توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    «كوب-29».. الموافقة على «ما لا يقل» عن 300 مليار دولار سنويا من التمويلات المناخية لفائدة البلدان النامية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    نظام العالم الآخر بين الصدمة والتكرار الخاطئ.. المغرب اليوم يقف أكثر قوة ووحدة من أي وقت مضى    الدرهم "شبه مستقر" مقابل الأورو    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    حارس اتحاد طنجة الشاب ريان أزواغ يتلقى دعما نفسيا بعد مباراة الديربي    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    افتتاح 5 مراكز صحية بجهة الداخلة    إقليم الحوز.. استفادة أزيد من 500 شخص بجماعة أنكال من خدمات قافلة طبية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بنكيران: مساندة المغرب لفلسطين أقل مما كانت عليه في السابق والمحور الشيعي هو من يساند غزة بعد تخلي دول الجوار    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    الإعلام البريطاني يعتبر قرار الجنائية الدولية في حق نتنياهو وغالانت "غير مسبوق"    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    ترامب يستكمل تشكيلة حكومته باختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    دولة بنما تقطع علاقاتها مع جمهورية الوهم وانتصار جديد للدبلوماسية المغربية    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوجه رسالة سامية للمشاركين في ندوة سفراء جلالته
نشر في تليكسبريس يوم 30 - 08 - 2013

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية للمشاركين في ندوة سفراء جلالته التي افتتحت صباح اليوم الجمعة بالرباط .

وفي ما يلي النص الكامل لهذه الرسالة الملكية التي تلاها السيد سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون خلال الجلسة الافتتاحية للندوة :

" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسÜول الله وآله وصحبه.

أصحاب السعادة،

سفراء جلالتنا الأوفياء،

حضرات السيدات والسادة،

يطيب لنا أن نتوجه إليكم في افتتاح هذه الندوة الهامة لسفراء جلالتنا، باعتبارها إطارا مناسبا لتقديم نظرة فاحصة حول الدبلوماسية المغربية، من خلال ما حققته من مكتسبات، وما تتوافر عليه من قدرات، وما يتعين عليها رفعه من تحديات.

كما تشكل هذه المناسبة، فرصة سانحة للتشاور والتنسيق فيما بينكم، من أجل تحديد الخطوات والمبادرات التي ستحكم، وفقا لتوجيهاتنا السامية، سير الدبلوماسية المغربية، خلال السنوات المقبلة، وذلك بغية تقوية الأداء الدبلوماسي الوطني، حتى يعزز مكانة المملكة، بوصفها عضوا فاعلا ومسؤولا داخل المجتمع الدولي.

حضرات السيدات والسادة،

لقد قمنا، منذ اعتلائنا عرش أسلافنا المنعمين، ببلورة رؤية دبلوماسية شاملة ومتناسقة، تكرس الهوية الحضارية العريقة للمغرب، وتستغل موقعه الجيو-ستراتيجي المتميز، وتتجاوب مع ثوابته الراسخة ، وتتكيف باحترافية وفعالية مع محيط دولي معقد، يعرف متغيرات متسارعة، ويعيش على إيقاع أحداث ووقائع متنوعة.

إن الجيو-سياسة العالمية تعيش اليوم بين تداعيات النظام الدولي المنبثق عن الحرب العالمية الثانية، وبين انبثاق نظام دولي جديد لم يستطع بعد فرض نفسه.

فبينما برزت، خلال السنوات الأخيرة، قضايا شاملة تهم كل الدول والشعوب، وظهرت قوى دولية جديدة وناشئة، وفاعلون جدد، كالمنظمات غير الحكومية الدولية، والشركات متعددة الجنسيات، وتنوعت بشكل غير مسبوق، المراكز العالمية لصنع القرار والتأثير وكذا المجموعات الدولية المختصة في التقنين والتنسيقº تكاثرت التحديات بسبب توالي الأزمات الحادة والشاملة، وتكرارها والتزامن في اندلاعها، مؤثرة بذلك على مجالات الأمن والسياسة، والاقتصاد والمال، والبيئة والأمن الغذائي، مما كان له أثر عميق وسلبي على الوضع العالمي.

