بجرأة نادرة في انتقاد الظواهر التي تملأ الشارع فكك المختار لغزيوي، رئيس تحرير الأحداث المغربية والكاتب الصحفي المهتم بقضايا الفن، الألبوم الأخير لمعاذ بلغوات "الحاقد"، وقال لغزيوي "استمعت لكثير الشتائم في الألبوم، سباب من الألف إلى الياء، عبارات موغلة في الدفع نحو الاشمئزاز، واقتنعت بأن الشاب الذي قدموه لنا في لحظة من اللحظات بأنه ضمير الشعب وصوت ثورته المقبلة هو مجرد "شمكار" يسب الناس، ومعذرة على الكلمة لكنها ليست سبا، وإنما هي وصف لما قاله بلغوات في الألبوم منذ أغنية "نص إيطرو" إلى "تحربيشة". وأضاف لغزيوي "لا مشكل لدي مع السياسة أو مع أن ينتقد الحاقد من يريده في الألبوم، أو في أن يستعمل اللغة العارية القاسية استعمالا فنيا فعليا لإيصال رسالته الجذرية. المشكل لدي هو في أن نعوض انعدام الموهبة بالسب والشتم والكثير من اللعنات، وأن نتصور لمجرد أننا شتمنا المغرب طولا وعرضا أننا بالفعل أنجزنا شيئا".
فالحاقد ليس فنانا ولكنه صناعة من صناعات الشارع، فمع بروز ما يسمى "الربيع العربي" عمدت جهات معينة إلى تسطيح الفكر والفن وكل شيء. فكما تمكن الربيع العربي من صناعة ثوار في خمسة أيام استطاع صناعة فنانين في خمسة أيام. والحاقد واحد من هذه النماذج حيث يريد من صنعه أن يقدمه على أنه يمثل ضمير الشعب غير أنه ليس سوى واحدا ممن يتقنون "لغوات" أي الصراخ. فالصراخ لا يمكن أن يصنع فنانا. والجرأة على قول الكلام الخاسر لا تجعل من الشخص صانعا للفن.
فمهما زعق الحاقد "على نفسه أولا" فلن يكون فنانا. فالراب فن وليس ترديد للكلام وبأي طريقة تروق لأي حاقد ليردد السب والشتم ويسميه الفن.
ذات زمان كان الشاعر لا يسمى شاعرا إلا إذا بدأ قصيدته بأبيات وطنية حتى لو كانت ركيكة ولم تكن فيها اقتراحات جمالية ولم تكن تمت للشعر بصلة، ولا يسمى شعرا حتى لو كان أحلى الكلام إن لم يتحدث عن الثورة. الفرق بين الزمنين أنه في الزمان الآخر كانت هناك جدية ومبدئية، أما اليوم فنماذج "الثوار" هم من لم يجد شغلا فاحترف الثورة، سواء كان حاقدا على نفسه وعائلته أو نموذج زعيم الثوار الذي تم اعتقاله بتهمة ممارسة الشذوذ الجنسي أو الاتجار في المخدرات.
ما أراد أن ينبه إليه لغزيوي هو أن الفن ليس شتيمة وسبابا ولكنه إنتاج للكلمة الجميلة، ولن يصنع الصراخ من "شمكار" فنانا.