من خلال ما تسرب عن لقاء محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، مع أعضاء جماعته، فإن هذا الأخير قال إن سبب فشل تجربة الإخوان المسلمين بمصر، يرجع بالأساس إلى محدودية تسلل وتغلغل هذه الحركة داخل مؤسسات حساسة مثل الجيش والأجهزة الأمنية. ومادام الشيء بالشيء يذكر فإن عبادي يؤكد أنه لا تقع جماعة العدل والإحسان في الخطأ الذي وقعت فيه حركة الإخوان المسلمين بمصر ، على "ضرورة مواصلة جماعته العمل من اجل اختراق مفاصل والنواة الأساسية للدولة" أي الجيش والأجهزة الأمنية. مضيفا أن جماعة العدل والإحسان مصممة على مواصلة نضالها إلى حين تحقيق أهدافها، على الرغم من محاولات المخزن لإضعافها.
اليوم أفصح عبادي بعدما جمجم كثيرا. فبعدما رددت الجماعة ولسنوات طويلة أن القومة الإسلامية هي ثورة بلا سلاح وبلا دماء، تغيرت رؤيتها مع ما يسمى الربيع العربي، فالجماعة التي كانت تدعي أنها تناهض التوجهات الوهابية كانت من أشد المؤيدين للجماعات التكفيرية بسوريا، وبعثت غلامها، المتابع في العديد من القضايا الأخلاقية، لإعلان دعم هذه الجماعات في عملها الإرهابي وممارسة القتل ضد المواطن السوري الذي لا ذنب له.
إن الربيع العربي غير قناعات العديد من قيادات الجماعة أو منحها الفرصة لتعلن عن قناعاتها، والمتمثلة في كون القومة الإسلامية لا بد لها من سند من مؤسسات الدولة من الجيش والأمن، خصوصا بعد عمليات الانشقاق التي عرفها الجيش الليبي والتي ساهمت بشكل قوي في إسقاط نظام معمر القذافي.
والتغلغل داخل مؤسسة الجيش أساسا ليس جديدا على الحركة الإسلامية، يقول مصدر قيادي في الشبيبة الإسلامية أنه في سنة 1978 تم توجيه جميع الإخوان الذين حصلوا على الباكالوريا للتسجيل في الأكاديميات العسكرية، وذلك قصد تكوين شكل من أشكال الضباط الأحرار.
وكان منتظرا أن تقدم الجماعة على توجهات جديدة بعد رحيل مؤسسها ومرشدها، حيث أنه كان يشكا حاجزا أمامها فقط لأنه سبق أن صرح بأشياء لم يعد قادرا عن التراجع عليها، واليوم لا يجد عبادي حرجا في تغيير توجهات الجماعات، مع ما فتحه الربيع العربي من شهية.
إن ما قاله عبادي ليس غريبا على الجماعة، التي لها قابلية شرعنة كل السلوكات وإيجاد مبررات دينية لها، ولا غرو أن يعمل عبادي ومن يسيره من الخلف على الدخول في مهاترات فكرية وسلوكية تكون قاتلة لجماعته، التي تدعي زورا وبهتانا أن "المخزن" يعمل على إضعافها، مع العلم أن الجماعة تضعف نفسها بنفسها بعزل أعضائها عن العمل داخل المؤسسات.
غير أن عبادي نسي أن مؤسسة الجيش تأسست ومنذ زمان على مفهوم الدولة وحماية الدولة ولا يمكن أن تنخرط في المشاريع التخريبية التي تتبناها التنظيمات الداعمة للإرهاب.