تعززت الكتب الدراسية التي تتناول المكون العبري والتراث اليهودي المغربي، خلال السنة الدراسية الجديدة، بمادة اللغة العربية ومادة اللغة الفرنسية ابتداء من السنة الرابعة ابتدائي، بعد ان كانت تقتصر، خلال المواسم الدراسية السابقة، على مادة التاريخ فقط. وتم الانتقال من ثلاثة كتب مدرسية بها نصوص ومواضيع تهم اليهود خلال المواسم السابقة، إلى 18 كتابا خلال الموسم الحالي. وكشف رشيد دوناس، الباحث في التاريخ اليهودي المغربي، أهمية هذه الخطوة التي قامت بها وزارة التربية الوطنية في سبيل رد الاعتبار لمكون جوهري في التاريخ والثقافة المغربيين. وقال دوناس، في حوار مع موقع القناة الثانية الذي أورد الخبر اليوم، إن هذه "الخطوة في غاية الأهمية. لا يمكن إلا التنويه والإشادة بها ولو أنها جاءت متأخرة، ذلك أنه منذ استقلال المغرب لم تتضمن المقررات التعليمية دروس عن المكون العبري المغربي والثقافة اليهودية بشكل عام، وهو ما أدى إلى جهل أجيال مغربية متعاقبة لكل شيء تقريبا عن الروافد اليهودية المكونة للشخصية المغربية." وتأتي هذه المبادرة الشجاعة، يضيف المتحدث، "لاستدراك ذلك الغياب، مما سيتيح للأجيال الحالية والمستقبلية معرفة الأدوار الحيوية التي قامت بها الجماعات المغربية اليهودية على مدار تواجدها بالمغرب منذ قرون طويلة، فضلا عن إتاحة الإمكانية لفهم الاكراهات والتحديات التي واجهتها في علاقتها بالغالبية المسلمة." وحول ما إذا كانت هذه الخطوة كافية لخلق "تطبيع" التلميذ مع رافد وطني يعترف به دستور المملكة، أجاب الباحث بالقول إن هذه الخطوة "مهمة لكنها غير كافية، وهو ما يتطلب القيام بخطوات أخرى في جميع المستويات وفي جميع الشعب، في أفق تحرير الوعي العام من التمثلات الناتجة عن تشكل أحكام مسبقة اتجاه هذا المكون المغربي اليهودي الأصيل الذي ساهم بقسط مهم في صنع الشخصية المغربية." وأكد الباحث على ضرورة الانفتاح أكثر على تاريخ المغاربة اليهود على المستوى الإعلامي خصوصا عبر الإعلام التلفزي والسمعي، لما له من أهمية كبيرة في الوصول إلى أوسع شريحة ممكنة، مع ضرورة استضافة متخصصين في هذا الموضوع لما لهم من خبرات ودراية علمية تأهلهم لتناول الموضوع من دون السقوط في السطحية والاختزال. وعن أثر هذه الخطوة حول بلورة سيرة جديدة للتعايش التي تميز بها المغاربة، قال المتحدث ان لا شك في ذلك، لأنه "كلما كانت معرفتنا التاريخية بالآخر وبالشروط التي تشكل فيها، والاكراهات التي تحكمت في اختياراته، كلما ساهم ذلك في تكسير الرؤى والأحكام التي تبنى في سياقات اجتماعية وسياسية ظرفية تختزل الآخر في إحدى خصائصه، حتى نستطيع تجاوز الخطابات المتطرفة التي انتعشت في سياق منطق مانوي يصعب معه تكريس قيم الاختلاف والتعايش، في أفق التنويه بقدرات المجتمع المغربي الذي يتميز بخصوصية في التعامل مع الأقلية المغربية اليهودية".