استغل نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية خروج حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية إلى صف المعارضة، بشكل سمح له بتقديم نفسه كبديل طبيعي في حكومة عبد الإلاه بنكيران، وقال نبيل بنعبد الله في اجتماعات جانبية إن الأوروبيين لا يمكن أن يقبلوا بحكومة مشكلة في أغلبها من محافظين في إشارة إلى العدالة والتنمية والإستقلال والحركة، حيث يبقى أمرا ضروريا تطعيمها، بمجموعة من الوزراء الحداثيين والتقدميين، من أمثال بنعبد الله نفسه. وأشارت مصادر متطابقة إلى أن الأمين العام للتقدم والإشتراكية وبسبب الفراغ الذي تركه حزب الإتحاد الإشتراكي الذي اضطر بضغط من القواعد إلى التموقع في المعارضة، قرر التفاوض من موقع قوة، من خلال عدد الحقائب الوزارية التي طالب بها، ونوعية هذه الحقائب، مشيرة إلى أن بنعبد الله اعتبر نفسه معادلة أساسية في حكومة بنكيران، كونه يمثل التيار التقدمي الحداثي داخل المشهد السياسي المغربي، وبالتالي فإن حضوره يجب أن يكون قويا وفاعلا.
وكان عبد الإلاه بنكيران متحفظ بقوة بشأن ضم حزب التقدم والإشتراكية إلى التحالف الحكومي، بسبب الجرعة الزائدة للحزب فيما يخص الحريات الفردية، وموقفه من كثير من القضايا، إلى جانب أن الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية خرجت من رحم الحزب حين كان التقدمي سعيد السعدي وزيرا في حكومة اليوسفي، وأشارت المصادر إلى أن بنعبد الله لم يعر الإهتمام إلى الجانب الإيديولوجي في مطالبه بالإستوزار، موضحة أنه لن يقبل بغير وزير دولة بحقيبة، أي وزير دولة مكلف بقطاع معين، إلى جانب حقيبتين على الأقل وكتاب دولة، وذلك تماشيا مع موقعه في الحكومة المنتهية ولايتها، وأضافت المصادر أن بنعبد الله، يعتبر وزارة الإتصال مكسبا للتقدم والإشتراكية ولا بد أن يحتفظ بها، رغم ما رافق تدبير الحزب لهذا القطاع من كوارث كادت تعصف به.
من جهة أخرى وجد بنكيران نفسه أمام مقصلة حزب الحركة الشعبية، الذي رفض التنازل عن حقه في الإستوزار، وألا يكون مجرد مكمل للمشهد الحكومي، أو ديكور يلجأ إليه بنكيران لتأثيث أغلبيته، وقالت المصادر إن الحركة الشعبية طالبت بمقاعد توازي موقعها السياسي كحزب يمثل الأمازيغيين والعروبية، مشددة على أن العنصر لن يقبل بوزارت عادية وبدون فائدة، وهو الأمر الذي فسرته المصادر بالضغوطات التي واجهت الأمين العام لحزب الحركة الشعبية من الداخل، بسبب رغبة كثير من الوجوه الحركية في الإستوزار، سواء تعلق الأمر بوجوه قديمة أو وجوه جديدة، وأضافت أن حزب الحركة الشعبية استغل بشكل إيجابي قرار الإتحاد الإشتراكي الإصطفاف في المعارضة، خصوصا أن خيارات عبد الإلاه بنكيران بدأت تتضاءل للوصول إلى عتبة 200 مقعد للأغلبية، وبات مطالبا بفتح قنوات الإتصال مع حزب العنصر، بل والتنازل عن كثير من الحقائب لفائدته، وهو ما فسره مراقبون بتراجع بنكيران عن قرار سابق باكتفاء حكومته ب 15 حقيبة فقط.