كرر زعيم حركة طالبان هبة الله أخوند زاده في رسالة بمناسبة عيد الأضحى، اليوم الأحد، تأييده "بشدة لتسوية سياسية" للنزاع في أفغانستان "رغم التقدم والانتصارات العسكرية" التي سجلتها الحركة في الشهرين الأخيرين. وقال أخوند زاده "بدلا من الاعتماد على الأجانب، دعونا نحل مشاكلنا في ما بيننا وننقذ وطننا من الأزمة". واجتمع وفدان عن الحكومة الأفغانية وطالبان في قطر السبت لاستئناف المحادثات التي بدأت في سبتمبر ولا تزال متعثرة حتى الآن، في وقت يشن المتمردون هجوما كاسحا على القوات الأفغانية، سيطروا خلاله على مناطق عديدة. وقال زعيم طالبان "نحن من جهتنا مصممون على التوصل إلى حل من خلال المفاوضات، لكن الطرف الآخر يواصل إهدار الوقت". وشنت حركة طالبان هجوما شاملا على القوات الأفغانية في أوائل ماي مستغلة بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يكتمل بحلول نهاية غشت. وسيطرت الحركة على مناطق ريفية شاسعة، ومعابر حدودية مهمة مع إيران وتركمانستان وطاجيكستان وباكستان. ولم تعد القوات الأفغانية التي باتت محرومة من الدعم الجوي الأمريكي الحيوي، تسيطر سوى على المحاور الكبرى وعواصمالولايات. ويطوق المتمردون عواصم بعض الولايات لكنهم لم يشنوا مؤخرا أي هجوم كبير ضد هذه المدن، باستثناء عملية قصيرة في يوليوز في قلعة نو عاصمة ولاية بدغيس، التي كانوا قد طردوا منها بعد معارك دامت أياما . لم يأت زعيم طالبان على ذكر وقف إطلاق نار بمناسبة عيد الأضحى. وكان المتمردون على مر السنوات، يعلنون أحيانا هدنة بمناسبة أعياد إسلامية. وعدد زعيم طالبان في رسالته سلسلة من التعهدات في حال قيام "إمارة إسلامية" في البلاد. وكانت الإمارة الإسلامية اسم نظام طالبان الذي قاد أفغانستان بين 1996 و2001 وطرده تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة، بعد رفضه تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أعقاب اعتداءات 11 شتنبر 2001. وقال أخوند زاده "نريد علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية جيدة ووثيقة (…) مع جميع دول العالم بما فيها الولاياتالمتحدة". وأضاف "نؤكد لدول الجوار والمنطقة والعالم أن أفغانستان لن تسمح لأي كان بتهديد أمن أي دولة أخرى انطلاقا من أراضيها". وشدد زعيم طالبان على محو الأمية، مؤكدا أن "الإمارة الإسلامية ستحرص خصوصا وستبذل جهودا من أجل خلق بيئة مناسبة لتعليم الفتيات في إطار الشريعة الإسلامية العظيمة"، فيما كانت الفتيات تحت حكمهم ممنوعات من الذهاب إلى المدرسة والنساء ممنوعات من العمل. ونسب عدد كبير من الهجمات ضد مدارس إلى حركة طالبان في السنوات العشرين الأخيرة، رغم عدم تبنيها من أي جهة. أكد أخوند زاده للصحافيين "التزامه حيال حرية التعبير ضمن حدود الشريعة والمصالح الوطنية"، معربا عن رغبته في العمل مع منظمات غير حكومية دولية في مجال الصحة. وكرر أيضا وعده بضمان سلامة الدبلوماسيين والسفارات والقنصليات والمنظمات الإنسانية والمستثمرين الأجانب. منذ أن أعلنت واشنطن العام الماضي الانسحاب النهائي للقوات الأجنبية من أفغانستان بموجب اتفاق مع طالبان، تحاول الحركة إظهار صورة لها أكثر حداثة واعتدالا، خصوصا حيال الخارج. يبدو أن طالبان تعمل منذ فترة طويلة تحت قيادة واحدة وفعالة وتشن حملات عسكرية واسعة، على الرغم من انتشار شائعات تتحدث عن خلافات بين قادتها. لكن السؤال الذي لا يزال مطروحا هو مدى التأثير الذي ستتمتع به قيادة الحركة على القادة الميدانيين، وما إذا ستكون قادرة على جعلهم يحترمون اتفاق سلام محتمل. مقابل تقدم متمردي طالبان الذين اقتربوا مؤخرا من العاصمة كابول، يتزايد القلق في أفغانستان خصوصا في العاصمة وفي صفوف النخبة المثقفة والنساء، من احتمال عودة الحركة إلى الحكم، ما من شأنه أن يهدر تقدما أحرز على مدى عشرين عاما، رغم أن جزءً كبيرا من سكان الأرياف الأفغانية لا يزال تقليديا إلى حد بعيد.