أفادت تقارير دولية بأن نساء عاملات في مؤسسات حكومية وبمنظمات أهلية في أفغانستان خرجن في مظاهرة، وطالبن طالبان بعدم تجاهل ما أحرز من تقدم في مجال حقوق المرأة خلال ال 20 عاما الماضية. وفي هذا الصعيد، لا تزال أسئلة كبيرة تثار بشأن مستقبل النساء في أفغانستان، منذ أن سيطرت حركة طالبان المتطرفة على العاصمة كابل. وتتخوف المنظمات الدولية الحقوقية من عودة الحقبة المظلمة من عهد طالبان الأول، حين حكمت البلاد بين عامي 1996 و2001 وطبقت وجهة نظرها المتطرفة للشريعة الإسلامية، ما أدى إلى فقدان النساء لأبسط الحقوق الإنسانية العامة، مثل التعليم والعمل وحرية الحركة. وكانت طالبان في دولتها الأولى قد حظرت العمل على النساء ومنعت الفتيات من الالتحاق بالمدارس، وفُرض على النساء ارتداء الملابس التقليدية والالتزام بالبرقع، وعدم الخروج من المنزل والتنقل في الأماكن العامة من دون محرم ومرافق من الرجال. وتعرضت النساء اللواتي خالفن تعاليم طالبان خلال فترة حكمها الأول إلى ممارسات مذلة، وإلى الجلد والإيذاء على أيدي الشرطة الدينية، بما في ذلك رجم النساء اللائي اتهمن بالزنا. وتتخوف أعداد كبيرة من النساء الأفغانيات على مستقبلهن، عقب دخولهن خلال العقدين الأخيرين الحياة العامة ومجال العمل في الإعلام والخدمات الطبية والتدريس، وفي الإدارات الحكومية العامة، علاوة على مزاولة أعداد منهن لأعمال خاصة متنوعة. وكان عدد النساء الأفغانيات العاملات قد ارتفع في عام 2019 إلى 22 بالمائة مقارنة بعام 2001، وكانت النسبة حينها 15%. وبالمقارنة بعهد حكم طالبان، لم تُسجل أي فتاة في أفغانستان بالمدرسة الثانوية عام 1999، فيما كان عدد الفتيات في المدارس الابتدائية لا يتعدى 9000 تلميذة، في حين بلغ في عام 2003 عدد الملتحقات بالمدارس الابتدائية 2.4 مليون تلميذة، وارتفع لاحقا إلى 3.5 مليون تلميذة. وعلى الرغم من التصريحات المطمئنة على حقوق المرأة التي صدرت عن بعض المتحدثين باسم "طالبان" بما في ذلك الإعلان أن الحركة تنوي دعوة النساء إلى المشاركة في أعمال الإدارة الجديدة التي ستشكلها، إلا أن شكوكا قوية تدور حول مستقبل مثل هذه الوعود. بالمقابل، رصدت مؤشرات، زادت من مخاوف عودة الزمن إلى الوراء، وتراجع النساء عما تحقق لهن في العقدين الأخيرين من مكاسب. من ذلك أن طالبان ما أن سيطرت على العاصمة كابل حتى أزالت صور النساء من واجهات المحلات التجارية. كما تقول تقارير إن حركة طالبان أمرت النساء بعدم مغادرة منازلهن إلا بمحرم، وأبلغن أنه لم يعد بإمكانهن العمل أو الالتحاق بالمؤسسات التعليمية أو التسوق، وارتداء الملابس التي تروق لهن، في حين تنفي أصوات من داخل طالبان مثل هذا الأمر. ومن هذه الإشارات المقلقة على مستقبل النساء، ما تداول من أن موظفات تعملن في مصرفين، أحدهما في قندهار والثاني في هرات، تعرضن لمضايقة عناصر من طالبان، حيث أجبرن على العودة إلى منازلهن وأمرن بعدم العودة إلى عملهن. على أية حال، لا يزال الوضع بشكل عام مضبب في أفغانستان، ولا يعرف ماذا ستفعل طالبان بعد أن تشكل سلطتها الجديدة، وهل ستعود إلى ممارساتها السابقة أم أنها تغيرت كما توحي بعض التصريحات. وعلى الرغم من بعض التفاؤل في تصريحات حيال مستقبل أفغانستان، إلا أن وجهة النظر المتشائمة المقابلة ترى أن طالبان ليست في وضع يفرض عليها تقديم تنازلات تمس قواعدها الفكرية الأساسية المتزمتة، ولا ينتظر حدوث أي تغير جوهري في سياسات وممارسات طالبان في المستقبل، وخاصة بالنسبة لطريقة التعامل مع النساء، إلا أن جميع الاحتمالات ممكنة. وقد يكون الزمن والأحداث والتطورات المتعاقبة في العقدين الأخيرين قد "لينت" بشكل ما من أفكار الحركة ومن "شدة" تطرفها، والأيام المقبلة ستكشف عن كل شيء.