وجهت دولة الإمارات، اليوم، الثلاثاء، ضربة موجعة للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين، حيث قضت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا بأبو ظبى، بحل الجماعة وإغلاق جميع مكاتبها، بعد نحو عامين من إعلان الإمارات تفكيك "خلية سرية" فى منتصف يونيو 2012، قالت إنها كانت تعد لإراقة الدماء والاستيلاء على الحكم. إلى ذلك حكمت الدائرة الإماراتية بحبس 30 متهما بينهم 10 إمارتيين، و20 مصريا منهم 6 هاربين، من 3 أشهر ل 5 سنوات، وبراءة متهم واحد من تهمتين، كما قضت بتغريم 21 متهما، مبلغ 3000 درهم، وإبعاد المتهمين المصريين بعد انقضاء فترة الحكم، عن الدولة، وحل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين فى الإمارات، وإغلاق كافة مكاتبهم، إضافة إلى مصادرة الأدوات والأجهزة المضبوطة فى أماكن عملهم ومنازلهم.
وكانت الإمارات قد أعلنت بعد شهر من تولي الرئيس المصرى المعزول محمد مرسي، تفكيك "خلية سرية" تعد مخططات ضد الدولة وتناهض دستورها وتسعى للاستيلاء على الحكم، واعتقلت العشرات ضمن هذه القضية.
وأوضحت الصحف الإماراتية حينها أن معظم المعتقلين ينتمون إلى جمعية "الإصلاح" الإسلامية التى تتبنى فكر الإخوان المسلمين، وبعد نحو 6 أشهر، بدأت النيابة العامة الإماراتية التحقيق مع قيادات "التنظيم النسائى"، المتهمين ضمن مجموعة المعتقلين والمتهمين بالتآمر فى القضية نفسها فى يناير 2013.
وبعد تحقيقات استمرت نحو 6 أشهر أعلنت النيابة العامة فى الإمارات فى 27 يناير 2013 إحالة 94 إسلاميًا إماراتيًا إلى المحكمة الاتحادية العليا ليحاكموا بتهمة التآمر على نظام الحكم والاستيلاء عليه، والتواصل مع التنظيم العالمى للإخوان المسلمين لتحقيق أهدافهم.
وذكر النائب العام لدولة الإمارات آنذاك أنه "تمت إحالة 94 متهماً إماراتى الجنسية إلى المحكمة الاتحادية العليا فى قضية (التنظيم السرى غير المشروع) الذى استهدف الاستيلاء على الحكم"، وأن التحقيقات مع هؤلاء أظهرت أنهم "أنشأوا وأسسوا وأداروا تنظيماً يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدولة".
وبحسب النائب العام لدولة الإمارات، فإن هذا التنظيم "اتخذ مظهراً خارجيًا وأهدافًا معلنة هى دعوة أفراد المجتمع إلى الالتزام بالدين الإسلامى وفضائله بينما كانت أهدافهم غير المعلنة الوصول إلى الاستيلاء على الحكم فى الدولة ومناهضة المبادئ الأساسية التى يقوم عليها". موضحًا أن المتهمين خططوا بالسر لتنفيذ أهدافهم وعمدوا خصوصاً إلى تأليب الرأى العام على الحكومة وقيادة الدولة عبر وسائل الإعلام والاتصال المختلفة.
ولفت إلى أن المتهمين "تواصلوا مع التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وغيره من التنظيمات المناظرة لتنظيمهم خارج الدولة للتنسيق مع أعضائه وطلب العون والخبرة والتمويل منهم لخدمة هدفهم غير المعلن بالاستيلاء على الحكم.. كما اخترق المتهمون مؤسسات حكومية كالوزارات والمدارس".
وشهد شهر مارس 5 جلسات لمحاكمة المتهمين أمام المحكمة الاتحادية العليا فى أبو ظبى بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، وفى الجلسة الخامسة تم فى هذه الجلسة الاستماع إلى أحد الشهود، إضافة إلى الأحراز الستة التى تضمنت أدلة بالصوت والصورة على تهمة التآمر لإسقاط نظام الحكم فى الإمارات.
وذكر الشاهد "بدأت تحرياتنا فى عام 2010 وتأكدنا من وجود تنظيم سرى يعمل بصورة غير مشروعة، وهو فرع من التنظيم الدولى للإخوان يسعى عبر الأدوات والعناصر والوسائل والواجهات والعلاقات الداخلية والخارجية، إلى الاستيلاء على الحكم.. ولذلك أقام هيكلية كاملة مكونة من مجلس شورى، وهو الجمعية العمومية. مجلس إدارة التنظيم يعين من قبل مجلس الشورى، وله لجان أخرى كثيرة منها تربوية وتدريبية والعمل الطلابى والعمل الاجتماعى وغيرها.. كما له مكاتب إدارة فى أبوظبى وبنى ياس ودبى والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والمنطقة الشرقية. مجلس أمناء المناطق". وأضاف أن التنظيم أنشأ لجانًا مركزية تتبع مجلس الإدارة مثل الجاليات والتخطيط والحقوق والمالية والإعلام والاستثمار وغيرها.
