيتيوت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن "مستقبل الشراكة الاستثنائية التي تجمع المملكة المغربية والولاياتالمتحدةالأمريكية يبدو واعدا، بعد الزيارة التاريخية لجلالة الملك ولقاء جلالته بالرئيس أوباما".
ومن منظور أمريكي، لاحظ الخبير أن "المغرب يشكل دون أدنى شك ملاذا للاستقرار، بالنظر إلى أن البلدين يقتسمان رؤية ومصالح مشتركة، يعززها تاريخ عريق وفلسفة متشبعة بقيم حقوق الإنسان، والحريات المدنية، والمشاركة السياسية الشاملة".
وتجدر الإشارة إلى أن محور الرباطوواشنطن لا يكتفي فقط بالمكتسبات التاريخية، بل ما فتئ البلدان يبحثان، في إطار رؤية استشرافية، عن إعلاء هذه الشراكة المتميزة وتعزيزها عبر إبرام اتفاق التبادل الحر الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2006، والذي ما يزال فريدا من نوعه بالقارة الأفريقية، فضلا عن الحوار الاستراتيجي، الذي يعتبر الأول للولايات المتحدة مع بلد مغاربي، بالإضافة إلى تعيين المملكة كحليف استراتيجي للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي.
ويرى المراقبون بواشنطن أن الحوار الاستراتيجي "يشكل أرضية تمكن البلدين من العمل معا على تحقيق رؤية معتدلة ومزدهرة لشمال إفريقيا والقضاء على التطرف والظلامية".
كما تمثل هذه الأرضية إطارا نموذجيا من أجل تشجيع التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، وكذا في مجالات التعليم والشؤون الثقافية.
ومن وجهة نظر جيو استراتيجية إقليمية، اعتبر كل من رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، روبرت مينينديز، والسيناتور تيم باين، في هذا السياق، أن "الشراكة القوية بين المغرب والولاياتالمتحدة سيكون لها تأثير إيجابي على الاستقرار في المغرب العربي، ومنطقة الساحل، بل وأبعد من ذلك على المستويات الاقتصادية والتنمية".
وفي الواقع، فإفريقيا أصبحت اليوم فضاء جديدا للتعبير عن الشراكة المغربية الأمريكية، فالمغرب باعتباره أرضية اقتصادية ومالية متميزة بالنسبة للشركات الأمريكية الراغبة في الاستثمار ببلدان القارة، وبالنظر إلى الخبرة التي راكمتها المملكة تحت قيادة جلالة الملك، يدعو إلى تعاون جنوب - جنوب براغماتي وفعال ومتضامن كخيار لا محيد عنه، وفق رؤية متحررة من الأعباء الإيديولوجية وأغلال السياسات البائدة التي تقف حجر عثرة أمام المساعدة على تحقيق التنمية.
وبخصوص قضية الصحراء، أكد بيتر فام، مدير أفريكا سانتر، التابع لمجموعة التفكير الأمريكية أطلانتيك كاونسيل، أن الدعم "الواضح" للرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لمخطط الحكم الذاتي بالصحراء، تحت السيادة المغربية، الذي شكل "نقطة بارزة" في لقاء القمة الذي جمع بالبيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي وجلالة الملك، "يشكل اعترافا من قبل واشنطن بالدور الريادي الذي يضطلع به جلالة الملك على الصعيد الإقليمي، كقوة لتعزيز الاستقرار في القارة الإفريقية".
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أبرز هذا الخبير في الشؤون الإفريقية، الذي غالبا ما يلجأ الكونغرس الامريكي إلى خبرته، أن "هذا الدعم الواضح لوجاهة المخطط المغربي للحكم الذاتي من قبل أوباما، تماشيا مع السياسة التي اتبعتها ثلاث إدارات امريكية، منذ الرئيس بيل كلينتون ومرورا بجورج بوش، يعد بمثابة "اعتراف من قبل الولاياتالمتحدة بالدور الريادي الذي يضطلع به صاحب الجلالة على الصعيد الإقليمي كقوة لتعزيز الاستقرار بالقارة".
وأضاف أنه يشكل أيضا اعترافا ب"الدور البناء" الذي يضطلع به المغرب بهدف إيجاد حل نهائي لهذا النزاع المفتعل"، ملاحظا أن هذا الدعم الذي عبرت عنه الولاياتالمتحدة يتجاوز حدود هذه القضية "ليشمل إرساء تعاون قوي بين واشنطنوالرباط بهدف إقامة تعاون ثلاثي الأطراف في إفريقيا، خصوصا في المجالين الأمني والتنموي".