مما يثير الشفقة لدى بعض الكتاب الجزائريين أن خضوعهم لغسيل أمعائهم الدماغاية منذ 50 سنة تؤدي إلى إفراز سيلانات كريهة الرائحة تثير التقزز أكثر مما تثير الانخراط في جدلية الحوار الذي يدفع حتماً في اتجاه التفاعل الإيجابي للوصول إلى توافق، هذا ما أثاره موضوع "مطلب فتح الحدود المغربية ومسائل الأمن القومي الجزائري"، وأنا أُغْلِقُ أنفي من نتانة رائحة السيالانات الكريهة المنبعثة من الموضوع إياه، راودتني فكرة الرد على هذا الموضع بعنوان " مسائل الأمن القومي الجزائري بين فتح الحدود والتضليل الإعلامي المعهود "، لكن انتهى بي الموضوع إلى استنتاج قوي مفاده أن " فزاعة المغرب هو أكبر غطاء لاستدامة الفساد والاستبداد في الجزائر". وقبل الخوض في صميم الموضوع، لابد من الإشارة إلى أن موقع "الجزائر تايمز" قد ضرب أروع مثل للرأي والرأي المضاد حينما نشر مقالا لصاحبه بالعنوان أعلاه ختمه صاحبه باتهام الموقع بالتحيز للمغرب، بنشر أخبار تمدحه ونشر أخبار ضد النظام الجزائري ، ولا يسعنا إلا أن نهمس في أذن صاحب المقال :" إنك لا ترى في الموقع إلا ما تريد و لا تريد أن ترى ما لا تريد " ... ونترك لذوي الاختصاص المواظبين على ما ينشره هذا الموقع الموقر ليحسموا أمر التحيز بدراسة علمية محايدة . وبعودتنا لموضوع ربط فتح الحدود مع المغرب بالأمن القومي الجزائري – كما يقول صاحب المقال المذكور - يتأكد لنا ولأول وهلة أنه ربط فج غير متناسب مع الوضع غير الطبيعي، المنبثق عن بصيرة عشواء تروم الهروب من حقائق صادمة للحفاظ على مكاسب النظام البوليسي الفاشستي، الحاكم في الجزائر لتجنب الانفتاح على فضاء سيكشف - حتما - عورة الجاثمين على صدر الشعب الجزائري، والاستمرار في إفقاره ونهب خيراته إلى ما شاء الله ....
أولا : التواطؤ مع الفاشيست الحاكمين في الجزائر إن الذي يربط الاحتجاجات الدائمة في المغرب بالمطالبة بفتح الحدود مع الجزائر ينم عن مرض تضخم الأنا، واعتبار الذات مركزا للكون وهو المرض الذي أفلح النظام الجزائري على نشره في البلاد منذ 50 سنة حيث استحكم هذا في نفوس الطبقة الطفيلية المستفيدة من تواطُئها مع أجهزة النظام البوليسي الفاشستي الحاكم. ويعتمد هذا المرض على تضخيم صورة الجزائر العظيمة المحسودة على خيراتها وطمع الجيران فيها، مما جعل النظام يسعى دائما إلى قطع كل ارتباط بالجيران ونشر الأكاذيب حتى أضحى الشعب الجزائري محاصرا في جغرافية حجرية جامدة لا روح فيها. ومثل هذه الحالة تجعل الإنسان المُتَوحِّد المُنغلق على نفسه يَجْتَرُّ الأكاذيب اليومية، حتى يعتقد أنها حقائق فتترسخ في أعماق أناه، وتلك هي الكارثة العظمى. ..، فللمغرب مشاكله البعيدة كل البعد عن حدوده الشرقية ما عدا حشر حكام الجزائر أنوفهم في قضية وحدته الترابية ...فَأَنْ يَجْثُمَ الفاشيست الحاكمين على صدر الشعب الجزائري فلا غرابة في ذلك، لكن أن يتواطأ معها بعض الكتبة للدفاع عن مواقفهم المتخلفة وغير المقنعة فتلك لعمري كارثة الكوارث .
ثانيا: الأمن القومي الجزائري ومصالح حكام الجزائر في المقام الأول
صحيح أن ربط فتح الحدود مع المغرب يجعل الأمن القومي الجزائري والمصالح الاقتصادية والسياسية في المقام الأول، لكن بأي مفهوم هل بمفهوم مصالح الشعب الجزائري أم بمفهوم مصالح النظام الفاشستي الحاكم، اليوم لن يقتنع أي عاقل في العالم، بأن دولة اختارت نظام الحزب الوحيد والحكم الشمولي والاقتصاد الموجه والسباحة في فلك النظام الشيوعي البائد، أقول لن يقتنع عاقل بأن نظام الجزائر هذا سيقبل الانفتاح على جيران بعضهم أصبح رمزا للثورة العربية ( تونس) وبعضهم كانت كل دساتيره منذ الاستقلال تمنع قيام الحزب الوحيد واختار العضوية في نادي العالم الحر والاقتصاد الليبيرالي ( المغرب ) .. لن يقبل حكام الجزائر الجاثمين على صدر الشعب الجزائري أن تنفتح عيون الشعب على عالم سَيَقْلِبُ كيان النظام الحاكم رأسا على عقب، ولنا في ما جرى للمرحوم الشاذلي بن جديد، حينما تجرأ وقرر الانحراف ب 180 درجة بتغيير الدستور واعتماد نظام ديمقراطي متعدد وما جرى له مع عصابة الأربعين حرامي، بقيادة الجزار خالد نزار الذي استباح دماء ونساء وأطفال ورجال الشعب الجزائري في عشرية حمراء أرعبت الشعب الجزائري الذي لا تزال رُكَبُهُ تَصْطَكُّ هلعاً من جنرالات المخابرات الماسكين بخناقه إلى اليوم ... فهل يتجرأ أحدٌ على المجاهرة بالانفتاح على المغرب وفي ذلك حتف النظام الحاكم في الجزائر بدون شك ؟... بهذا المفهوم صحيح إذن أن الأمن القومي للنظام الفاشستي الحاكم في الجزائر سيكون في خطر إذا فتح الحدود مع المغرب.
