أكد قادة سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان بالجزائر، أن الانتخابات التشريعية المبكرة، التي جرت، أول أمس السبت، في الجزائر، كانت "موعدا ضائعا آخر". واعتبر رئيس جمعية "تجمع- عمل - شبيبة" (راج)، عبد الوهاب فرساوي، أن هذه الانتخابات التشريعية هي "موعد ضائع آخر" في بلد يعيش أزمة سياسية عميقة، والتي "لا يمكن أن يكون حلها إلا سياسيا". ورأى أن "تنظيم انتخابات في السياق الحالي يزيد الوضع سوأ، ويطيل أمد الأزمة"، محذرا من أن "المجلس الشعبي الوطني الذي سينبثق عن هذه الانتخابات سيكون الأكثر هشاشة والفاقد للمصداقية منذ الاستقلال"، كما تساءل عما إذا كانت السلطة ستأخذ العبرة من فشل خارطة طريقها. واعتبر أيضا أن هذا الاقتراع "فاقد مسبقا للأهلية بالنظر إلى الظروف التي جرى فيه"، مشيرا، في هذا الاتجاه، إلى العدد الكبير من الأشخاص الذين جرى اعتقالهم وإيداعهم رهن الحراسة النظرية، ومن أبرزهم المعارض السياسي كريم طابو، والصحفيين إحسان القاضي، وخالد درارني، وكذا محامين على غرار نبيلة إسماعيل، ومصطفى بوشاشي، والذين ينضاف لهم "أزيد من 200 معتقل رأي يقبعون حاليا في السجن". من جهته، حذر أحمد بطاطاش، النائب السابق عن حزب جبهة القوى الاشتراكية، أعرق أحزاب المعارضة بالجزائر، من أنه " إذا أصر النظام على الاستمرار في تنزيل خارطة طريقه، فإن الأمور ستتعقد مع خطر تفاقم الوضع أكثر". وقال بطاطاش، أستاذ القانون الدستوري، إنه في المقابل "إذا استوعبت السلطة الدرس من هذه الانتخابات ستكون مجبرة على فتح صفحة جديدة، عبر إطلاق حوار حقيقي ومسؤول مع كافة الفاعلين، والذي سيؤدي إلى انتقال ديمقراطي حقيقي". وذكر بأن ولايتي بجاية وتيزي وزو سجلتا نسبة مشاركة بأقل من 1 في المائة، معتبرا أن هذه النسبة تمثل "رسالة يوجه من خلالها الشعب رسالة للسلطة يعلن فيها رفضه للمسلسل برمته الذي تم إطلاقه بعد اندلاع الحراك في 22 فبراير 2019". وأبرز أن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، وبإعلانه عن نسبة مشاركة متوسطة بلغت 2ر30 في المائة، عند إغلاق مكاتب التصويت في الساعة الثامنة مساء، "حاول التخفيف من صدمة الامتناع"، مسجلا أن هذه النسبة ليست لها أي دلالة قانونية، وسياسية أو حسابية. من جانبه، قال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، سعيد صالحي، إن "الوضع السياسي لم يتغير، بل الأسوأ من ذلك أنه يتعقد ويستمر"، في حين أن "التحديات الاجتماعية تزداد زخما" في البلاد. واعتبر أنه "على الرغم من تصاعد القمع الذي انهال على الحراك خلال الأشهر الأخيرة، فقد فاقت نسبة رفض الانتخابات التشريعية وخارطة الطريق السياسية للنظام 70 في المائة، وبالتالي فإن الحراك السلمي، الوطني والمؤيد للديمقراطية يحافظ على الأغلبية". وتساءل صالحي، في هذا الاتجاه، عما إذا كانت السلطة ستأخذ علما بفشل خارطة طريقها الاستبدادية، وستتدارك الموقف من أجل إطلاق مسلسل سياسي جديد، ديمقراطي بشكل فعلي.