اعتبر الاتحاد المغربي للشغل اليوم الخميس بالدار البيضاء أنه لا خيار أمام الطبقة العاملة سوى التشبث بمطالباها والإصرار على تحقيقها ومواصلة التعبئة والتنظيم لحماية وصيانة مكتسباتها، فيما طالبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمأسسة المفاوضات الجماعية سنويا وقطاعيا، وفتح حوار قطاعي عاجل في الوظيفة العمومية وشبه العمومية والجماعات الترابية، واعتبرت الفدرالية الديمقراطية للشغل أن الحكومة تفتقر لتصور واضح في مقاربة الملف الاجتماعي، ولإرادة حقيقية في اتخاذ إجراءات اجتماعية جريئة لرفع الحيف عن المأجورين . وقال الأمين العام للاتحاد الميلودي مخاريق، في الكلمة التي ألقاها خلال المهرجان الخطابي الذي نظمته المركزية النقابية تخليدا للعيد العالمي للشغل والذي تحتفي به هذه السنة تحت شعار "وحدويون ومعبؤون لتحقيق المطالب العادلة للطبقة العاملة ومواجهة كل التحديات"، "لا خيار أمام الحركة النقابية سوى التشبث بمطالبها وأهدافها، ومواصلة التعبئة والتنظيم لمواجهة الهجوم المعادي لمصالح الطبقة العاملة المغربية، وانتزاع كل المطالب العادلة والمشروعة".
وذكر مخاريق في هذا الصدد بسلسلة الحوارات التي أجرتها المركزيات النقابية مع الحكومة انطلاقا من 15 أبريل الماضي لبحث "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي تعيشها الطبقة العاملة المغربية وعموم المأجورين"، موضحا أنه تم التأكيد في هذه اللقاءات على ضرورة الاستجابة للمطالب ذات الأولوية بالنسبة للشغيلة والمتمثلة على الخصوص في الرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاع الصناعي والتجاري والخدماتي والقطاع الفلاحي، وإعفاء الأجور التي تقل عن أربعة آلاف درهم شهريا من الضريبة على الدخل، وتطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور.
كما تهم هذه المطالب، يضيف مخاريق، تنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق 26 أبريل 2011 ، علاوة على الرفع من الحد الأدنى لمعاشات التقاعد وربطه بالحد الأدنى وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي وتعزيز آليات ممارسة الحق النقابي، وإطلاق المفاوضات القطاعية وتتويجها بإبرام اتفاقية جماعية.
ونوه بالمناسبة بالتزام الحكومة باستئناف المفاوضات الجماعية بعد فاتح ماي لمدارسة باقي النقط المتضمنة في الملف المطلبي الذي قدمته المركزيات النقابية.
وأشار في هذا الصدد إلى اللقاء التقييمي الذي عقدته المركزيات النقابية الثلاث (الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل) أمس الأربعاء والذي توج بإصدار تصريح مشترك، عبرت فيه عن الإرادة النقابية الجماعية الهادفة إلى توحيد الحركة النقابية المغربية، كخيار استراتيجي، واعتبار العمل المشترك مرحليا في أفق الوحدة النقابية المنشودة.
وقال إن "تماطل الحكومة وتلكؤها، وتعاملها بلا مسؤولية مع مطالب الطبقة العاملة" كان وراء قرار المركزيات الثلاث تنظيم مسيرة احتجاجية عمالية سلمية يوم 6 أبريل الماضي، والتي "برهنت من خلالها الطبقة العمالية على أن المغرب "في حاجة إلى حكومة تمتلك القدرة على الإنصات، واستيعاب متغيرات الواقع الوطني، والعمل مع شركائها على تجاوز الأزمات والاختلالات".
وأكد أن الاتحاد المغربي للشغل قرر تنظيم حملة وطنية انطلاقا من هذا اليوم، وطيلة شهر ماي، للدفاع عن الحريات والحقوق النقابية، موضحا أن هذا القرار "جاء نتيجة الهجوم المتكرر على الحريات النقابية ومصادرة الحق في الإضراب المكفول دستوريا، والمحمي بالمواثيق والمعاهدات الدولية، واللجوء إلى الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي، وتعطيل العمل بمدونة الشغل في عدد من القطاعات، والوحدات الإنتاجية مما يعرض الحقوق الأساسية للعمال لمزيد من الانتهاك".
وأشار إلى أن المغرب يتوفر على ثروات طبيعية و بشرية "لم تعرف الحكومات المتعاقبة كيف تحسن تدبيرها"، وهو ما جعله يعيش "على إيقاع نفس ضيق الأفق في ظل غياب تصور واضح، وتخطيط محكم"، مع ما "ترتب عن ذلك من إجهاز على القدرة الشرائية لعموم فئات الشعب المغربي، وتردي الخدمات الاجتماعية، وتبني إجراءات تمهيدية من أجل إلغاء صندوق المقاصة، والإجهاز على أنظمة التقاعد، والتخلي عن الاستثمارات العمومية، والزيادة في الضرائب".
