تتكثف المشاورات لتشكيل حكومة انتقالية في مصر حيث يبدو ان الرجل القوي في البلاد الفريق اول عبد الفتاح السيسي متأكد من الاحتفاظ بمنصبه وزيرا للدفاع وذلك غداة تظاهرات مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي. وأكد رئيس الوزراء حازم الببلاوي في تصريح صحفي انه سيجري محادثات السبت والأحد مع الوزراء المرشحين لتولي حقائب، بينما تشكيلة الحكومة منتهية بنسبة تسعين بالمائة، وفقا لمصادر رسمية.
و ستعلن هذه الحكومة الانتقالية في منتصف الاسبوع المقبل بحسب المصادر نفسها التي اوردتها وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية. وأضافت المصادر ان وزير الداخلية محمد ابراهيم وخصوصا وزير الدفاع الفريق اول السيسي سيحتفظان بحقيبتيهما.
وتشهد هذه المسيرة على ارادة السلطة الجديدة المضي قدما على الرغم من مواصلة الاحتجاجات في الشارع من قبل انصار مرسي.
وأعلن المتحدث باسم الاخوان المسلمين طارق المرسي "ستنظم تظاهرة جديدة حاشدة الاثنين"، مضيفا أنها "ستكون سلمية".
و طالب عشرات الآلاف من المتظاهرين مجددا، امس الجمعة، بعودة الرئيس الاسلامي بعد اكثر من اسبوع على ازاحته من قبل الجيش واعلان قائده الفريق اول السيسي عن عملية انتقالية في البلاد.
وفي اطار استعراض القوة بين المعسكرين المتخاصمين، تجمعت ايضا حشود المتظاهرين المناهضين لمرسي في ميدان التحرير في وسط القاهرة وفي محيط القصر الرئاسي حيث اقاموا افطارا رمضانيا في اول يوم جمعة من شهر رمضان.
حازم الببلاوي الذي كلف الثلاثاء تشكيل الحكومة المصرية الجديدة يعتبر رجل اقتصاد ليبرالي النزعة، عين نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للمالية عام 2011 خلال الفترة الانتقالية التي اعقبت سقوط الرئيس حسني مبارك وكانت السلطة فيها للجيش المصري.
يبلغ الببلاوي السادسة والسبعين من العمر. درس في القاهرة قبل ان ينتقل الى غرونوبل في فرنسا ثم باريس حيث نال شهادة دكتوراه دولة في الاقتصاد.
عمل طويلا في العديد من المنظمات الاقتصادية الخاصة والعامة المصرية والدولية، فتسلم ادارة البنك المصري لتنمية الصادرات من 1983 الى 1995 قبل ان ينضم الى اللجنة الاقتصادية والاجتماعية التابعة للامم المتحدة لغربي آسيا التي تضم العديد من الدول العربية. ومن عام 2001 الى 2011 كان مستشارا لصندوق النقد العربي في ابو ظبي.
عين نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا للمالية في حكومة عصام شرف التي تشكلت في يوليو 2011 بعد اشهر قليلة على سقوط حسني مبارك.
وكانت هذه الحكومة يومها تحت سلطة المجلس الاعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي.
في اكتوبر من العام نفسه استقال احتجاجا على مقتل متظاهرين اقباط خلال مواجهات مع الجيش امام مبنى التلفزيون الحكومي، الا ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة رفض هذه الاستقالة.
في ديسمبر من العام نفسه خرج من الحكومة اثر تعديل وزاري. وحاضر الببلاوي في العديد من الجامعات المصرية والاجنبية، وهو مؤلف العديد من الكتب الاقتصادية بالعربية والفرنسية والانكليزية.
وطيلة النهار، كانت الحشود تتجمع امام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر حيث يتظاهر انصار مرسي منذ اسبوعين.
وقال اشرف فنجري "نحن هنا لتوجيه الرسالة الى العسكريين وهي اننا لن نتخلى عن شرعية" اول رئيس منتخب ديموقراطيا. واضاف محمد يسري "سندافع عن مرسي بدمنا".
وفي وقت سابق، ندد المتظاهرون الاسلاميون الذين اتوا من مختلف المناطق، وهم يرفعون المصحف في يد والعلم المصري في اليد الاخرى، بالجيش واكدوا مجددا ولاءهم لمحمد مرسي.
وقال المسؤول الاسلامي الكبير صفوت حجازي "سنبقى شهرا، شهرين وحتى سنة او سنتين اذا لزم الامر".
وجدد مطالب جماعة الاخوان المسلمين المتمثلة بعودة فورية لمرسي وتنظيم انتخابات تشريعية وإنشاء لجنة للمصالحة الوطنية.
و اكدت السلطة المصرية الجديدة، التي بقيت صامتة حيال هذه المطالب، ان مرسي موجود "في مكان آمن" و"يعامل باحترام". لكنه لم يظهر امام الجمهور منذ ازاحته في الثالث من يوليو.
و طالبت واشنطن، التي تخصص 1,3 مليار دولار من المساعدة العسكرية لمصر سنويا، بالافراج عن مرسي،.
وقالت الولاياتالمتحدة، يوم امس الجمعة، انها تؤيد الدعوة التي وجهتها المانيا "قبل بضع ساعات" للافراج عن محمد مرسي، بحسب وزارة الخارجية الاميركية.
وأضافت الخارجية الاميركية "لقد عبرنا عن قلقنا منذ البداية (..) بشان توقيفه، وبشان التوقيفات السياسية التعسفية لأعضاء في جماعة الاخوان المسلمين".
وقضى نحو مئة شخص منذ ازاحة مرسي المتهم بخيانة الثورة على حسني مبارك وبانه لم يحسن ادارة البلاد ولم يخدم سوى مصالح جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها.
وفي هذا الاطار، بدا شهر رمضان في اجواء حزينة على غير ما كانت عليه العادة في البلد الاكثر عددا للسكان في العالم العربي (84 مليون نسمة اليوم).
و قتل الاثنين 53 شخصا وأصيب المئات بجروح اثناء تظاهرات موالية لمرسي في القاهرة. وندد الاخوان المسلمون بما وصفوه بال"مذبحة"، في حين يؤكد الجيش انه تعرض للهجوم شنته "عصابات ارهابية".
وصدرت مذكرة توقيف بحق المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع ومسؤولين اخرين في الجماعة على علاقة بالمأساة التي وقعت الاثنين. واتهم في القضية من جهة اخرى حوالى 250 شخصا.
وتنص العملية السياسية الانتقالية التي يتولاها الرئيس الانتقالي عدلي منصور، خصوصا على تبني دستور جديد قبل تنظيم انتخابات.
لكن حازم الببلاوي وهو وزير مالية سابق، ستكون امامه مهمة شاقة تتمثل بتحريك الاقتصاد الغارق في ازمة خطيرة.
وصرح لصحيفة اخبار اليوم ان اولوياته هي احلال الامن وتوفير السلع الغذائية والخدمات والتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية.