بدأت ملامح أسباب رفض تونس التصويت على القرار الأممي 2602 الأخير الخاص بتمديد عمل "المينورسو" في الصحراء، تنكشف بالتدريج، خاصة أنه رفض مفاجئ ويُعتبر بمثابة سابقة في العلاقات التونسية المغربية، لما يحمله من ميل نحو الجزائر في هذه القضية، خاصة أنها اصطفت إلى جانب روسيا التي امتنعت بدورها عن التصويت عن هذا القرار. ومباشرة بعد إعلان رفض تونس عن التصويت عن قرار تمديد عمل بعثة "المينورسو" تبادرت العديد من التساؤلات حول هذا الاختيار، وذهبت التكهنات نحو ممارسة الجزائر لضغوطات اقتصادية وسياسية على تونس لدفعها لرفض التصويت، بالرغم من أن الأخيرة خرجت بتصريح رسمي عبر المستشار لدى رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيد، وليد الحجام، مبررة خطوتها بالقول بأن"تونس تتمسك بعلاقاتها الأخوية والتاريخية المتميزة مع كل الدول المغاربية، كما تتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي في تعاطيها مع ملف الصحراء" التي وصفتها ب"الغربية". وتبدو أن التكهنات التي ذهب إليها الكثير من المتتبعين للرفض التونسي للتصويت على القرار الأممي بتمديد عمل بعثة "المينورسو" لعام آخر إلى غاية متم أكتوبر 2022، وهو التمديد الذي لم يُرض الجزائر ولا جبهة "البوليساريو"، تحمل في طياتها بعض الصواب، خاصة في ظل وجود عوامل لها ارتباط بسياق دولي وإقليمي مرتبط بالغاز الذي يعرف ارتفاعا في الطلب الدولي عليه وما يرافقه من ارتفاع في الأسعار. وتُعتبر تونس من البلدان التي تعتمد على الغاز الجزائري في مناطق حدودية هامة، بالإضافة إلى الارتباط بالجار الجزائري في العديد من المبادلات التجارية على الحدود، وهو ما يفسر نوعا ما أسباب اتخاذ تونس موقفا غير مسبوق في قضية الصحراء المغربية مؤخرا. وفي هذا السياق، عقدت وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية، نائلة نويرة القنجي، يوم أمس الأربعاء، لقاء بتقنية التناظر المرئي، مع نظيرها الجزائري، وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، لمناقشة رغبة تونس في زيادة أحجام الغاز الطبيعي الجزائري المصدرة إلى بلادها، وفق ما كشفته عنه وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية. وحسب ذات المصدر، فإن الوزير التونسية أعربت عن رغبة بلادها في زيادة الواردات من الغاز الجزائري "قصد تموين أكبر للبلدات الحدودية التونسية بهاته المادة الأولية"، مقترحة تحديث الدراسات بهدف إمداد المدن الحدودية التونسية، على غرار تزويد مدينة ساقية سيدي يوسف التاريخية، في 2019، من الشبكة الوطنية للغاز الجزائرية، والتي كانت خطوة أولى لتحقيق مشروع إمداد البلدات الحدودية التونسية بالغاز الطبيعي. كما تحدث الطرفان، حسب ذات الوكالة، إلى حالة تقدم وتطور المشاريع والعقود الحالية وفرص التعاون المستقبلية، ورفع القدرات التشغيلية والتوصيلات الكهربائية بين البلدين، وكذلك دراسة إمكانية زيادة حجم إمداد تونس بالمنتجات البترولية و غاز البترول المسال وغاز البوتان. ووصف الجانبان حسب وكالة الأنباء الجزائرية أن العلاقات بين البلدين، خاصة في مجال الطاقة، بأنها علاقات "نموذجية وناجحة". ويأتي هذا اللقاء على بُعد أقل من أسبوع من التصويت على قرار الأممالمتحدة المتعلق بتمديد عمل بعثة "المينورسو"، الأمر الذي يُفسر الأسباب التي تقف وراء اتخاذ تونس موقفا يتماشى مع الطرح الجزائري، بالرغم من أن النتيجة النهائية لم تكن في صالح الجزائر وما تريده "البوليساريو".