يتواصل دوي صفارات الإنذار منذ عدة أيام في مقاطعتي كوازولو ناتال وغوتنغ بجنوب إفريقيا، منذ أن اندلعت المظاهرات العنيفة المؤيدة للرئيس السابق للبلاد جاكوب زوما والتي تحولت إلى أعمال نهب وتخريب. ومازالت مدن كبرى في جنوب إفريقيا مثل جوهانسبورغ ودوربان وبييترماريتزبورغ تشكل مسرحا لأعمال عنف وإجرام في أعقاب تنفيذ الحكم بالسحن في حق رئيس جنوب أفريقيا السابق جاكوب زوما بتهمة ازدراء العدالة. ولم يعد المتظاهرون في الشوارع يطالبون فقط بإطلاق سراح زعيمهم السياسي، وإنما أضحوا يرتكبون أعمال تخريب ونهب للمتاجر الكبرى و يضرمون النيران في الممتلكات العامة والخاصة. وفي تجاهل تام لحالة الطوارئ الصحية المفروضة بالبلاد والقيود الصارمة للتصدي لجائحة كوفيذ-19، عمدت حشود من اللصوص والمجرمين إلى اقتحام المدن الكبرى في جنوب أفريقيا، مما أدى إلى حالة من الذعر في جميع أنحاء البلاد. ففي مدينة جوهانسبورغ، ذات الثقل الاقتصادي بجنوب إفريقيا، أضحى حي الأعمال ساندتون سيتي مهجورا، علما أنه كان وجهة للكثير من الزبائن والمارة الذين كانوا يقبلون عليه بكثافة في الاوقات العادية وخاصة خلال فترة التخفيضات. وبالمقابل، أصبح تواجد قوات الأمن المدججة بالسلاح واضحا جدا، فيما يعمل الحرس التابعون لشركات الأمن الخاصة، على حراسة مداخل وممرات الأسواق التجارية الكبرى. وإذا كان الوضع يبدو تحت السيطرة في الأحياء الغنية بالمدينة، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمناطق الفقيرة مثل بلدة ألكسندرا ومقاطعات مابونينغ، وبيريا، وجيبستاون، وفوسلوروس. وكانت شرطة جنوب أفريقيا قد أعلنت في حصيلة أخيرة عن مصرع ما لا يقل عن عشرة أشخاص واعتقال المئات في مقاطعة غاوتينغ، والتي تشمل جوهانسبورغ والعاصمة بريتوريا. ويضل الوضع أكثر خطورة في كوازولو-ناتال، معقل قبيلة زولو التي ينحدر منها زوما. حيث قام المتظاهرون بسد الطرق الرئيسية للمقاطعة، وأحرقوا السيارات والشاحنات ونهبوا العديد من مراكز التسوق. وصباح يوم الاثنين س مع دوي إطلاق نار وتفجيرات في أنحاء مختلفة من المقاطعة، وتدفقت حشود من المتظاهرين وعناصر الشرطة وحرس شركات الأمن الخاصة على المكان، في حين تم تعليق نظام النقل العمومي حتى إشعار آخر. وفي هذا السياق، قررت حكومة الرئيس سيريل رامافوزا اللجوء إلى إجراءات أكثر صرامة لمواجهة المظاهرات المؤيدة لزوما. وأعلنت أنه سيتم نشر قوات حفظ النظام والجيش للتعامل مع الاحتجاجات العنيفة التي تهز المقاطعتين المعنيتين. وكان رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، قد أعرب عن أسفه لأعمال العنف التي مازالت تعصف بالبلاد، داعيا المتظاهرين إلى الهدوء. كما دعا السكان إلى عدم المساس بدولة القانون وإلحاق الضرر بالاقتصاد الذي ساهمت الجائحة في إضعافه. ويبدوا أن سجن زوما ليس في نهاية المطاف سوى القطرة التي أفاضت الكأس في جنوب أفريقيا، حيث البطالة والعنف وعدم المساواة الاجتماعية تحطم جميع الأرقام القياسية. وهكذا، فإن ما كان قد بدأ بمظاهرات "مؤيدة لزوما" تحول، كما كان متوقعا، إلى أعمال نهب وتخريب، وكشف عن حقيقة بلد يعاني من الفقر بسبب سنوات طويلة من الفساد وسوء التدبير.