يحتل المغرب المرتبة الثالثة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث جاذبية صناعة الطيران. تمكن المغرب من تشييد قاعدة متنوعة في صناعة الطيران عالية الجودة، وقدرة تنافسية، إذ يشهد القطاع ازدهارا ودينامية جعلته يضاعف حجمه 6 مرات. وخلال عقدين من الزمان (الفترة من 2000 إلى 2019) تم تأسيس أكثر من 142 شركة (50 شركة عام 2006) في مجال صناعة الطيران في المملكة، يعمل بها 17.5 ألف موظف مؤهل، 40.6% منهم نساء، وتقدر صادرات القطاع ب 1.9 مليار دولار، وتصل نسبة الإدماج أكثر من 38%. يقول المحلل الاقتصادي إدريس الفينة، "إن اليد العاملة ومناخ الاستثمار الذي وفره المغرب للشركات المصنعة جعل قطاع الطيران يتطور، حيث تتوفر مراكز خاصة للتدريب تتلاءم مع حاجيات الشركات المصنعة في القطاع". وكان المغرب قد أطلق منتصف عام 2000 إستراتيجية للتطوير الصناعي، وضعت الطيران بين الصناعات التي تحظى بأولوية التطوير. وقدم المغرب حوافز استثمارية، ومشاريع مهيكلة لتعزيز السلسلة، منها حوافز ضريبية، وتوفير قاعدة معلومات إلكترونية إقليمية للشركات الأجنبية التي تريد دخول السوق، كما استثمر في توفير مناطق صناعية ومعاهد لمهن الطيران توفر عمالة مؤهلة علميا ومدربة مهنيا. ويرى الفينة أن منظومة الطيران بالمغرب قيد النشأة، لم تعطها الدولة زخما واهتماما إلا مطلع القرن حين ارتفع الطلب العالمي واحتاجت الشركات الكبرى للمناولة. ويضيف أن المغرب اليوم يتوفر على منظومة متكاملة بما فيها هندسة الطيران ويد عاملة وشركات تصنيع من غير التركيب، ويعتبر أن نسبة الإدماج المحققة مهمة وفخر للدول العربية ولأفريقيا. وكان كريم الشيخ رئيس الجمعية المغربية لصناعة الفضاء والطيران المعروفة اختصارا ب "غيماس" (gimas) قد قال في تصريح صحفي إن 2021 سيكون عام انطلاقة جديدة. ناقل تكنولوجيا تعتبر صناعة الطيران واحدة من القطاعات ذات التكنولوجيا الدقيقة والمتطورة، ويعود الفينة بالقول إن تكنولوجيا الطيران متطورة والتمكن منها يؤهل القطاع أن يكون ناقلا وموزعا للتكنولوجيا على قطاعات أخرى صناعية بهدف استبدال الواردات، موضحا أن المملكة تعمل من أجل تكنولوجيا مغربية تقودها شركات وطنية. وأظهر قطاع الطيران مرونة كبيرة خلال فترة الأزمة الصحية المرتبطة بكوفيد-19، وأبان عن قدرة على التكيف والتنويع والابتكار، حيث قام بتصميم وإنتاج أجهزة التنفس الاصطناعي عالية التقنية. بين الكبار عالميا وعززت المجموعة الفرنسية "لو بستون" (Le Piston -LPF) حضورها الصناعي بالمغرب مع افتتاح مصنع جديد يوم 10 فبراير 2021، بقيمة استثمار في وسائل الإنتاج تقدر بقيمة 55 مليون درهم بالنسبة للمرحلة الأولى (6 ملايين دولار تقريبا) ويُرتقب أن يُشغّل الموقع مئة شخص في أفق سنة 2024. وبداية مارس الجاري، أعطيت انطلاقة في النواصر بالدار البيضاء أشغال إنشاء توسعة المعهد المتخصص بمهن معدات الطائرات ولوجستيك المطارات (لوجستيك تعني فن وعلم إدارة تدفق البضائع والطاقة والمعلومات والموارد الأخرى كالمنتجات والخدمات وحتى البشر من منطقة الإنتاج إلى منطقة الاستهلاك) بكلفة إجمالية 79.8 مليون درهم، وسيوفر مشروع توسعة المعهد 1200 مقعد سنويا تشمل 9 شعب، لاسيما لوجستيك المطارات، ومعالجة الأسطح، والمعالجة الحرارية، والتصنيع الآلي، وميكانيكا صيانة الطائرات، وهياكل الطائرات، وتلحيم الطائرات. ويأتي المغرب في المرتبة رقم 15 من حيث الاستثمارات في صناعة الطيران دوليا، ونجح في تجاوز جنوب أفريقيا لاحتلال المرتبة الأولى على مستوى القارة على مستوى صناعة الطيران، ويطمح دخول الدائرة الضيقة للدول المصنعة للطائرات. يقول الفينة إنه رغم عدم دخول المغرب مبكرا صناعة الطيران، إلا أنه يخطو بثقة، والشركات المغربية الصغيرة لها قيمة مضافة كبيرة تسمح بأن يكون له موطئ قدم ولو كان صغيرا في صناعات القطاع دوليا. وكان المغرب قد حل في المرتبة رقم 33 عالميا في مؤشر جاذبية صناعة الطيران، والثالث على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد اختارت كبرى الشركات العالمية مثل بوينغ (Boeing)، سافران (Safran)، هيكسيل (Hexcel)، إيتون (Eaton)، ألكوا (Alcoa)، ستيلا (Stelia) الوجهة المغربية. ووقع اختيار فاعلين بارزين أيضا على المملكة مثل "لو بستون" Le Piston Français، ليسي (LISI) وضاهر (Daher)، ويغطي النسيج الصناعي المغربي مجالات متنوعة منها الهندسة والدراسات، الميكانيكا الدقيقة والتشغيل الآلي، تجميع العناصر الهيكلية، الأسلاك والتوصيل، صناعة الغلايات الجوية، الكهرباء والإلكترونيات، صيانة الطائرات والمحركات، المواد المركبة، صب الطيران، الكيميائيات، المعالجة السطحية، أشغال صفائح الطيران المعدنية، أدوات الطيران، إصلاح المحرك، معالجة النفايات، الخدمات والتوزيع. إذا كنت في رحلة سفر عبر الطائرة لأي وجهة من العالم، فقد تكون أحد أجهزتها وبعض أجزائها صنعت بخبرة ويد عاملة مغربيتين، هذا ما صرح به وزير الصناعة المغربي قائلا "اليوم، كل طائرة تجارية تطير في سماء كوكبنا تضم على الأقل قطعة واحدة تم تصنيعها في المغرب، إنه عنصر أساسي يبعث على الفخر". عن موقع الجزيرة بتصرف