تخلد أسرة الأمن الوطني٬ غدا الخميس٬ بفخر كبير ذكرى تأسيسها السابع والخمسين٬ وهي مناسبة بالنسبة للمغاربة ككل للوقوف إجلالا لكل مكونات هذه الأسرة التي تبرهن يوميا وبالملموس عن حسها العالي في الالتزام والتفاني في أداء مهامها والتضحية في خدمة أمن الوطن والمواطنين٬ ما هو مثار للإعجاب ومدعاة لكل تقدير. وما من شك أن أسرة الأمن الوطني كمؤسسة لحفظ النظام وحماية سلامة المواطنين وأمن ممتلكاتهم ومكافحة الجريمة والإرهاب٬ نجحت٬ بفضل تفاني جميع مكوناتها ومهنيتهم العالية٬ في الدفاع عن القيم المقدسة للأمة ووضع حد لكل ما من شأنه أن يشيع القلق أو الإحساس بعدم الطمأنينة٬ عامدة في المقابل وبكل ثبات على إشاعة روح الثقة والأمان٬ معتمدة منهجية في معالجة الأمور والتعامل مع المستجدات أسسها الحزم والشفافية والقرب والتواصل.
وتحقيقا لروح التواصل والقرب من المواطن٬ باعتبارها المدخل الحقيقي لأداء خدمة لا تستجيب فقط للحاجيات المعبر عنها بل تستبق ما قد يستجد منها أيضا٬ اعتمدت الإدارة العامة للأمن الوطني مفهوم الشرطة المجتمعية لتطبيق فلسفة القرب والاستجابة لحاجيات المواطنين الأمنية اليومية بالسرعة المطلوبة٬ وتكريس ثقافة الحوار والتواصل٬ مساهمة منها في تفعيل المفهوم الجديد للسلطة٬ وحفظا لحقوق مواطنة وكرامة كل فرد٬ التي تمثل في العمق الخيط الرابط والدقيق لضمان الأمن والاستقرار الدائمين والمترسخين بين جميع مكونات المجتمع.
وعلى هذا النحو٬ تشكل هذه الذكرى٬ التي تكتسي دلالات عميقة لدى الشعب المغربي عامة٬ وأسرة الأمن الوطني على وجه الخصوص٬ مناسبة تجدد فيها أسرة الأمن الوطني العهد على مواصلة أداء واجبها بروح من التفاني ونكران الذات والانضباط والتعبئة واليقظة وفي التزام تام بسيادة القانون وتشبث بمقدسات المملكة وثوابتها الراسخة.
وكلما استجدت ذكرى التأسيس التي مثلت في إبانها ملمحا أساسيا وبارزا في مقومات استكمال السيادة الوطنية عقب استقلال المملكة٬ تأكد بالملموس مدى جوهرية الدور المنوط برجال الأمن ومدى ما أبانوا عنه من نجاعة فائقة وعزم قوي في الدفاع عن أمن المواطنين والوطن وسلامتهم٬ وذلك في ميدان الوقاية وتفكيك شبكات الإرهاب والإجرام في سرعة فائقة يشهد لهم بها شركاؤهم على الصعيد الدولي.
وموازاة مع ذلك٬ شكل تطوير آليات العمل وتقنيات التدخل وتوسيع نطاق مجالات الحضور الميداني وحسن تدبير الموارد البشرية وتدعيم الموارد البشرية بالعنصر النسوي إضافة نوعية ساهمت في الارتقاء بمستوى خدمات وتدخلات مؤسسة الأمن الوطني.
وغير خاف عن الجمهور٬ ناهيك عن المتخصصين٬ ما عرفته هذه المؤسسة٬ خلال السنوات الأخيرة٬ من تحولات كبيرة٬ همت٬ بالأساس٬ تطوير مناهج التكوين وتأهيل العنصر البشري٬ خاصة عبر تعزيز دور الشرطة التقنية والعلمية٬ وتقريب مصادر الخبرة من الشرطة القضائية في مكافحة الجريمة٬ وملاءمة التصور المعرفي والمنهجي لنظم البحث الدولية٬ حيث وضعت المديرية العامة للأمن الوطني٬ في هذا الصدد٬ مجموعة من الآليات والوسائل لدعم التكوين في مجال حقوق الإنسان٬ أبرزها العمل على إصدار مدونة لأخلاقيات رجال الشرطة٬ تتلاءم مع التزامات المغرب الوطنية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان وبالتطلعات الحقوقية وما يتصل منها بإرساء دولة الحق والقانون وتحقيق شرطة المواطنة.
ومواكبة لكل هذه التحولات وبالنظر لأدوارها الحيوية٬ ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يولي عناية خاصة لأفراد أسرة الأمن الوطني٬ خاصة في الشق المتعلق بالخدمات الاجتماعية٬ كالضمان الصحي والسكن الاجتماعي والقروض والتأمين والعمل الاجتماعي والتربوي والتأطيري.
وعلى المستوى المهني والاجتماعي٬ شهدت سنة 2010 صدور ظهير شريف مكن المديرية العامة للأمن الوطني من نظام خاص بغية تحسين الظروف المهنية والمادية والاجتماعية لأسرة الأمن الوطني من خلال الزيادة في الأجور وتعزيز وتطوير الخدمات الاجتماعية.
وينص هذا الظهير الشريف٬ بالخصوص٬ في مادته السابعة على تمتيع جميع موظفي الأمن الوطني بحماية الدولة٬ مما قد يتعرضون له من تهديدات أو هجومات أو إهانات أو سب (...)٬ وكذا التعويض عن الأضرار الجسدية التي يمكن أن يتعرضوا لها أثناء مزاولتهم لمهامهم (...).
يذكر أن مؤسسة الأمن الوطني عضو بالمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (أنتربول)٬ وتشارك بفعالية في المؤتمرات الإفريقية والعربية والدولية من أجل تعزيز أواصر التعاون بين المغرب وباقي شركائه في مجال تبادل التجارب والمعلومات الخاصة بمكافحة الجريمة الدولية بمختلف أنواعها.
ويظل 16 مايو 1956٬ تاريخ إحداث المديرية العامة للأمن الوطني٬ لحظة تتجدد بحلول الذكرى للوقوف على ما تم إنجازه واستشراف المستقبل بكل تحدياته ورهاناته بكل عزم وإرادة.