أكد خبراء بالفرع الإقليمي لمركز الدراسات الدبلوماسية والإستراتيجية بدكار (مقره بباريس)، أمس الخميس، أن المجتمع الدولي مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى تحمل مسؤولياته الكاملة والعمل على وضع حد للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بمخيمات تيندوف . وأضاف هؤلاء الخبراء، خلال اللقاءات الجيوسياسية التي نظمها مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية أمس الخميس في العاصمة السنغالية، أن الساكنة المحتجزة لدى "البوليساريو"، مازالت تتعرض لفظاعات خطيرة وذلك على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، ما يستدعي التدخل بشكل فوري من أجل إغلاق هذه المخيمات، بغية تمكين هؤلاء المغاربة من معانقة الحرية والالتحاق بوطنهم الأم والعيش بكرامة.
ولاحظوا أن "استمرار ممارسة الأعمال الوحشية في حق هؤلاء السكان الذين تتخذهم ميليشيات +البوليساريو+ كرهائن في مخيمات تندوف، المنطقة التي ينعدم فيها القانون، من شأنه تهديد استقرار وأمن المنطقة بأكملها، علما أن الروابط بين ميليشيات +البوليساريو+ وإرهابيين من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي باتت قائمة ومثبتة ".
ودعا المدير العام للفرع الإقليمي بدكار لمركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية باباكار ديالو ، في هذا السياق، إلى إغلاق مخيمات تيندوف، معتبرا أنه لا يوجد هناك سبب لحجز ساكنة ضدا على إرادتها في هذه المخيمات لغرض واحد وهو خلق كيان مصطنع، لا يوجد أصلا وليس هناك مبرر لوجوده.
وفي السياق ذاته، أعرب عن أسفه لتوظيف قضية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية للمغرب فقط بنية تشويه صورة المملكة، ملاحظا أن هذا البلد يستحق تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن يشق طريقه بهدوء نحو المزيد من التقدم والديمقراطية والحريات والانفتاح.
وأبرز ديالو أن مقترح الحكم الذاتي الذي وصفه المجتمع الدولي بÜ"ذي المصداقية والجدي " يشكل السبيل الوحيد الممكن للتسوية النهائية والفورية لهذا النزاع المفتعل من قبل أعداء الوحدة الترابية للمغرب.
من جهته، تطرق عبد اللطيف أيدارا، خبير ومحلل جيو سياسي بفرع دكار لمركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية إلى الظروف السوسيو اقتصادية الصعبة للغاية في مخيمات تيندوف والبطالة وانسداد أفق فرص العمل، مؤكدا أن هذه العوامل كفيلة بتشجيع تجنيد الشباب المنحدرين من مخيمات تندوف من قبل جماعات إرهابية ، مسجلا أنه لم يعد هناك سبب لوجود هذه المخيمات، لاسيما وأنها تشكل خطرا على المنطقة برمتها.
وأبرز أن مخيمات تيندوف أصبحت "حقلا للإرهاب الدولي وقاعدة خلفية لجميع الإرهابيين المتورطين في جرائم ارتكبها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في شمال مالي".
وسلط أيدارا، وهو أيضا مدير ندوة حول "المحيط الأمني للدول"، الضوء على جميع الجهود التي يبذلها المغرب من أجل تسوية هذا النزاع المفتعل الذي طال أمده ، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي لديه بالفعل حل لا يمكن أن يتم تصوره خارج مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة والذي حظي بتأييد كبير نظرا لجديته ومصداقيته.
من جهة أخرى، أعرب عن أسفه إزاء إصرار أعداء الوحدة الترابية للمملكة على توظيف قضية حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية للمغرب.
وقال إن المغرب قطع أشواطا هامة في مجال النهوض باحترام حقوق الإنسان، وهذا يظهر جليا في مجموع أرجاء التراب الوطني، مشيدا بالتقدم والتنمية اللذين تعيش على إيقاعهما الأقاليم الجنوبية للمملكة خلال السنوات الأخيرة.
وفي معرض حديثه عن مكافحة الإرهاب في المنطقة، في ارتباط بالأزمة في مالي، أوضح أن الأمر هنا لا يتعلق بقضية تهم دولة واحدة فقط كما تحاول الجزائر البرهنة على ذلك، إذ وفي معرض بحثها بشكل جلي عن دور ريادي في المنطقة، لا تدخر جهدا لإبعاد المغرب عن هذه القضية.
وذكر بأن "المغرب يتوفر على تجربة في هذا الميدان وعلى جميع الوسائل للمساهمة في حفظ السلم والاستقرار في المنطقة وذلك بفضل التبصر والعبقرية والدينامية الدبلوماسية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وإرادة جلالته نسج علاقات شراكة جنوب-جنوب بناءة مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ترتكز على تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة".
وخلص إلى القول بأن محاربة الإرهاب يجب أن تكون مسألة تهم الجميع وأن التعاون الفاعل والوثيق بين كافة الأطراف المعنية، يعد وحده الكفيل بتحقيق النتائج المرجوة.
يشار إلى أن هذا اللقاء، الذي نظم حول موضوع "مكافحة الإرهاب، حقوق الإنسان والأمن :تحليل الوجه الخفي للأزمة في منطقة الساحل والصحراء من تيندوف إلى شمال مالي"، عرف مشاركة أكاديميين ودبلوماسيين وملحقين عسكريين وفي الدفاع ، إلى جانب باحثين وجامعيين .