وفي سياق هذه التغيرات العميقة ، والتحولات الكبيرة، والأزمات الشديدة، على المستوى الدولي والجهوي، عملت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وفق توجيهاتنا السامية، على التعريف ببلادنا وإنجازاتها الهامة، في فضاءات الانتماء والجوار والشراكة، سواء على المستوى الثنائي أو الجهوي أو متعدد الأطراف، وكذا بالإمكانيات الموضوعية والفرص الحقيقية للتعاون مع المغرب، باعتباره، ولله الحمد، بلدا آمنا ومستقرا وقويا بمؤسساته المتطورة ºمغربا متميزا بالتناسق والتكامل بين ما يتم إنجازه وطنيا وما يقوم به دوليا º مغربا منفتحا على الآخرين، وعلى التعاون مع كل الشركاء، على أساس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة ºمغربا عقد العزم مبكرا على الالتزام باختياراته الكبرى، المبنية على تعزيز دولة القانون، والتشبث الذي لا رجعة فيه بمبادئ التعددية السياسية والتشاركية البناءة، في انسجام مع تقاليده وقيمه المتجذرة ºمغربا يدعو للسلم والسلام ، واحترام الشرعية الدولية، في انفتاح على العصر، والتزام بالمبادئ والمثل الكونية، ومتمسكا بقيم التحاور والتشاور والإقناع ºوأخيرا، مغربا متضامنا، بكيفية ملموسة، مع الشعوب الشقيقة والدول الصديقة، في نطاق تعاون جنوب-جنوب ملموس، وعبر انتهاج دبلوماسية التنمية البشرية، والمشاركة الفاعلة في عمليات حفظ السلام تحت لواء الأمم المتحدة.
حضرات السيدات والسادة،

يستند عمل الدبلوماسية الوطنية إلى كل هذه المحددات التي يكرسها دستور المملكة، وإلى توجيهاتنا السامية، التي ما فتئنا نقدمها إلى حكوماتنا المتعاقبة لتأطير عملها.

ويتعلق الأمر في المقام الأول، بالتعبئة المستمرة من أجل الدفاع عن وحدة المغرب الترابية شمالا وجنوبا، والاستثمار الأمثل للتطورات الايجابية التي شهدتها قضية الصحراء المغربية، خاصة بعد أخذ بلادنا لزمام المبادرة، وتعاطيها بشكل أكثر فعالية مع هذه القضية المصيرية، بفضل مبادرتنا المقدامة لمنح حكم ذاتي لأقاليمنا الجنوبية، وهي المبادرة التي حظيت بدعم دولي متواصل ومتنام.

وفي هذا الصدد، استطاع المغرب، في السنين الأخيرة، بحكم عدالة قضيته ووجاهة موقفه، كشف زيف الأطروحة الانفصالية، حيث توالى سحب الاعتراف بالجمهورية المزعومة من قبل العديد من الدول.

وإذ نشدد على أهمية الاستمرار في نفس النهج، فإنه يتعين التصدي، بكل حزم، للمناورات والمحاولات اليائسة، القائمة على الافتراء والتضليل، والتي ما فتئ يشنها خصوم وحدتنا الوطنية والترابية، حيث يجب على سفراء جلالتنا بالخصوص، خوض هاته المعركة، في كل وقت وحين، بيقظة خاصة، وعمل مستمر، على جميع الأصعدة، لدى المسؤولين في بلدان اعتمادهم.

كما يتعين على الدبلوماسية المغربية، العمل بنفس الروح من أجل إبراز المقومات الوطنية الأساسية، واستثمارها بمهارة، من خلال تموقع منسجم وفعال يتماشى مع قيم المغرب ومصالحه العليا، ومع التوجهات الجوهرية للعلاقات الدولية.

وفي هذا الصدد، فإننا ندعو دبلوماسيتنا إلى تقوية العمل من أجل الترويج للنموذج المغربي القوي والغني بفضل الإصلاحات العميقة التي أقدمنا عليها، وكذا الأوراش التنموية الكبرى التي نقودها في جميع المجالات، سواء للنهوض بالتنمية البشرية، أو في مجال السياحة والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة وغيرها، فضلا عن الرصيد التاريخي للمغرب كبلد للانفتاح والتسامح، وفضاء لتعايش وتفاعل الحضارات والثقافات.