ثالثا : إغراق الجزائر بالمخدرات مظهر من مظاهر الفساد المستشري فيها إن تركيز حكام الجزائر على مسؤولية الدولة المغربية في تدفق المخدرات على الجزائر هو بحد ذاته، مخدر خطير يَصُبُّ في تحقيق الهدف الرئيسي الذي هو عزل الشعب الجزائري عن محيطه ، فكما أن الدعوة لإغلاق الحدود مع المغرب فيه حماية للنظام الجزائري، فإن الدعاية لتضخيم دور المغرب في إغراق الجزائر بالمخدرات هو مخدر للشعب الجزائري حتى يرى الشعب في الآخرين الخطر على حياته، وينشغل عن لصوص الجزائر المستفيدين من العزلة عن العالم المحيط بهم حتى يستفردوا بالشعب الجزائري ليفعلوا به ما يريدون... والحقيقة، هي أن إغراق الجزائر بالمخدرات مظهر من مظاهر الفساد المنتشر في البلاد ، ولولا تواطؤ ضباط جزائريين مع المافيا الدولية للاتجار في المخدرات الخضراء والصلبة، أقول لولا تواطؤ ضباط الجيش والجمارك والأمن في الجزائر مع هذه المافيا، لما تم إغراق السوق الجزائرية بهذه المخدرات وبذلك يضرب النظام الجزائري عدة عصافير بحجر واحد: استعداء المغرب، عزل الشعب الجزائري، كسب المال من ترويج المخدرات، تخدير الشعب الجزائري بمخدرين : الأول مخدر مادي أي إغراق السوق بالمخدرات والثاني معنوي وهو التركيز على مسؤولية المغرب في ذلك ...نظام الحركي الحاكم في الجزائر هو العدو الأول للشعب الجزائري ...
رابعا : فزاعة المغرب هي أكبر غطاء لاستدامة الفساد و الاستبداد في الجزائر المغرب هو الوسواس القهري للإعلام الجزائري المُضَلِّل و من أكبر المغالطات، القول بأن المغرب يهتم بما يجري في الجزائر ، فمنذ 35 سنة ونشرات الأخبار في إذاعات وقنوات الجزائر تبدأ بأخبار الصحراء المحتلة التي يلتبس فيها الكلام عن الضفة الغربيةبفلسطينالمحتلة والعدو الصهيوني بالصحراء المحتلة والعدو المغربي وتكرار نفس المفردات المستعملة في أخبار القضية الفلسطينية، ويمكن للمرء أن يتأكد من ذلك بحذف كلمة فلسطين ووضع الصحراء مكانها ليكتشف سهولة الزيف والتزوير الذي يمارسه الإعلام الجزائري الرسمي، فقد وجد هذا الإعلام البئيس قضية فلسطين جاهزة منذ 65 سنة، ليسطو على قاموسها الإعلامي بغباء سافر ويسقطه على قضية الصحراء... إن النظام الجزائري يعتمد سياسة الإرهاب الفكري والجسدي، ومن السيوف المسلطة على رقاب الشعب الجزائري فزاعة المغرب العدو الخطير الذي يجب محاربته، والدعاية لعداوة المغرب مقدمة على جميع مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفساد، بل إن أي جزائري يدعو للانكباب على مشاكل الشعب الجزائري الحقيقية، وترك عداوة المغرب يعتبر خائنا يجب قتله حيث تتصدى له كل وسائل الإعلام الرسمية الجزائرية البئيسة لتشويه سمعته وتسليط كل الوسائل المخابراتية حتى تخنق صوته أو تصفيه جسديا لأن الاعتناء بفزاعة المغرب. والسهر اليومي على تضخيمها وإنفاق الغالي والنفيس من أجلها يعتبر أقدس مقدسات النظام الحاكم في الجزائر وأولوية الأولويات لتحقيق هدف صغير، وهو تغذية الحقد الأعمى على المملكة المغربية، نظاما وشعبا من أجل هدف كبير وهو إطالة عمر حكم العسكر في الجزائر ولتحقيق هدف أكبر وهو استدامة الهيمنة، والسطو على خيرات الشعب الجزائري، وسرقتها وتهريب أمواله إلى الخارج، وتبقى فزاعة المغرب أكبر غطاء لاستدامة الفساد والاستبداد في الجزائر لنهب خيراتها ...