تسود حالة من الخوف وسط المصالح الأمنية والمخابراتية الاسبانية، وذلك بسبب تصرف حكومة بيدرو سانشيز التي تسببت في تدهور وفتور في التنسيق مع مصالح الأمن المغربية، في وقت تعيش فيه الجارة الأيبيرية مرحلة التأهب والاستنفار ضد الإرهاب وصلت المستوى الرابع، الذي يمثل حالة من التأهب فوق المستويات الطبيعية، وقريب من المستوى الأقصى منذ 2015. ووصفت العديد من الأوساط الأمنية الاسبانية ما أقدمت عليه حكومة بيدرو سانشيز، بالخطوة المتهورة التي يمكن أن تتسبب في ضغوط كبيرة على الإجراءات والتدابير الأمنية، وذلك بسبب استقبال المجرم غالي بأحد مستشفيات اسبانيا بجواز سفر جزائري مزور واسم مستعار. وتتوجس العديد من المصادر من تداعيات خطيرة للأزمة الحالية بين المغرب وإسبانيا على العلاقات الثنائية والشراكة مع دول الاتحاد الأوربي، بعد دخول المجرم إبراهيم غالي إلى إسبانيا بهوية مزورة. ومن غير المستبعد في رأي مراقبين إذا لم تنجح الاتصالات المكثفة الجارية حاليا في احتواء الأزمة أن يعلن المغرب عن إجراءات قد تشمل وقف التنسيق الأمني والاستخباراتي مع إسبانيا والتعاون في مواجهة الهجرة غير النظامية والحرب على الإرهاب. وتوقعت مصادر مغربية أن تذهب الرباط إلى ما هو أبعد من ذلك وإعلان تجميد العلاقات، وهو ما سيكون له تأثيرات سلبية على الشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وكانت سفيرة المغرب في إسبانيا كريمة بن يعيش قد حذرت من أن الأزمة الدبلوماسية بين البلدين ستتفاقم إذا لجأت السلطات الإسبانية إلى إخراج المجرم إبراهيم غالي من البلاد بنفس الطريقة التي تم إدخاله إليها. ودعت ضمنيا مدريد التي غادرتها قبل أيام على عجل بعد استدعائها للتشاور في الرباط إلى تحمل مسؤولية اختيار "ركود العلاقات" المرشحة للمزيد من التدهور، حسب مراقبين. وقالت بن يعيش في تصريحات إلى وكالة الأنباء الإسبانية، إن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين مدريدوالرباط على خلفية استقبال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي "بشكل سري وبهوية منتحلة تعد اختبارا لقياس مدى موثوقية وصدق الخطاب السائد منذ سنوات بشأن حسن الجوار والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وكذلك اختبار للقضاء الإسباني الذي نثق به". ووجهت محكمة إسبانية منذ سنوات، لائحة اتهام طويلة إلى غالي تشمل جرائم حرب من قتل وإخفاء قسري واغتصاب بعد دعوى رفعها ضده ناشطون صحراويون وإسبان، بيد أن المجرم غالي السبعيني الذي يقود الجماعة المسلحة الإرهابية في مخيمات تندوف، لم يمثل أمام قاضي التحقيق، واستفاد من رعاية خاصة في شمال إسبانيا منذ استقباله "لدواع إنسانية"، حسب وزيرة الخارجية الإسبانية بعد إصابته بوباء كورونا وفي إطار ترتيبات بين الاستخبارات الإسبانية والجزائرية. وكان مسؤول أمني مغربي رفيع حذر قبل أيام من أن مدريد "ستخسر من مراجعة التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين". وقال محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية ورئيس مكتب "الانتربول" بالمغرب، إن "ألمانيا وإسبانيا ستتضرران من تعليق المغرب لتعاونه الأمني معهما، لأن مستوى الأجهزة الأمنية المغربية معترف به على الصعيد العالمي بفضل مهنية وحرفية وصدق وكفاءة هذه الأجهزة"، حسب قوله.