وجدد المسؤول النقابي التأكيد على التزام الطبقة العاملة المغربية، واستعدادها للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، والتصدي لمختلف المناورات التي تحاك ضد السيادة الوطنية.
وجدد السيد مخاريق التأكيد على تضامن الطبقة الشغيلة مع عمال وشعب فلسطين، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك السريع لإنهاء الحصار المضروب على الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
من جانبه قال عبد العزيز إيوي، عضو المكتب التنفيذي للفيدرالية الديمقراطية في المهرجان الخطابي الذي نظمته اليوم الخميس بالدار البيضاء احتفالا بالعيد العالمي للشغل تحت شعار "وحدويون ومعبؤون لتحقيق المطالب ومواجهة التحديات"، إن إعلان الحكومة أمس الأربعاء عن إجراءاتها الاجتماعية من طرف واحد جاء "ضعيف ومتحيز وخاضع لإرادة أرباب العمل".
وأضاف أن الزيادة في الحد الأدنى للأجور التي قررتها الحكومة "هزيلة " وجاءت مجدولة على مرحلتين، إلى جانب بعض الإجراءات مثل التعويض عن فقدان الشغل، وبعض الإجراءات الرمزية والمحدودة في القطاع العام.
واعتبر إيوي أن الحكومة لا تزال مصرة على رفض مراجعة الضريبة على الدخل ، كما ترفض مناقشة السلم المتحرك للأسعار والأجور، و رفع الحد الأدنى للمعاشات ليتساوى مع الحد الأدنى للأجور على الأقل، فضلا عن تجاªلها التزاماتها المتعلقة بالخصوص باتفاق 26 أبريل 2011.
وطالبت الفيدرالية بإصلاح حقيقي وعميق لكل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بمنظور يؤمن التنمية الاقتصادية، ويضمن الأمن الغذائي، والاستقرار الاجتماعي في البلاد، مشددة على أهمية إصلاح المنظومة القضائية وإدماجها ضمن صيرورة دمقرطة المجتمع.
وقال إيوي إن "الزمن الوطني" يتطلب إعمال العقل، وابتكار الحلول، للملفات الكبرى والقضايا التي ترªن مستقبل المغرب وتتطلب الاجتªاد في خلق وتنمية الثروة الوطنية، وصياغة التصورات الإستراتيجية التي تمكن المغرب من التقدم والتطور المنشودين.
وذكر في هذا السياق بالمذكرة المشتركة التي قدمتها المركزيات النقابية الثلاث (الاتحاد المغربي للشغل والكونفدالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل) للحكومة في فبراير الماضي والتي طالبت فيها بتحسين الدخل والأجور وتنفيذ بنود اتفاق 26 أبريل 2011 ، فضلا عن مطالب أخرى لªا علاقة بضمان الحريات النقابية والحماية الاجتماعية وتحسين أوضاع المتقاعدين.
وذكر بمبادرة المركزيات العمالية الثلاث توحيد عملها نحو ترسيخ وحدة الطبقة العاملة، كقوة اجتماعية فاعلة ومؤثرة في الساحة الوطنية ،داعيا إلى المزيد من الوحدة العمالية للحفاظ على المكتسبات الاجتماعية للعمال، ولمواصلة النضال دفاعا عن حقوقªم المادية والاجتماعية والمªنية، وحقªم في الممارسة النقابية وصونا لكرامتهم.
وفي ما يتعلق بالقضية الوطنية سجلت الفيدرالية تواصل مبادرات المغرب الرامية إلى إشراك المزيد من مواطني الأقاليم الجنوبية في المجهود التنموي والديمقراطي، والمتمثلة في إرساء فروع للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية وتقديم نموذج جديد لتنمية الأقاليم الجنوبية .
وجدد إيوي التأكيد على التشبث الراسخ بالوحدة الترابية للمغرب ، معتبرا أن الاستمرار في تعميق الاختيار الديمقراطي بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية ªو السبيل الأمثل لإحباط مخططات الخصوم.
كما أكدت النقابة على ضرورة الاستمرار في فضح مأساة ومعاناة المحتجزين في مخيمات العار وفضح الخطابات المضللة التي يروج لªا الخصوم حول حماية حقوق الإنسان في المنطقة، في الوقت الذي يتغاضى فيª المجتمع الدولي، وبشكل فاضح عما يجري في ªذه المخيمات من خرق سافر لحقوق الإنسان.
ومن جانب آخر نوهت النقابة بالمبادرة الوحدوية التي أقدم عليªا الفلسطينيون مؤخرا بالتوافق المعلن بين حماس وفتح، والذي وضع حدا لسنوات من التمزق والتفرقة في أفق تكوين حكومة وحدة وطنية.
وعبرت عن التضامن اللامشروط مع الشعب الفلسطيني في مواجªة غطرسة إسرائيل التي تعمل باستمرار على تقويض دعائم وحدة الشعب الفلسطيني من خلال تماديªا في استعمال كل الآليات التدميرية للمعالم الحضارية والثقافة الوطنية والروحية والإنسانية الفلسطينية.
