في الوقت الذي تكاثفت فيه الجهود والتفّت فيه كل مكونات الشعب المغربي حول القضية الوطنية، معربة عن رفضها للمبادرة الأمريكية القاضية بتقديم مسودة قرار إلى مجلس الأمن يدعو إلى توسيع صلاحيات البعثة الأممية في الصحراء، يأبى علي أنوزلا إلا أن يخرج أسلحته المهترئة لطعن الوطن، وذلك عبر مقالة في منشفته "لكم". المقال المعنون ب: لماذا الخوف من "مينورسو"؟ يحاول من خلاله القزم ترديد كل المقولات الانفصالية التي قيلت ولا تزال في حق قضية وحدتنا الترابية والتشكيك في المسلسل الديمقراطي الذي يعرفه المغرب، إلى غير ذلك من "لازمات" الخطاب "الانُزْلاوي" الموسوم بالخيانة والنذالة، وهو خطاب يروم من خلاله صاحبه ضرب اسٍّ من الأسس الثابتة للمغرب المتمثل في "المؤسسة الملكية". ويتضح الهدف من مقال أنوزلا، وهو هدف يسعى إلى النيل من الملكية بكل حمولتها التاريخية والدينية، من خلال الخطابات الواردة فيه إن مباشرة أو بين السطور. ويظهر ذلك جليا عندما يحمّل أنوزلا كل الويلات التي تحفّ بالمغرب للمؤسسة الملكية، كما يعتبر أن قضية أقاليمنا الجنوبية وما وصلت إليه يتحمل فيها القصر المسؤولية الكاملة عبر إشرافه المباشر على الملف واحتكار التدبير و"حتى المعلومات الخاصة بتطور الملف.. بدون استشارة الشعب الذي لا يحتاجه إلا عند التصفيق أو الاحتجاج أو التهييج". القزم انوزلا يختزل المطالبة بتوسيع مهام "مينورسو"، إلى "مجرد تحصيل حاصل للسياسة المتبعة في تدبير ملف الصحراء، مضيفا أنه "عندما يصبح في المستقبل هذا التدبير ديمقراطيا مسنودًا إلى سلطة صاحبة شرعية ديمقراطية خاضعة لمحاسبة ومساءلة الشعب ستكون تلك هي بداية تلمس طريقة الحل الذي لن يكون إلا ديمقراطيا"، كلام فيه الكثير من المغالطات بالرغم من تغليفه ببعض العبارات البراقة من قبيل "الشرعية" و "الديمقراطية" و"التدبير الديمقراطي" و"المحاسبة" و"المساءلة الشعبية".. ونحن نردّ على القزم بأنه لولا الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تنعم بها أنت وأمثالك داخل المغرب، لما أقدمت على قول كهذا، وهو قول يدخل في إطار ما يصطلح عليه في الاعتراف القانونية بالخيانة والتآمر على وحدة الوطن.. ورغم ذلك لا أحد مسّك بسوء لا من قريب ولا من بعيد، لأن الأجندة التي تخدمها معروفة كما أن المسرحيات التي تحاول حبكها وتمثيلها رفقة بعض المغرورين من انفصاليي الداخل لا تستحق الرد، وقد فهم المغرب الغرض من ذلك ولا يريد أن يمنحكم فرصة للظهور بمظهر "الضحية" و"أبطال التحرير" كما قد يتبادر إلى أذهانكم المريضة.. إن القول بأن المغرب يخاف من توسيع مهام "مينورسو" هو تمييع للقضية والتفاف عليها، حيث إن المغرب من خلال تعبئة كل طاقاته وكل الفعاليات الوطنية يهدف من وراء ذلك إلى أن ينبه المنتظم الدولي، ويعبر لأمثالك ان الشعب لا يمكن أن يفرط في وحدته، والقول بأن المغرب سبق له أن طالب في الجولة السابعة من المفاوضات غير الرسمية، التي جرت بنيويورك في يونيو 2011، بإدراج مسألة احترام حقوق الإنسان ضمن جدول أعمال جلسات التفاوض التي تشرف عليها