ومن هنا، فإن التعريف بالنموذج المغربي، ليس مجرد شعار فحسب، وإنما هو هدف استراتيجي سيمكن بلوغه من تحقيق كل فرص التعاون الممكنة في جميع الميادين.

ولبلوغ ذلك الهدف، يجب على حكومتنا إعطاء الأولوية لدبلوماسية اقتصادية مقدامة، قادرة على تعبئة الطاقات، بغية تطوير الشراكات وجلب الاستثمارات، وتعزيز جاذبية البلاد، وكسب مواقع جديدة، وتنمية المبادلات الخارجية.

كما ندعوها للتنسيق والتشاور مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين، في القطاعين العام والخاص، للتعريف بالمؤهلات الاقتصادية التي تزخر بها بلادنا، وخاصة في القطاعات الإنتاجية الواعدة، بهدف المساهمة في تنميتها، ولإرساء تعاون مؤسسي بين القطاعات الوزارية التي لها نشاط دولي في المجال الاقتصادي.

وإننا نعتبر سفراءنا بمثابة جنود يجب أن يسخروا كل جهودهم لخدمة القضايا الاقتصادية لبلادهم.

أما بخصوص الدبلوماسية الثقافية، فينبغي إعطاؤها ما تستحقه من دعم وتشجيع، وخاصة من خلال إقامة دور المغرب، والمراكز والمصالح الثقافية بالخارج، وتكثيف الأنشطة الفنية، وتنظيم المعارض، للتعريف بالرصيد الحضاري والثقافي العريق للمغرب، وتعزيز إشعاعه دوليا، والتعريف بهويته الموحدة الأصيلة، والغنية بتعدد روافدها.

وإدراكا منا لمحدودية الإمكانات المتاحة، فإننا ندعو إلى اعتماد مختلف أنواع التعاون والشراكة مع جميع الفاعلين المعنيين، لتحقيق ما نتوخاه من نتائج في هذا الشأن.
حضرات السيدات والسادة،

إذا كان العالم اليوم يشهد نموا متزايدا للتجمعات والتكتلات السياسية والاقتصادية والثقافية، فإن بناء المغرب الكبير يعرف جمودا مؤسفا، على الرغم من توافر شروطه º وذلك في تعارض مع دينامية العصر، ومع التطلعات المشروعة للشعوب المغاربية الشقيقة.

ومن منطلق إيماننا بحتمية المصير المشترك لدولنا المغاربية الخمس، فإننا ما فتئنا نوجه دبلوماسيتنا لمضاعفة الجهود لتجسيد التزام المغرب ببناء الاتحاد المغاربي، باعتباره خيارا استراتيجيا، منصوصا عليه دستوريا. كما سنواصل العمل، بصدق وحسن نية، من أجل انبثاق نظام مغاربي جديد، يسمو على كل مصادر الخلاف.

وفي انتظار رفع كل المعيقات الموضوعية، التي تقف أمام هذا البناء الاندماجي المنشود، فإننا ندعو دبلوماسيتنا إلى تعزيز علاقات بلادنا مع باقي البلدان المغاربية الشقيقة.

ومن منطلق الوفاء لانتمائنا الإفريقي، وبالنظر لروابط بلادنا الروحية، ومصالحها الاستراتيجية، حرصنا على تقوية علاقاتنا مع دول جنوب الصحراء، ووضعها في صلب أجندة الدبلوماسية المغربية، وذلك ما جسدناه من خلال الزيارات التي قمنا بها، منذ سنة 2000، لعدد من الدول الإفريقية الشقيقة، هدفنا تكريس قيم التضامن والإخاء، والاعتماد على القدرات الذاتية الهائلة لقارتنا.

واعتبارا لإشعاع المغرب، وللمكانة المرموقة التي يحظى بها، فإننا ندعو دبلوماسيتنا إلى المواكبة الدؤوبة لهذا التوجه، عبر تطوير علاقاتنا الثنائية مع دول جنوب الصحراء، أو عبر المساهمة الفعالة، ضمن تجمع دول الساحل والصحراء "سين صاد"، ولا سيما في تحديد مهامه الجديدة، أو عبر تقوية علاقاتنا مع المنظمات الإقليمية الإفريقية، وخاصة منظمات إفريقيا الغربية والوسطى.

