استأثر موضوع الخرجات الجزائرية الاخيرة المعادية للمغرب باهتمام وسائل الاعلام والمهتمين والخبراء الدوليين، حيث اكدت جل التحاليل والكتابات في الموضوع ان ما اقدمت عليه الجزائر يعد محاولة لصرف النظر عن ما يعتمل من ازمة داخل النظام الجزائري، وقفزا عن القضايا الحقيقية التي تهم المجتمع الجزائري.. وفي هذا الاطار قالت الكاتبة والصحفية الإسبانية يولاندا ألدون، أمس الخميس، إن السلطات الجزائرية، ومن خلال خطاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تلي نيابة عنه الاثنين الماضي في اجتماع أبوجا، "تسعى لصرف انتباه المواطنين وتفادي القضايا الحقيقية التي تعاني منها البلاد".
وأوضحت الصحفية الإسبانية، حسب ما اوردته و م ع، أن "الأمر يتعلق، بكل وضوح، بتمويه من الحكومة الجزائرية تروم من ورائه صرف انتباه المواطنين، وإخفاء المشاكل الحقيقية التي تواجه البلاد".
وأشارت الكاتبة، الملقبة ب"شاعرة الضفتين"، إلى أن حكومة الجزائر "لجأت كالعادة إلى الأسلوب نفسه" بمهاجمتها بلدا جارا للتعتيم عن المشاكل الداخلية التي تعرفها البلاد، مذكرة في هذا الصدد بأن قرار الأممالمتحدة المتعلق ببعثة المينورسو، الذي اعتمد في أبريل الماضي، واضح ولم يشر إلى أي توسيع لاختصاصات هذه الهيئة.
يشار على ان يولاندا ألدون، المقيمة بقادس (جنوب إسبانيا)، متعاونة مع معهد ثربانتيس بشمال المغرب، وقد تم اختيارها لتمثيل إسبانيا والمغرب في اللجنة الدولية لدعم ترشيح الشعب السوري لجائزة نوبل للسلام.
من جهته أكد الخبير السويسري في قضايا العالم العربي والإسلامي، جون مارك ميارد، أن التصريحات العدائية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ضد المغرب لا يمكن قراءتها بمعزل عن المشاكل الداخلية للجزائر.
وقال ميارد، حسب ما اوردته و م ع، غداة استدعاء المغرب سفيره في الجزائر للتشاور "إن هذه المشاكل أضحت تتزايد حدتها وذلك بالنظر إلى اعتماد الجزائر على الهيدروكاربورات في ظرفية عالمية تتسم ببطء النمو وحدوث تحول في السوق الطاقية".
وأشار إلى أن المملكة عرفت، في المقابل، كيف تنوع اقتصادها وتنخرط في أوراش كبرى للبنية التحتية وفك العزلة عن الجهات التي أضحت الآن تتوفر على صلاحيات واسعة ، من شأنها تمكينها من الإسهام بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويرى ميارد، الذي هو أيضا اقتصادي معروف، أن مشكل الصحراء هو وليد الحقبة الاستعمارية التي لم يفقد المغرب خلالها ثقافته العريقة والمتجذرة.
وقال الباحث السويسري "إن المملكة المغربية لم تفقد روحها وليس ثمة سبب يدعوها إلى التخلي عن أقاليمها الصحراوية لفائدة محرضين محترفين"، مؤكدا أنه سيكون من العبث خلق مصدر جديد للنزاع لن يستفيد منه سوى المتطرفون.
وأكد في هذا السياق أن "العالم، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب، في حاجة إلى النظام والسلام، وهو ما ترغب فيه شعوب المنطقة".
وكان المغرب قد قرر ، أمس الأربعاء، استدعاء سفيره بالجزائر للتشاور، على إثر تواتر الأعمال الاستفزازية والعدائية للجزائر تجاه المملكة ، لاسيما في ما يتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
يذكر أن ما يسمى بنزاع الصحراء "الغربية" هو نزاع مفروض على المغرب من قبل الجزائر. وتطالب (البوليساريو)، وهي حركة انفصالية تدعمها السلطة الجزائرية، بخلق دويلة وهمية في منطقة المغرب العربي.
ويعيق هذا الوضع كل جهود المجتمع الدولي من أجل التوصل إلى حل لهذا النزاع يرتكز على حكم ذاتي موسع في إطار السيادة المغربية، ويساهم في تحقيق اندماج اقتصادي وأمني إقليمي.
