في فضيحة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات المغربية المتعاقبة منذ الاستقلال، أقدمت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، على توقيع قرار غريب وعجيب وناذر، يوم 3 نونبر 2021، يحدد لائحة الجرائد المخول لها نشر الإعلانات القانونية دون غيرها، القرار أو المرسوم اتخذته الوزيرة بدون استشارة لا رئيس الحكومة ولا وزير الثقافة والاتصال باعتباره وصيا عن القطاع، ولم تستشر فيه لا جمعية الناشرين، ولا فيدرالية الناشرين، وإنما كان سندها في اتخاذ القرار، حسب ما وصلنا من معلومات، هي العلاقة الخاصة التي تربطها مع بعض مدراء، ومديرات النشر يعني "بّاك صاحبي"، وهو ما أثار غضب الجسم الصحافي والمسؤولين عن نشر الجرائد الورقية وكذا المواقع الالكترونية. القرار، الذي نُشر بالجريدة الرسمية عدد 7048 بتاريخ 11 جمادى الأولى 1443 الموافق ل16 ديسمبر 2021، خول ل23 جريدة لنشر الإعلانات القانونية دون غيرها في غياب أية معايير، وفي مخالفة للمادة التي استند إليها القرار في اختياره لهذه اللائحة، ويتعلق الأمر بالمادة 30 من القانون رقم 44.12 المتعلق بدعوة الجمهور إلى الاكتتاب وبالمعلومات المطلوبة إلى الأشخاص المعنوية والهيئات التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها أو سنداتها، وكذا المرسوم المتعلق بتطبيقه. ويطالب الصحافيون ورجال الإعلام، من السيدة الوزيرة تقديم تفسيرات حول الشروط والمعايير التي اعتمدت عليها لاختيار هذه العينة من الجرائد، وضمنها صحف لا يشتريها حتى المناضلون في صفوف الأحزاب التي تُصدرها، كما أن بعض المواقع الالكترونية، وكلها باللغة الفرنسية، التي تم إدراجها ضمن اللائحة ليست معروفة لدى القراء، في حين تم إقصاء المواقع الأخرى رغم أن أغلبها مصنف في مراتب متقدمة في مجال المقروئية والانتشار بالمغرب. قرار الوزيرة فتاح العلوي بالإضافة إلى كونه خارج السياق القانوني، فهو تكريس للزبونية والمحسوبية، وفيه تحقير لمؤسسة القضاء باعتبار أن المواقع الالكترونية والجرائد الوطنية هي متساوية في الحقوق والواجبات وأنها صادرة عن ترخيص من وكيل جلال الملك. وعبر العديد من المهنيين عن سخطهم لقرار وزيرة الاقتصاد والمالية، لأنه يضرب في مصداقية مهنة الصحافة ويفاضل بين الصحف والمواقع الإلكترونية استنادا إلى درجة القرب من بعض الأحزاب والمتحكمين في الميدان، كما انه قرار تمييزي وعنصري في حق العديد من المواقع والصحف التي تعيش أزمة مزدوجة بسبب قلة وانعدام الإشهار وكذا جائحة كوفيد-19، وهو ما يستوجب على الحكومة في شخص السيدة الوزيرة دعم القطاع وتمكينه من التوزيع العادل للإشهار وكذا الإعلانات القانونية، عوض حرمانه منها... ويعتزم العديد من المتضررين من هذا القرار الجائر، رفع دعاوى أمام المحكمة الإدارية بالرباط، لرفع هذا الضرر الذي لا يمس الجسم الصحفي فقط ولكن أيضا مؤسسة وكيل الملك المخول لها الترخيص بإصدار الجرائد وإنشاء المواقع الالكترونية، كما انه يعتبر خرقا لمقتضيات مدونة الصحافة التي لا تميّز بين هذه الجرائد...