ونوّه الشاهد بأنه يتبع التنظيم "تنظيم نسائي" يتلقى أوامر مباشرة من مجلس إدارة التنظيم الأول، وله مجلس أمينات تتكون من لجان تسمى التدريب، مشيرا إلى أن أهم لجان التنظيم ككل لجنة العمل الطلابى والتربوى، والتى سعت إلى تجنيد الشباب فى صفوف التنظيم عبر البرامج والمناهج الإخوانية، وبعد ذلك يتدرج الشباب فى التنظيم حتى يصل إلى مبدأ السمع والطاعة حتى يبلغ البيعة للمرشد، لافتًا إلى أن من كتب التنظيم "المنطلق، فى ظلال القرآن، صناعة الحياة وغيرها"، وأن مراحل الانتساب هى ثلاث (تمهيدية تتكون من 3 مراحل)، و(تكونى هى من 3 مراحل أيضًا) و(نهائى تتكون من مرحلتين)، حتى يصبح العضو موجهاً ومن ثم يقوم بالبيعة.
وكشف الشاهد عن أن عناصر التنظيم يخضعون لدورات أمنية، وأن كل ذلك يحدث تحت إشراف مجلس الشورى مباشرة. وعن أن التنظيم سعى إلى تجنيد العناصر من الجنسين، وإلى ترسيخ فكر الإخوان عبر نزع ولاء الأعضاء من الدولة والقيادة، وأن يكون ولاؤهم للتنظيم وحده عبر تقزيم منجزات الدولة وتأليب الرأى العام والقيام بأنشطة إعلامية تخدم هذه الأجندة، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعى.
وقال الشاهد إن للتنظيم ارتباطاً خارجياً يقوم على ثلاثة محاور هى المحور الخليجى عبر التنسيق مع بقية الخلايا فى دول الخليج، ويرأسه عنصر هارب من التنظيم، ويعقد اجتماعاته فى مختلف الدول الخليجية بحسب الظروف والأهداف، وأما المحور الثانى هو النطاق الإقليمى الذى يتم من خلاله التواصل بين قيادات الإمارات فى التنظيم والقيادات الإقليمية، وذلك للتشاور فى شؤون التنظيم وأخذ المشورة وطلب الدعم السياسى والقانونى والإعلامي، حيث قام أعضاء تنظيم الإمارات بزيارات إلى قطر ومصر والكويت، أما المحور الثالث فهو النطاق الدولى الذى يهدف إلى التنسيق مع المنظمات فى أوروبا والمنظمات الإسلامية الدولية وأخذ الدعم المالى والإعلامى والاستشارى والقانونى منها.
وروى الشاهد أنه بعد وقوع الاضطرابات فى بعض الدول العربية عام 2011 عقد التنظيم اجتماعاً فى أم القيوين وقيل فيه "إنه فى حال لم نتحرك الآن فإنه ستفوتنا الفرصة، وتم تشكيل لجنة العدالة والكرامة لهذا الغرض وبهدف تفعيل خيارات التظاهر خارج الإمارات ضدها"، وتم بعد ذلك تشكيل العديد من اللجان، وتم دفع مبالغ طائلة لأشخاص فى أوروبا بهدف تأليب الرأى العام الغربى ضد الإمارات.
وأشار إلى زيارة أحد أعضاء التنظيم الكبار إلى الكويت والمغرب والأردن وقطر بهدف حشد التأييد لدعم التنظيم السرى داخل الإمارات. وأضاف أنه تم بعد ذلك عقد الاجتماع الثانى فى رأس الخيمة فى مايو من نفس العام 2011، وقال فيه أحد أعضاء التنظيم إنه "آن الأوان لكى تتحرك الأمة وتقدم التضحيات والدماء، وأن نكون نحن الوارثين لهذه الأنظمة"، لافتا إلى أنه كان هناك اجتماع ثالث فى دبى فى يونيو 2011 تناول استراتيجية السنوات المقبلة وانتقد الحاضرون فيه افتقارهم إلى فريق للأزمات.