هيأة الأممالمتحدة، تهدف بالأساس وكما جاء على لسان وزير الخارجية الأسبق، الطيب الفاسي الفهري، إلى ضمان حقوق الإنسان بالمخيمات حيث أن "هناك طلبا قويا لإقامة ميكانيزم مستقل لضمان حماية يومية لكل الموجودين في المخيمات منذ أكثر من 30 سنة"، والأمر بالطبع لا يعني أقاليمنا الصحراوية المفتوحة لكل الهيئات الحقوقية الوطنية منها والدولية وحتى الموالية منها للانفصاليين كما هو الشأن لمنظمة "روبرت كينيدي". .. إن كانت هناك ضرورة لحماية حقوق الإنسان بالمنطقة فالأولى أن تتجه بالأساس إلى مخيمات لحمادة، التي تنتفي فيها مقومات الدولة وينتشر فيها قانون العصابات وهو ما يختلف عن الوضع في اقاليمنا الصحراوية، التي تدخل في إطار التدبير اليومي لمؤسسات قانونية وشرعية شانها في ذلك شان باقي المناطق في المملكة.. أنوزلا استند إلى ما جاء في تصريح الديوان الملكي الأخير الذي يشير إلى الإجراءات الإدارية من أجل النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها على كافة تراب المغرب، وتعزيز استقلالية الآليات الوطنية لحقوق الإنسان وتوسيع انفتاح المغرب على الإجراءات الخاصة للأم المتحدة٬ وجهود المملكة لفائدة النهوض بحقوق الإنسان بكافة التراب الوطني٬ بما في ذلك الأقاليم الجنوبية.. قلت إن القزم يستند إلى كل ذلك للتساؤل بشكل ماكر "لماذا الخوف في هذه الحالة إذا كانت حقوق الإنسان في المغرب تحترم، واحترامها يحظى بإشادة المجتمع الدولي؟"، والحال أن القضية تتجاوز مسألة حقوق الإنسان، المفترى عليها من طرف انوزلا، لتطال مبدأ الشرعية الدولية الذي تأسست عليه "مينورسو"، وكذا المهام المنوطة بها، والتي لا يمكن بحال من الأحوال أن تتغير إلا برضا الأطراف والمغرب أساسا، باعتباره الطرف الأساسي في القضية، وقد تفضل القزم انوزلا مشكورا وأوضح لنا ان اسم "مينورسو" الرسمي هو "بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء "، هي إذن للاستفتاء وليس لغرض آخر، رغم علمنا ان انوزلا كان يهدف من وراء إدراج ذلك إبراز عبارة "الصحراء الغربية" وهو ما يظهر موقفه الواضح المتعاطف مع الانفصاليين، لأن المغاربة يقولون الصحراء المغربية وليس الغربية، وحتى الصحافة عندنا تقول بذلك لأنها تعتبر ان لا مساومة في قضية الوحدة الترابية.. ويمضي انوزلا في سرد خزعبلاته من خلال قوله أن هناك العديد من الأخطاء التي ارتكبت ، خاصة في مجال احترام حقوق الإنسان، ويورد مثالا على ذلك من خلال عملية تفكيك مخيم "إكديم إزيك" الذي اعتبره اكبر خطإ، حيث "صدرت التعليمات ليلا إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية للهجوم على محتجين عزل وهم نيام في الخلاء تحت خيام من "ملاحف" النساء".. هكذا إذن يعتبر القزم أن من كان في المخيم كانوا عزّلا، والحقيقة أن من كان أعزلا هي القوات العمومية التي ضحت بعناصر منها لكي لا تحسب عليها مثل هذه الأقوال التي كتبها انوزلا، وذلك من خلال دخولها المخيم بدون أسلحة، كما أن القول بان الخيام كانت مصنوعة من ملاحف النساء، فيه حجب للحقيقة وليّ لعنقها، لأن كل الصور