اعتبر الخبيران الاقتصاديان نجيب أقصبي وعبد السلام الصديقي٬ أن على المغرب الاعتماد على إصلاحات هيكلية للخروج من المأزق الذي يوجد فيه حاليا و ذلك بعد قرار الحكومة تجميد 15 مليار درهم من حجم الاستثمار برسم السنة الجارية. وأكد أقصبي، الأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط٬ أن قرار التقليص "ليس هو الحل الذي سيمكن المغرب من الخروج من الأزمة٬ بل على العكس من ذلك سيعمل على الحد من النمو الاقتصادي٬ رغم التوقعات بموسم فلاحي "جيد".
ودعا في هذا الصدد إلى الإسراع بإصلاح النظام الضريبي وصندوق المقاصة وصناديق التقاعد ونظام الوظيفة العمومية٬ محذرا من أنه "كلما حصل تأخير في تنفيذ الإصلاحات الضرورية٬ كلما سيكون الأمر مكلفا وصعبا".
وجهة النظر ذاتها يتقاسمها٬ أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس أكدال٬ عبد السلام الصديقي٬ الذي حث الحكومة على اغتنام هذه الفترة من التراجع٬ والفرص التي تتيحها الأزمة الحالية لكي تسارع بإطلاق الإصلاحات الهيكلية "التي تفرض نفسها وأن تبعث بإشارات قوية لإرساء الثقة".
وفي هذا السياق٬ قال الصديقي٬ في تصريح مماثل٬ إن "لدينا حظوظا مهمة للعودة إلى مسار التنمية المستدامة"٬ مشددا على أن "المغرب يتوفر على مؤهلات هامة وإمكانيات نمو كبيرة٬ ويتوجب فقط العمل على إدخال بعض "التعديلات المؤسساتية الضرورية".
وبالنسبة للباحث أقصبي٬ فإن "المشكلة توجد على مستوى بنية التمويل الخاصة بالميزانية العامة للدولة برسم سنة 2013 حيث لا تغطي الموارد الضريبية سوى 60 في المائة من نفقات الميزانية٬ في حين يتم اللجوء إلى الاقتراض لتمويل الحصة المتبقية والمتمثلة في 40 في المائة"٬ وهو ما يدل على ارتفاع حجم عجز الميزانية.
وبما أن هامش التحرك يبقى محدودا على مستوى النفقات المتعلقة بكتلة الأجور وخدمة الديون وصندوق المقاصة٬ يرى الخبير الاقتصادي أن المخرج الوحيد يبقى هو تقليص الموارد المالية المخصصة للاستثمار٬ الذي يعتبر بمثابة إجراء "للتكيف" بهدف الإبقاء على معدل عجز الميزانية في مستوى "مقبول".
واعتبر الباحث الصديقي أن هذه التقليص يبقى "ضروريا"٬ لاسيما وأن وضعية المالية العمومية غير مطمئنة٬ بعجز في الميزانية يفوق 7 في المائة وادخار عمومي سلبي.
وأشار إلى أن إجراء التقليص لن يمس سوى الاستثمار الذي يندرج في إطار الميزانية العامة ولن يهم الاستثمارات التي تنجزها المقاولات والمؤسسات العمومية٬ والتي تمثل حصة الأسد على مستوى الحجم الإجمالي للاستثمار.
وخلافا لما صرح به الوزير المكلف بالميزانية، إدريس الأزمي٬ يعتقد هذا الخبير الاقتصادي أنه "لا يمكن أبدا اعتبار تقليص الميزانية كإجراء للإنعاش (الاقتصادي)٬ ولكن بالعكس يمكن اعتباره إجراء "لتطهير" الوضعية المالية لوضع حد "للنزيف" الذي يهدد بإلحاق ضربة قاتلة بمصداقية المغرب لدى المانحين ويؤدي بالتالي إلى تقليص هامش التحرك.
واعتبر الباحث أن الحكومة مطالبة بالحرص على ألا يكون لهذا الإجراء انعكاس كبير على مستوى عيش السكان٬ وألا يمس بجودة الخدمات العمومية الأساسية٬ وذلك عن طريق استهداف أمثل للنفقات ونجاعة أفضل.
يذكر أن الغلاف المالي الذي سيتم تقليصه سيقسم على الوزارات بحسب درجة إنجاز المشاريع٬ وهي وزارات الاقتصاد والمالية (ملياران و392 مليون و48 ألف درهم)٬ والفلاحة (2,2 مليار درهم) والتجهيز والنقل (1,75 مليار درهم) والطاقة والمعادن (1,51 مليار درهم)٬ والداخلية (1,25 مليار درهم).
كما شمل هذا التقليص المندوبية السامية للتخطيط والمندوبية السامية للمياه والغابات٬ وإدارة السجون وإعادة الإدماج.