كما ندعو حكومتنا إلى تفعيل أنشطة مؤتمر الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، كمنظمة جهوية حرصنا على احتضان عاصمتنا لمقرها، وتمكينها من القيام بدورها كاملا، باعتبارها أداة لخدمة علاقاتنا مع أشقائنا الأفارقة.

وفي هذا السياق، يتعين على دبلوماسيتنا الاستثمار الأفضل لكل الآليات المتاحة في هذا الشأن، ونخص بالذكر، الوكالة المغربية للتعاون الدولي، التي يتعين عليها متابعة العمل، بكل فعالية ودون كلل، من أجل مواكبة جهودنا من أجل تعزيز علاقاتنا مع إخواننا في القارة.

وعلى الصعيد العربي، فإننا نتابع بانشغال كبير وقلق عميق، الأوضاع الصعبة التي تعيشها بعض الدول العربية الشقيقة، بدرجات متفاوتة وحسب خصوصيات ورهانات مختلفة، حيث تشهد تغيرات سياسية ومؤسساتية. لكن يحدونا الأمل في أن تتمكن هاته الدول من تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخها، من خلال الحوار البناء، والمصالحة الوطنية، في إطار الوحدة الترابية والتطلعات المشروعة للشعوب المعنية.

كما يواصل المغرب دوره المعهود، في إرساء مقومات نظام عربي متضامن ومندمج، ملتزما بدعم القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني، ونضاله الوطني من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.

ومن جهة أخرى، فإننا نولي أهمية بالغة لتطوير علاقات متميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي، الذي تجمعنا بقادة دوله وشائج الأخوة الراسخة، والتقدير المتبادل، والتفاهم الموصول، ونحرص سويا معهم على تعزيز الشراكة الاستراتيجية النموذجية التي تم إرساؤها في 2011.

وفي نفس السياق، ندعو لمضاعفة الجهود لتنويع وتقوية علاقاتنا مع الاتحاد الأوربي، وكافة دوله الأعضاء، عبر التفعيل الميداني للوضع المتقدم الذي تحظى به المملكة، منذ 2008، معتزين بما يجمعنا بدوله من علاقات الصداقة المتينة والتعاون المثمر.

وفي نفس السياق، يتعين على الدبلوماسية المغربية مواصلة العمل، من أجل ترسيخ علاقات المملكة مع الدول الشقيقة والصديقة بالقارات والمجالات الجغرافية الأخرى، في سياق سياسة إرادية لتنويع وتوسيع تعاوننا الدولي.

ويتعلق الأمر بتلك التي تتوفر على إمكانات اقتصادية قوية وحضور سياسي فاعل، والتي حرصنا على إبرام شراكات استراتيجية معها. وفي هذا السياق، وبقدر اعتزازنا بروابط الصداقة التاريخية والتعاون المثمر، التي تجمع المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية، فإننا حريصون على زيادة توطيد الشراكة الاستراتيجية القائمة بين بلدينا، لما فيه خدمة مصالحنا المشتركة، ونصرة القضايا العادلة عبر العالم.

كما يتعلق الأمر بعدد من البلدان النامية التي تمكنا من فتح صفحات جديدة معها، كدول منطقة الكاريبي والأقيانوس.

حضرات السيدات والسادة،

إن المغرب، بوصفه أمة عريقة، يتوفر على تقاليد دبلوماسية عتيدة تعود لعقود من الزمن، وتخضع لمحددات واضحة وضوابط معروفة. فإذا كانت الدبلوماسية المغربية، بفضل كفاءة وتفاني أطرها المتعاقبة، نساء ورجالا، وجهودهم الحثيثة، قد حققت إنجازات هامة، فإنه ينبغي، كما أكدنا على ذلك في مناسبات عدة، تطوير دبلوماسية برلمانية ومدنية ومحلية فاعلة، ولاسيما في ظل المكانة الدستورية التي أصبح يتبوأها البرلمان والمجتمع المدني والجماعات الترابية.

