لم يعد الجدل حول قضية "نظرية النوع" أو جنس الإنسان مقتصرا على فرنسا وحدها، فها هو موقع التواصل الاجتماعي الأشهر، "فيس بوك" والمعروف بتصدره طليعة المدافعين عن حقوق المثليين، يشعل ساحة الجدل مجددا بتعديله، يوم الخميس الماضي، سياسة تسجيل نوع المشترك في الموقع وإضافته لأكثر من 50 اختيارا جديدا للنوع ليعطي بذلك دفعة إيجابية لهؤلاء الذين يقولون إن هناك طرقا أخرى لتعريف جنس الإنسان غير الطريقة التقليدية التي تحصر النوع في الذكورة أو الأنوثة. التعديلات الجديدة بدأ تطبيقها في الولاياتالمتحدة فقط حتى الآن. علل "فيس بوك" تلك التعديلات في بيان له، نشر على موقعه يوم الخميس الماضي، بقوله "حتى يشعر المستخدمون بالاتساق والتناغم بين ذواتهم والتعريف الذي ارتضوه لنوعهم" وأضاف الموقع "كانت قائمة النوع الجديدة حصيلة التعاون مع عدد من المنظمات المدافعة عن حقوق المثليين والمتحولين حتى يكون التعديل عاكسا للهويات الجنسية الحقيقية التي يصف بها أكبر عدد من الناس أنفسهم" ومن الآن فصاعدا سيكون لمستخدمي الموقع حق الاختيار بين 56 نوعا مغايرا للنوعين التقليديين، ذكر أو أنثى.
وتضم القائمة الجديدة عددا من التعريفات الجديدة للنوع مثل: مخنث ومتحول جنسيا ومثلي أو مزدوج الجنس. إضافة لعدد آخر من التصنيفات مثل: "رجل متحول" أو "أنثى متحولة". ضمت القائمة عددا آخر من المصطلحات والتصنيفات الجنسية التي لم تجد لها أي صدى في دول عديدة مثل فرنسا، كمصطلح "ليس ثنائيا" وهو موقف أكثر منه تصنيف نوعي فصاحب هذه الاختيار لديه مشكلة في أن يصنف كرجل أو امرأة. أيضا مصطلح "مزدوج الروح" هو مصطلح مستخدم بكثرة بين هنود أمريكا الجنوبية للإشارة إلى "الجنس الثالث" وهو المصطلح الذي يعني "ليس رجلا تماما وليس امرأة تماما".
أما بالنسبة للأشخاص الذين لم يجدوا المصطلح الدقيق لتصنيف نوعهم الجنسي يمكنهم رفض التعريف الآلي الذي يصفهم به "فيس بوك" وهو التعريف بكلمتي "هو" أو "هي" ويستطيعون الآن اختيار التعريف بكلمة "هم" (they) بالإنجليزية.
بالطبع تلك التعديلات الجديدة وجدت من يحييها ومن ينتقدها. من الطرف الأول نجد جميع المنظمات المعنية والمتعاطفة مع حقوق المثليين والمتحولين التي وصفت تلك التعديلات بأنها أصبحت معبرة حقا عن الهويات الجنسية للمستخدمين الذين سيستطيعون الآن، وخاصة الأشخاص "عابرو النوع"، من التحدث عن أنفسهم بكلماتهم هم.
ومن الطرف الآخر، نجد تقريبا كل المنظمات الكاثوليكية التي لم تنتظر طويلا لإبداء ردة فعلها، وعلقت قائلة "‘فيس بوك‘ يمكنه فعل ما يحلو له إلا أنه لا يستطيع تجاهل الحقيقة الأبدية التي تقسم البشر إلى ذكور وإناث". كان ذلك تصريح جيف جونسون، عضو جمعية كاثوليكية في دنفر، لليومية البريطانية "الغارديان".
في الحقيقة "فيس بوك" ليس الوحيد بين عمالقة الإنترنت في الاعتراف بحقوق المثليين والمتحولين؛ فشركتا "غوغل" و"آبل" كانتا سباقتين ومنذ سنوات في الاعتراف بحقوق موظفيهما "عابرو النوع". كما أن "غوغل" عبرت عن تعاطفها هذا مؤخرا وبمناسبة افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي عن طريق إعادة تصميم شعارها حسب ألوان قوس قزح وبطعم الاحتجاجات على إجراءات التمييز الجنسي في روسيا.