إلى ذلك طالبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في كلمة ألقاها اليوم الخميس بالدار البيضاء نائب الكاتب العام للنقابة السيد عبد القادر الزاير في المهرجان الخطابي الذي نظمته احتفالا بالعيد العالمي للشغل تحت شعار "وحدويون ومعبؤون لتحقيق المطالب العادلة للطبقة العاملة ومواجهة التحديات"، باحترام الحريات النقابية، وضمان الحماية الاجتماعية لكافة الأجراء، وإصلاح صناديق التقاعد وتعميم التغطية الصحية وتحسين جودة الخدمات وتوسيع دائرة المستفيدين.
واعتبرت النقابة ان الوضع الاجتماعي الحالي بات يفرض مواصلة البحث عن سبل تنظيم تفاوض جماعي حول المطالب العمالية، مشيرة الى ان البلاد "تتوفر على إمكانيات وطاقات بشرية وطبيعية هائلة، وتتوفر على كل الشروط للنهضة التاريخية للتغلب على كل المشاكل والمعضلات الكبرى شريطة إعادة النظر في التدبير والتسيير بمقاربات شمولية تقطع مع كل الحلول الجزئية والترقيعية".
ودعت النقابة الطبقة العاملة إلى "الانخراط في كل إصلاح حقيقي بمنظور يجعل مصلحة المغرب تسمو فوق كل الاعتبارات والحسابات مهما كانت".
وأشارت إلى أن "المغرب اليوم في سياق المتغيرات العربية، والتحولات النوعية التاريخية الدولية، في حاجة ماسة إلى تقوية الذات الوطنية في كليتها" بما يمكن "من مواجهة كافة التحديات الداخلية والخارجية"، مشيرة إلى أن الحركة النقابية، ووعيا منها بهذه الأهداف والمنطلقات، أقدمت من خلال المبادرة التي جمعت بين الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل على توحيد الصف النقابي بغية تحويل الطبقة العاملة إلى "قوة اجتماعية فاعلة ومؤثرة في الساحة الوطنية، بما يعيد التوازن والتماسك المجتمعيين".
وأعربت، بالمقابل، عن أسفها "لاستمرار الحكومة في نهج أسلوب الاحتواء والتماطل والتردد في الاستجابة المعقولة لمطالب الشغيلة المغربية قبل فاتح ماي"، محذرة مما قد يترتب عن عدم التزام الحكومة بتنفيذ الوعود والالتزامات مع النقابات.
وجددت المركزية النقابية مطالبتها الحكومة بالاستجابة للملف المطلبي للطبقة الشغيلة، ومن ضمنه على الخصوص الزيادة في الأجور والمعاشات، والرفع من الحد الأدنى للأجور، واعتماد السلم المتحرك للأسعار والأجور، وتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل لا سيما التصديق على الاتفاقية 87 المتعلقة بالحرية النقابية، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، وتفعيل التعويض عن فقدان الشغل وبنود مدونة الشغل.
وفي سياق رصدها لما اعتبرته "اختلالات اجتماعية" ، دعت الكونفدرالية إلى الانخراط في إصلاحات اجتماعية واقتصادية حقيقية، ونهج سياسات اقتصادية ببعد اجتماعي من شأنها توفير شروط التشغيل والقضاء على البطالة.
وبخصوص ملف الوحدة الترابية للمملكة، اعتبرت الكونفدرالية أن "ما يروج له الخصوم، من قبيل حماية حقوق الإنسان في المنطقة مقولة مضللة ومغلطة للمجتمع الدولي، لاعتبارات يعرفها الجميع، ويتغاضى عن طرحها لأسباب مصلحية"، متسائلة عن وضعية حقوق الإنسان بكل من الجزائر ومخيمات تندوف، وداعية الدولة الجزائرية "إلى مراجعة أطروحتها اللاتاريخية في تعاطيها مع قضية الصحراء".
وبعد أن ذكرت أن تحصين الوحدة الترابية في الأقاليم الجنوبية تعد الانشغال المركزي الأول للكونفدرالية الديمقراطية للشغل وللحركة النقابية المغربية منذ عقود، وليس اليوم فقط، أكدت أن الطبقة العاملة، وإلى جانب كافة أبناء الشعب المغربي، "لن تسمح لمخطط الدولة الجزائرية المعادية للمغرب بأن يمر"، مؤكدة أن مآل هذه المخططات "هو الفشل الذريع، لاعتبارات كثيرة، في مقدمتها أن المغرب دولة وشعبا كذات وطنية واحدة قادرة على الدفاع عن وحدة التراب الوطني وتحصينه".
وبخصوص القضية الفلسطينية، عبرت الكونفدرالية عن إدانتها الشديدة ل" تمادي الكيان الصهيوني في استعمال كل الآليات التدميرية للآثار والثقافة الوطنية والروحية والإنسانية الفلسطينية"، مشيدة ب"الخطوة الجريئة التي أقدمت عليها الفصائل الفلسطينية في أفق وحدة التصور وتوحيد أساليب المواجهة، والمقاومة"، ومعربة عن "تضامنها المطلق مع كفاحات الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، في أفق بناء الدولة الوطنية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".