وفي عالم تشكل فيه البرلمانات، والأحزاب السياسية، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام، والفاعلون الأكاديميون والثقافيون، مراكز نفوذ وتأثير ذات وزن هام º فإن الجهود الرسمية لم تعد كافية وحدها. لذلك نحث سفراءنا على مضاعفة الجهود، والانفتاح على هؤلاء الفاعلين الجدد في الساحة الخارجية، وتشجيع الاتصالات بينهم وبين نظرائهم في المغرب.

وفي نفس السياق، ولتمكين وزارة الشؤون الخارجية والتعاون من التحاليل والأدوات المفاهيمية اللازمة، من أجل استيعاب التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، واستباقها بشكل أفضل، فإننا ندعوها للاستفادة مما يتوافر لدى المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية من خبرات وكفاءات، بما يخدم المصالح الوطنية.

كما نهيب بهذا المعهد التعاون معها، وتكريس جهوده للمجال الدبلوماسي، ولمختلف القضايا المرتبطة بالعلاقات الخارجية للمغرب، في مختلف المجالات، السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو البيئية.

وتجسيدا لرعايتنا الدائمة لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، يجب مواصلة المجهودات الحميدة التي بذلت من قبل، من أجل حماية حقوقها، والدفاع عن مكتسباتها الاجتماعية والقانونية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة لها، لتكون في مستوى تلك التي توفرها لهم دول الإقامة، لا من حيث الكفاءة ولا من حيث الشفافية.

غير أن تحقيق كل هذه الأهداف، والقيام بمختلف المهام الدبلوماسية الوطنية على الوجه الأمثل، رهين بإيلاء العنصر البشري التأهيل الملائم، وبترشيد محكم للموارد المادية، واتباع منهجية عمل وإجراءات مضبوطة.

وإذ ننوه بالنتائج الإيجابية التي تم تحقيقها في هذه المجالات خلال العقد الأخير، كتعديل النظام الأساسي لموظفي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، ووضع نظام هيكلي جديد لها، والعمل على إرساء تكوين مستمر للأطر، وإنشاء الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية سنة 2011، أو تلك التي ترمي إلى تعزيز دور المرأة الدبلوماسية، وتوسيع شبكة البعثات الدبلوماسية، والمراكز القنصلية المغربية بالخارج، والتعميم الموسع والمحكم لتكنولوجيات الإعلام الحديثة ووسائط الاتصال، فإننا ندعو إلى مواصلة تلك الجهود الحميدة، والسعي إلى تحفيز دبلوماسيينا، وتعزيز ثقتهم في حقوقهم، وتوسيع إدراكهم لواجباتهم، وكذا ابتكار السبل والوسائل الكفيلة بالاستثمار الأمثل لهذه المنجزات، وتعزيزها بمكتسبات إضافية.

سفراءنا الأوفياء،

إن التجربة والخبرة اللتين راكمتهما دبلوماسيتنا، تفتحان أمامها باستمرار، آفاق التأهيل والإبداع، في وفاء لانتماء المغرب وأصالته، وذلك من أجل الارتقاء بها إلى دبلوماسية نشطة واستباقية، لديها أهداف محددة، وفهم دقيق لمحيطها، وتعتمد مقاربة خلاقة في عملها.

وإذ نتمنى كامل التوفيق لندوتكم، التي نحيطها برعايتنا السامية، تأكيدا للاهتمام الذي نوليه للدبلوماسية والدبلوماسيين، فإننا ندعوكم جميعا لتضافر الجهود، وتسخير أفكاركم ومساعيكم الفردية والجماعية، للارتقاء بالدبلوماسية المغربية، لتصل ليس فقط إلى أعلى مراتب الاحترافية، بل لتحقق التميز على المستوى العالمي º متسلحين من أجل ذلك بالإرادة القوية، وبحب الوطن، وبالتعبئة الدائمة والحازمة والمتواصلة.

فكونوا، رعاكم الله، في مستوى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقكم، والمهام النبيلة الموكولة إليكم، بما يتطلبه الأمر من سرعة وفعالية، ومن قرب من دوائر القرار والقوى الحية والمؤثرة ببلدان اعتمادكم، ومن تفعيل لشبكات الصداقة والتضامن التي ما فتئنا نعمل على نسجها عبر العالم.

وفقكم الله وسدد خطاكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.