لا احد يمكن السماح لنفسه بالواطؤ مع المجرمين ومباركة الفساد والمفسدين، إلا ان المواطنة تقتضي من بين ما تقتضيه احترام المؤسسات والقوانين الجاري بها العمل، حيث لا يحق لأحد ان ينتقم ويأخذ بثأر ولا ان يطبق قانونه الخاص في حضرة دولة الحق والقانون.. ما قام به هؤلاء، في هذا الفيديو المصور بأحد الاسواق الاسبوعية، لا يبعث على الارتياح وينذر بأن مستقبل البلاد على كف عفريت، إذا ما تراخت الاجهزة المختصة في مواجهة الجريمة وتطبيق القانون في حق كل من يهدد امن البلاد واستقرارها، ولو بالادعاء انه يحارب الجريمة. .
هؤلاء قاموا برجم هذا اللص بالحجارة، في مشهد يذكرنا بعهود غابرة لم يكن فيها للمؤسسات أي وجود، وهي مظاهر تتكر للاسف في الكثير من الاسواق والساحات العمومية بالمغرب، بل يباركها الحضور في الكثير من الاحيان بدعوى محاربة المنكر والنهي عنه، متناسين انهم يعيشون في دولة لها مؤسسات عهد إليها القيام بذلك..
هذه الممارسات، وإن كانت تعبر في جانب منها عن رفض المغاربة لكل من يخرق الامن العام والخاص، إلا انها تكشف عن ان الكثير منهم بفعلته هذه او بتواطؤه مع الفاعلين إنما يقوّض اسس الدولة المدنية وينحو نحو نشر مظاهر وسلوكيات مجتمعات ماقبل المؤسسات والقوانين الوضعية، وهي ممارسات تنهل من ايديولوجيا متطرفة تمنح الحق لكل شخص ان يأخد القصاص بنفسه ضدا على القانون، وهو ما يدعو إليه بعض الشيوخ ومحترفي الفتاوى الذين يحرضون على افعال كهذه بحجة تطبيق شرع الله، بينما هم في حقيقة الامر ينزعون بالمجتمع إلى شريعة الغاب والفوضى واللاتنظيم..