وتم الاجتماع الرابع فى سبتمبر 2011 وجرى تغيير المسميات فى التنظيم خلال هذا الاجتماع، فاستبدلت البيعة بالعهد، والإخوان بدعوة الإصلاح، والأخ العامل بالعضو العامل، والأخ المنتسب بالعضو المنتسب، والتقى بموجه والاشتراكات بصدقات وتبرعات. وهدف أعضاء التنظيم إلى الاستيلاء على الحكم.
وفى القرائن الصوتية تحدث أحد المتهمين بأن دولة الإمارات غير قادرة على استيعاب قدرات وإمكانات جماعة "الإخوان المسلمين"، والتى تعمل منذ قرن على حد قوله، واصفاً الصراع بأنه صراع بين الحق والباطل. وأضاف "الجماعة ستغيّر من واقع الأمة وتنتقل بها إلى واقع إعلاء شأن الأمة.. هذه المرحلة مرحلة عظيمة تتلمس فيها الأمة طريقها الذى يحتاج إلى البذل.. الجماعة تستحق أن تكون هى الوارثة لهذه الأنظمة المتهالكة.. فما يتعرض له التنظيم من قبل أجهزة الدولة يدل على عدم توازنها.. مجتمع الإمارات يستحق جلب الحرية له، ونحن فرسان جلب الحرية، ونحن قررنا أن نقود الناس لهذا الخير ونخلص أمتنا وشعوبنا من الظلم والطغيان والعبودية.. نحن لا نستحق ذلك إذا لم نعمل لأجله لأن الحرية لا تقدم بأطباق من ذهب ومن دون ثمن، ثمن الحرية مر، وبحاجة إلى تضحيات أولها إراقة الدماء وتقديم الأرواح ".
وفى 7 مايو 2013، عقدت الجلسة التاسعة التى خصصتها المحكمة للمرافعة النهائية للنيابة العامة، التى اتهمت فى مرافعتها المتهمين بالسعى للاستيلاء على الحكم بمعاونة جهات أجنبية خارجية، ومحاولة الإضرار بصورة الدولة وتشويهها.
وقالت النيابة إن "هذه الجماعة الإجرامية تجاوزت خطواتها كل حدود الولاء لولى الأمر، وعملت أعمالاً يندى لها جبين كل إماراتى وأخطرها الفتنة، تنخر كالسوس وتصل للنخاع.. غرض وجود هذه الجماعة تقويض دعائم الدولة والشروع بالاستيلاء على الحكم، وتشكيل خلايا سرطانية بين خلايا الجسد.. أما خطابهم فحق يراد به باطل، وهو يقوم على دس السم فى العسل، فى الوقت الذى تتلاشى عندهم فكرة الانتماء للوطن.. وبالتالى فلا ولاء للوطن وإنما للجماعة، وكأنما الدين مقتصر على جماعتهم".
وكشفت النيابة خلال الجلسات أن "التنظيم كانت له خطة استراتيجية جعلوا مداها 4 سنوات.. ومن أهداف الجمعية العامة للتنظيم مراجعة الخطط والموازنة ورسم السياسة العامة للتنظيم وتشويه صورة الدولة فى الخارج، وتشكيل وسائل الضغط.. ومن خطوات الجماعة بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة العلانية وتشكيل لجان إلكترونية وتدريب الشباب على استخدام البرامج الإلكترونية وبرامج التواصل الاجتماعى لتأليب الرأى العام والضغط على الحكومة.. وكذلك كانت للجمعية لجنة قانونية للعمل الخارجي، وقد استخدمت قضية المسحوبة جنسياتهم وتعاونت مع مجموعات حقوقية خارجية لتأليب الرأى العام الخارجى ضد الدولة".
وأوضحت النيابة أنه "بعد ما يسمى الربيع العربى شكلت الجمعية لجنة العدالة والكرامة، وهى لجنة لها تسلسل هرمى ينبئ عن إدراك كامل للمهمات والأهداف، من أهداف هذه الجماعة التوغل فى كل مناحى الحياة واختراق المؤسسات مرحليًا للاستيلاء على الحكم فى ما بعد.. حيث قامت الجماعة بتوزيع منشورات فى بريطانيا وتعاونت مع مؤسسة قرطبة الإعلامية التى تروج الأكاذيب ضد الدولة، كما سعت للتعاون مع العديد من الدول الأجنبية".
وتوالت الجلسات بعد ذلك حتى تم عقد الجلسة الثالثة عشرة والخيرة قبل جلسة النطق بالحكم اليوم، الثلاثاء، التى هيمن عليها الخطاب السياسى، وهاجم خلالها فريق الدفاع المكون من 4 محامين، وسائل الإعلام وبعض الشخصيات، فيما استخدم أحد المحامين خطابا عاطفيا تضمن العديد من الرسائل بشأن صلاح منوبيه وموالاتهم التامة للدولة وقياداتها.