إلى ذلك أكد رئيس البعثة الدبلوماسية السابق بجنوب إفريقيا الحبيب ذو فؤاد أن الاستفزاز الجزائري الأخير القادم من العاصمة النيجيرية أبوجا لا يعدو كونه "حيلة بئيسة لترميم تصدعات فشل دبلوماسي" ومحاولة وأد خلافات ما فتئت تطفو على السطح بين النظام الجزائري وربيبته "البوليزاريو".
وشدد ذو فؤاد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الخلافات الأخيرة بين الجزائر والبوليساريو، لأنه كلما انتصرت مغربية الصحراء كلما انتابت المناوئين نوبة من الفزع والهلع".
ومرد ذلك بحسب المتحدث إلى كون "الخلافات والمنازعات التي تطفو على السطح في معسكر الجزائر-البوليساريو بدأت معالمها تتضح تحديدا غداة طرح المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي في المناطق الجنوبية، أي خلال نفس الحقبة التي تميزت بالهروب الكبير لعدد من المعارضين من مخيمات الاحتجاز بتندوف".
وأبرز أن المقترح المغربي مكن في إبانه من تحريك المياه الآسنة على اعتبار أنه شكل صلب التوصية رقم 1920 الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والتي أكدت سمو المبادرة المغربية في مسار المفاوضات على أساس الواقعية والتوافق.
واعتبر أنه من غير المستغرب والحالة هذه أن يتعمق الخلاف مؤخرا، ومن جديد، في معسكر الجزائر-البوليساريو بعد فشل استراتيجية توسيع مهام المينورسو لتشمل حقوق الإنسان، في سياق لا تخفى فيه مسؤولية الجزائر عن التوجه التوتاليتاري للبوليسزاريو وممارساته بمخيمات تندوف.
وقال ذو فؤاد "لقد مضى زمن كانت فيه الجزائر وربيبتها البوليساريو تتحدثان نفس اللغة وتتطلعان إلى ذات الأهداف، أما اليوم فقد تغيرت حقائق الجغرافيا السياسية في هذه البقعة من العالم، من منطقة الساحل وصولا إلى الكوت ديفوار".
وأضاف أن الظروف تغيرت وتغير معها العالم "لكن البوليساريو ظل متكلسا يتشبث كما أي غريق عالق في مياه البحر الأبيض المتوسط بمشروع وهمي ينشد الاستقلال".
وأعرب عن أسفه في ذات السياق لكون "الجزائر، التي فقدت على ما يبدو كل اتصال لها بالواقع الجديد للجغرافيا السياسية الجهوية والمتطورة، مازالت تغذي نفس التناقضات، مع فارق بسيط هو أن حكام الجزائر باتوا يترنحون بين الإيديولوجيا المذهبية و الواقعية السياسية".
وأشار ذات المتحدث إلى أن انبثاق ديمقراطية جديدة بدولة مالي لم يكن ليسهل الأمور على معسكر الجزائر-البوليساريو على اعتبار أن اندحار القاعدة في المغرب الإسلامي ومرتزقة البوليساريو "قد أحدث صدمة داخل ذات الحركة التي آخذت على الجزائر تواريها للصفوف الخلفية في الوقت الذي تمكنت فيه الدبلوماسية المغربية ببراعة من إعادة انتشارها مجددا داخل رقعة هذا المربع الذي كان إلى عهد قريب موقعا خلفيا للجزائر".
يشار إلى أن حبيب ذو فؤاد شغل منصب مستشار سياسي بسفارة المغرب بباريس (1999/2004)، ثم عين قائما بأعمال سفارة المملكة المغربية بهولندا (2004/2006)، ثم مسؤولا بمديرية الشؤون الأوروبية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، قبل أن يعين قائما بالأعمال بسفارة المملكة بجنوب إفريقيا (2006/2011). وكان المغرب قد قرر اول أمس الأربعاء استدعاء سفيره بالجزائر للتشاور عقب تواتر الأعمال الاستفزازية والعدائية لهذا البلد تجاه المملكة، لاسيما في ما يتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. يذكر أن جبهة "البوليساريو" حركة انفصالية يساندها ويمولها النظام الجزائري منذ سنة 1975. وتطالب هذه الحركة المرتزقة، بدعم من حكام الجزائر، بخلق دويلة وهمية في المنطقة المغاربية. وهي وضعية تعيق كل الجهود المبذولة لحل هذا النزاع وتحقيق الاندماج الاقتصادي والأمني الإقليمي.