أعلن مؤخرا الوزير الجزائري المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، عبد القادر مساهل من بروكسل، أنه من المرتقب عقد لقاء دولي حول الأمن في دول الساحل، تحت عنوان " الجزائر 2 " بحدود شهر فبراير المقبل في واحدة من دول المنطقة. صرح الوزير عبد القادر مساهل خلال لقاء صحافي عقب المحادثات التي شارك فيها إلى جانب وزيري الشؤون الخارجية لمالي والنيجر، وسفير موريتانيا مع رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كاترين أشتون أنه: ''من المحتمل أن يجري هذا اللقاء الدولي في باماكو أو نيامي''. وحسب الوزير الجزائري فمن المنتظر مشاركة كل من ليبيا وتونس ومصر والمغرب الذي يحضر لأول مرة اجتماعا أمنيا لدول الساحل. وستتم خلال هذه الندوة الدولية مناقشة الوضع في المنطقة وخاصة الخسائر الجانبية التي نجمت عن الأزمة الليبية، ومشكلة انتشار الأسلحة في هذا البلد التي جعلتها السلطات الجديدة '' أولوية''. إنقلاب الموقف الجزائري من المعروف أن الجزائر قد أصرت في السابق على استبعاد المغرب عن اجتماع أمني لدول الساحل بهذا الحجم، والذي كان يدخل في إطار" الخط الإستراتيجي الثابت" للدولة الجزائرية. وهو الأمر الذي يقضي بتهميش دور المغرب في كل المنتديات الجهوية والإفريقية، لكون إشراكه – حسب المحللين – يحمل اعترافا ضمنيا من قبلها بأن المغرب ممتد إلى الصحراء، أي محاذ لدول الساحل والصحراء، وهو ما كان من الصعب القبول به من طرف النظام الجزائري في الفترة السابقة، علما أن الجزائر أرادت من خلال انفرادها بتدبير ملف الأمن في دول الساحل والصحراء أن تثبث للدول الكبرى بأنها لوحدها وبإمكانياتها الذاتية وبالتنسيق مع الدول المعنية، قادرة على القضاء على الخطر الإرهابي. فما الذي يفسر هذا الإنقلاب في الموقف الجزائري إزاء مشاركة المغرب في الإجتماع الأمني المرتقب في فبراير المقبل ؟ الأوضاع الأمنية أحدى أسباب تبدل موقف الجزائر حسب نور الدين ظريف، عضو المجلس الملكي الإستشاري للشؤون الصحراوية، يدخل هذا التحول في الموقف الجزائري إزاء مشاركة المغرب في اللقاء الدولي المرتقب " الجزائر 2 "، في سياق تداعيات العملية الإرهابية والمتجلية في خطف ثلاثة أجانب (إسبانيان و إيطالي) داخل مخيمات تندوف على التراب الجزائري، الأمر الذي فرض على الجزائر تليين موقفها إزاء المغرب، خاصة أن هذه المخيمات تقع تحت سيطرتها الأمنية، ما يعني أنها المسؤولة عن مراقبة عمليات الدخول والخروج منها. أما العامل الثاني حسب ظريف، فيعود إلى الإنتشار المكثف للأسلحة الليبية والتي تم نهبها من خزائن القذافي بعد سقوط نظامه. وحاجة الجزائر ودول المنطقة إلى مشاركة المغرب في هذا التحالف تعود إلى مواجهة التحدي الأمني الجديد، خاصة أن الأسلحة الليبية أصبحت منتشرة بقوة في الأراضي الليبية وحتى في أسواق مالي والتشاد وموريتانيا، بل حتى داخل مخيمات تندوف في الجزائر حيث لم يعد بإمكان الجزائر ودول المنطقة مراقبة حدودها الشاسعة لضمان عدم تسرب الأسلحة. من جهته أشار ادريس العرفي أستاذ العلاقات الدولية والإستراتيجية إلى أن تحول منطقة الساحل الممتدة من موريتانيا إلى التشاد، إلى منطقة استراتيجية ابتداءا من عام 2008 (توسيع عمليات القرصنة والخطف بهدف الحصول على المال والسلاح الذي يوظف لاستمرار العمليات العسكرية في شمال الجزائر)، ودخول الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا في تحالف لملاحقة فلول القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كلها عوامل حالت دون التوصل إلى قرارات حاسمة نظرا لاختلاف وجهات النظر بين هذه الدول في سياساتها العامة، ففي الوقت الذي كانت تصر فيه الجزائر على رفض مشاركة المغرب نظرا للعلاقات المتدهورة والحرجة معه طيلة عقود، وتفضل حصر التعاون بين الدول التي تطل على الساحل، ترى مالي ان التعاون يجب ان يتسع ليشمل بلدانا كالمغرب ونيجيريا، خاصة ان جماعة إسلامية- بوكوهرم- متمركزة في هذه الأخيرة تنشط في الأراضي الشمالية في مالي. بالإضافة إلى عوامل حديثة ساعدت على إدراج المغرب ضمن تحالف دول المنطقة لمكافحة الإرهاب، خاصة بعد استهداف الجماعات الإرهابية للمغرب مؤخرا. وفي هذا الصدد لا يستبعد العرفي تورط القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في العملية الارهابية التي وقعت في ساحة جامع في مراكش ومن ناحية أخرى، يشير العرفي، إلى أن الجزائر أصبحت مطوقة بعد سقوط حليفتها ليبيا القدافي التي تربطها معها حدود شاسعة، ولم تعد تمتلك العمق الاستراتيجي بعد الانتشار الفظيع للأسلحة والذي يهدد أمن ومصالح البلدين. المغرب نجح بمكافحة الإرهاب ويوضح الإعلامي إبراهيم أفروخ، عضو المكتب التنفيذي لرابطة أنصار الحكم الذاتي بالصحراء، دعوة الجزائر إلى المشاركة في اللقاء الدولي المرتقب " الجزائر 2 "، لمحاربة الإرهاب بكون المغرب ينهج خطة محكمة في التعاطي مع كل مخاطر الإرهاب، فهو لا يرى مانع من التنسيق مع الغرب لحماية مجالاته الجغرافية ونقل خبراته في هذا الميدان إلى دول الجوار وأعضاء دول الساحل والصحراء. وقد استطاع حماية حدوده البرية والبحرية منتهجا بذلك سياسة الاستباق الأمني والتنسيق الدولي وقوة المعلومة للتصدي للخطر الإرهابي، حيث استطاع منذ عام 2002 تفكيك أكثر من 60 خلية إرهابية، كان بعضها في طور التشكل، مقابل الفشل الذي تتخبط فيه دول المنطقة التي تنتهج اسلوب الردع العسكري في مواجهة التهديدات الارهابية. كما حذر أفروخ من خطورة الأسلحة التي وضعها القذافي بيد مليشيات البوليساريو التي أصبح لبعض قيادتها، حسب أفلروخ، صلة بالتنظيمات الارهابية ومافيا المخدرات والاتجار الدولي بالأسلحة كما جاء في تقارير استخباراتية تطرقت لها وسائل إعلام دولية