بعد غياب طويل، أطلّ علينا السيد رشيد بلمختار وزير التربية الوطنية و التكوين المهني إطلالتين إعلاميتين، الأولى في استجوابٍ قصير أجرته معه لاماب و الأخرى خلال استضافته من طرف القناة الثانية في مستهل نشرتها المسائية ليوم الإثنين 03 فبراير 2014. وتأتي هذه الإطلالات الإعلامية كرد فعل من طرف سيادة الوزير بعد ما أثاره برنامج مسار أو ما يصطلح عليه "منظومة مسار الإلكترونية"، من جدلٍ واسعٍ و ردود أفعالٍ مختلفة الصيغ داخل أوساط المهتمين و المتدخلين في قطاع التعليم و داخل أبرز حلقاته و مكوناته ، أخطرها كانت احتجاجات تلاميذ السلك الثانوي في معظم المدن المغربية و التي وصلت أحياناً حدّ التخريب و إتلاف ممتلكات مؤسسات الدولة (الثانوية التأهيلية بابا أحمد بن محمد يحظيه بالعيون نمودجاً )، الشيء الذي حدا بالكثير من المتتبعين السياسيين إلى دق ناقوس الخطر و تحميل الوزارة الوصية و وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة لما آلت إليه الأوضاع جراء الحراك التلاميذي، كما لاق للبعض أن يوجه أصابع الإتهام للأساتذة بصيغة غير مباشرة وبأنهم من يقف وراء تحريض هؤلاء التلاميذ. و الظاهر أن ما عرفه برنامج مسار من تعتيمٍ و لبسٍ لن ينطلي حتى على الموتى وهذا ما نسجله ضداً على الوزارة الوصية كتقصير و انفراد و ارتجالية في تدبير قطاعٍ حسّاس كما ندعو دائماً إلى القطع المطلق مع التسيير البيروقراطي و إعمال مبدأ التشارك والسجال الواضح و المفيد...
أما الأستاذ اليوم فقد استبدلت الألسن مكان "الحجّام" به، ليصبح المثل الشعبي المغربي بصيغةٍ جديدة "طاحتْ الصمْعة علْقوا الأستاذ" عوض"طاحت الصمعة علقوا الحجّام" (سقطت الصومعة فاشنقوا الحلاق)..!!!! لسوء الحظ صادف استضافت القناة الثانية للسيد الوزير شهر فبراير ولو تمت في شهر أبريل لاكتفينا باعتبار ما تلفّظ به سعادته كذبة أبريل، فبعدما طرح المذيع سؤاله المحتشم ( كما لو كان يعي جيداً أن جواب سؤاله من الواضحات و شرح الواضحات من المفضحات) على الوزير حول ما إذا كان العتاد المعلوماتي والتجهيزات الإلكترونية المتواجدة بالمؤسسات التعليمية ستفي بغرض العمل فعليّاً ببرنامج مسار، أجابه الوزير بما مضمونه:"بطبيعة الحال ما كنّا لنبدأ بالإشتغال ببرنامج مسار لو لم نتوفر على التجهيزات و لو لم تُعطى (تتوفر) للمؤسسات مؤسسة بمؤسسة! كما أن هناك تكوينات للأساتذة و المسؤولين الإداريين بالمدرسة العمومية وهكذا و هكذا....!!!".
وهنا نريد أن نقول للسيد الوزير كفى من تكريس صورة المغرب النافع و المغرب غير النافع.....!وأن لا إصلاح بدون بنيات تحتية تقي تلاميذ المدرسة العمومية شرّ الاكتظاظ وتمنح للمدرّسين أرضية العمل الجاد الضامن للجودة فضلاً عن أنها توفر للمسؤولين الإداريين ظروف التسيير الأمثل و الناجع عوض الحلول الترقيعية و الإجتهادات الشخصية و المتباينة من منطقةٍ إلى أخرى، أما فيما يخص العالم القروي و المغرب العميق فحدث و لا حرج....!
نحن مع تحديث و عصرنة المنظومة التربوية و الرقي بالخدمات الإدارية التربوية بعد أن عانت من التقليدانية و شيخوخة السجلات و كثرة المطبوعات و الملصقات و نحن مع ثقافة الإنفتاح بمفهوم المدرسة الجديدة و مع دمج تكنولوجيا المعلوميات في قطاع التعليم من أجل الرقي به و بجودته و إرساء طرق العمل الحديثة، لكن لسنا بالبث و المطلق مع منطق التجريب المبني على التعتيم و عدم الإشراك في بلورة الإصلاح كما أننا ضد التسيير البيروقراطي ولو تم التواصل التراتبي بين كل مكونات و حلقات المنظومة التربوية بدءاً بالوزارة إلى حدود التلميذ لما وقع كل ما وقع و لما سال كل هذا المداد حول برنامج مسار الذي أريد له بشكلً لغزي أن يتسبب في حراكٍ تلمذي و ضجاتٍ إعلامية وأن يحطم الرقم القياسي في التداول و إثارة زوابع ردود الأفعال منها الرافضة و المرحّبة...