أظهرت أن المخيم كان منظما بشكل محكم وان الخيام كانت من النوع الرفيع حيث استقدمت من الخارج، وكان المخيم يسير بالطرق التي تسير بها مخيمات "لحمادة" من طرف البوليساريو، وهو ما تبين فيما بعد خلال تفكيك المخيم ومحاكمة الجناة الذين أقدموا على قتل القوات العمومية.. ويقول انوزلا ان الرأي العام تابع كيف "تم سحل النساء العزل في شارع السمارة بالعيون، وقبل ذلك كيف تم التنكيل بالنساء وتعنيفهن في شوارع بوجدور"، والحال ان من تابع ذلك هو انوزلا وحفنة الانفصاليين، لأن كل ذلك كان صورا تم انتقاؤها بعناية فائقة وذلك بتواطؤ مع بعض النسوة اللائي مثلن ادوار الضحية مقابل أموال تأتيهم من الجزائر وبعض المنظمات بالخارج، وأسندت مهمة نشر الاشرطة والتعليق عليها لانوزلا عبر مزبلته "لكم" وعبر الانترنيت.. هل يعقل ان يتحرك الانفصاليون بكل حرية داخل المغرب، الذي تغيب فيه "الديمقراطية وتداس فيه حقوق الانسان"، وخارجه وبأوراق رسمية مغربية كما هو الشأن بالنسبة للعميلة امينة حيدر، التي تقوم برحلات مكوكية إلى أمريكيا للدعاية للانفصاليين دون ان يتم اعتقالهم او محاكمتها؟ هل يعقل ان يكتب صحافي افكارا تضرب في الصميم وحدة المغرب، الذي تغيب فيه "الديمقراطية وتداس فيه حقوق الانسان، وهي اقوال تدخل في إطار اعمال يجرمها القانون، ورغم ذلك لا أحد حاكمه أو ادخله إلى السجن؟ هي أسئلة موجهة لانوزلا وأسياده علّهم يستفيقون من "الكَلبة"(ليس الكلبة الحيوان ولكن الدوخة)، وينظرون إلى الواقع بعيون لا تحمل نظارات انتقائية، وقد علمنا الوطن انه غفور رحيم.. ويتمادى القزم انوزلا في غيّه من خلال قوله بأن لا وجود لدولة واحدة في العالم تعترف للمغرب بسيادته على الصحراء، و"أكثر من ذلك فالأممالمتحدة نفسها لا تعترف للمغرب بهذه السيادة"..وهذا الكلام ينمّ عن حقد دفين للوطن ويعبر عن الخلفيات التي ينطلق منها صاحبه، والتي لا يمكن ان تكون إلا في خدمة اجندة الجزائر وصنيعتها البوليساريو.. فضلا عن كون قول كهذا يعتبر جهلا بملف القضية ومسارها. ويمكن تذكير انوزلا ببعض الارقام علّها تفيده في هذا الشأن إذ أن "الجمهورية الوهمية"، وبمساندة من الجزائر وعن طريق شراء الذمم، استطاعت أن تحشد اعتراف العديد من الدول في العالم خصوصا دول أفريقيا حيث بلغ عددها 75 دولة، إلا أن العديد منها قام بسحب أو تجميد اعترافه بالجمهورية الوهمية فيما بعد حيث انخفض العدد من 75 إلى 40 ولا يزال الرقم مرشحا للانخفاض... كما أن العديد من الدول الكبرى في العالم كفرنسا والولايات المتحدةالأمريكية وإسبانيا ودول "جامعة الدول العربية" باستثناء الجزائر، وكذا العديد من دول إفريقيا والعالم تعترف بسيادة المغرب على الصحراء وتدعم مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها لحل النزاع... ولا نظن ان كل هذه الدول قد غابت عن ذهن انوزلا، إن كان له ذهن، إذ أنها محاولة منه لإخفاء "الشمس بالغربال" كما يقول المغاربة، وهي شمس لا بد ان تسطع في يوم من الأيام، وعندها سيجد انوزلا نفسه وحيدا في الميدان يصارع طواحين الوهم والبهتان..