أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد "سيدي الغندور" بمدينة الرباط. و في مستهل خطبتي الجمعة، أكد الخطيب أن الإسلام ، الذي أعطى للعمل قيمة عظيمة، ربط هذه القيمة بالدافع من وراء العمل وبالقصد المرجو من القيام به، مبرزا أن الله سبحانه وتعالى خلق الجن والإنس لغاية عظيمة وهي عبادته وحده لا شريك له بإخلاص القصد والنية له في كل طاعة أو عمل يقوم به العبد.
وأوضح أن كل عمل يتقرب به المؤمن إلى الله تعالى، لا بد فيه من نية خالصة للمعبود سبحانه، وأن المراد بإخلاص النية هو تجرد القلب مما يخل بالعبادة من رياء أو إرادة غير وجه الله بتلك العبادة أو العمل، لأن من المقرر شرعا أنه لا عمل إلا بنية.
وقال الخطيب إنه نظرا لأهمية النية في الإسلام فإن المسلم يؤجر على نيته سواء قام بالعمل أو صرفه عنه صارف، مؤكدا أنه مما ينبغي علمه والعمل به هو أن الله تعالى ،الذي فرض على العباد عبادته وأوجب عليهم طاعته، اشترط عليهم الإخلاص فيها، لأن كل عمل من أعمال العبادة والطاعة لا يقترن بالإخلاص لله لا ينفع صاحبه. و أضاف أن الله تعالى ينظر إلى قلوب العباد وما يعتمر فيها من إخلاص أو رياء ليترتب بعد ذلك التواب أو العقاب، فمقدار العمل مهم و لكن الإخلاص فيه هو الأهم، ذلك أن العمل القليل المقبول خير من العمل الكثير الذي لا يتوفر فيه شرط القبول، ومن هنا كان التفاوت في الأجور والمضاعفة في الحسنات، مبرزا أن السر يكمن في الإخلاص الذي في القلوب ، حيث يرى له الناس شواهد وعلامات و يطلع عليه علام الغيوب، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فعلى قدر نقاء السريرة، وصفاء العمل يكون الجزاء العظيم، وبصلاح المقصد وإخلاص العمل ينال العبد الأجر المضاعف من الله تعالى.
وأكد الخطيب أن من أعظم ما في الدين الإسلامي الحنيف ، المثوبة على أمور الحياة كلها بحسب نية صاحبها، فمن أكل وشرب أو نام من أجل أن يتقوى على العبادة، فإنه يثاب على أكله وشربه ونومه، وإن كل ما يطعمه الإنسان وينفقه على نفسه وزوجه وأولاده وأبويه، مادام بنية الخير، فهو له صدقة يؤجر عليها.
كما شدد الخطيب على أن النية هي من أعظم ما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان في كل عبادة وطاعة لله، إذ عليها مدار الفلاح أو الخسران، فصلاح القلب بصلاح العمل وصلاح العمل بصلاح النية والقصد، فرب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل عظيم تفسده النية، موضحا أن ذلك لا يعني ترك العمل، بل على العبد أن يعمل و يعبد الله و يجتهد في تحري الإخلاص وحسن القصد وأن يقوم بواجبه الدنيوي كما يقوم بواجبه الديني التعبدي، فيخلص في عمله ووظيفته، ويسعى إلى خدمة الناس وقضاء حوائجهم، و يبذل قصارى جهده في أداء واجبه الديني والوطني. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين ويعلي به راية الإسلام والمسلمين، و يسدد خطاه ويحقق مسعاه ويحفظه في ولي عهده، صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته الواسعة الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويطيب ثراهما ويكرم مثواهما.
و بعد صلاة الجمعة، تقدم للسلام على جلالة الملك السيد محمد القبلي، مدير المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، الذي سلم لأمير المؤمنين مجموعة من المؤلفات التي أمكن انجازها برسم سنة 2013 ، إما لرصد أعمال لقاءات علمية منظمة من قبل هذه المؤسسة ، وإما قصد تناول بعض المواضيع المتصلة أساسا بتاريخ المغرب من مختلف الزوايا.