في محاولة لعرقلة الحراك الشعبي وثني الجزائريين على الخروج في مظاهراتهم ومسيراتهم الضخمة، لجأ نظام العسكر إلى أساليب جهنمية دأب على استعمالها منذ سنين، من خلال رفع فزّاعة الإرهاب لتخويف المواطنين وتذكيرهم بمآسي العشرية السوداء التي تورط فيها الجنرالات ومخابراتهم.. إلا أن الشعب الجزائري، تفطن لمخططات النظام الدنيئة، وفضح كل ألاعيبه من خلال خروج آلاف الجزائريين إلى الشوارع في الجمعة الثانية على التوالي، بعد استئناف الحراك الشعبي يوم 22 فبراير المنصرم بمناسبة الذكرى الثانية لاندلاع شرارته الأولى. وأكد المتظاهرون، من خلال نزولهم إلى الشارع وترديد الشعارات الرئيسية للحراك الشعبي، إرادتهم مواصلة النضال السلمي، وعودة التعبئة الشعبية، عبر تجديد العهد مع مسيرات يوم الجمعة، ومسيرات الطلبة التي تخرج كل يوم ثلاثاء، في كافة التراب الجزائري حتى تحقيق مطالبهم التي يكثفونها في شعار "دولة مدنية ماشي عسكرية". ورغم الانتشار المكثف لقوات الأمن، لثني المواطنين عن النزول إلى شوارع الجزائر العاصمة وفي مدن أخرى، فإن المتظاهرين أبانوا عن إرادة صلبة، في هذه الجمعة السابعة بعد المائة، من المظاهرات والمسيرات. ولمنع المتظاهرين والصحافيين من بث الصور وأشرطة الفيديو ومواكبة المسيرات على شبكات التواصل الاجتماعي، أقدم الفاعلون الثلاثة في مجال الاتصالات، بأمر من نظام العسكر، على قطع خدمة الانترنت من الجيل الرابع بالجزائر العاصمة والمدن الأخرى التي تعرف احتجاجات كبيرة. وضاعف النشطاء، طيلة أيام الأسبوع، من النداءات التعبوية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لضمان انضمام أكبر عدد من المواطنين، قصد إبقاء الضغط على النظام العسكري، لكي يستجيب لمطالب المتظاهرين. وردد المتظاهرون الشعارات المعتادة للحراك، المطالبة ب"دولة مدنية وليست عسكرية"، وب “الانعتاق”، وكذا ب”جزائر حرة وديمقراطية”، منددين بالتعذيب الذي أكد معتقلو الرأي أنهم تعرضوا له عقب إيقافهم من قبل مصالح الأمن. كما رددوا شعارات من قبيل “الدولة الإرهابية، جردونا من الجنسية”، في رد فعلهم على مشروع القانون التمهيدي المتعلق بالتجريد من الجنسية الذي يستهدف الجزائريين المقيمين بالخارج. كما تظاهر آلاف الجزائريين في بجاية، والبويرة، وتيزي وزو، ووهران للتعبير عن غضبهم وللمطالبة بالمزيد من الحرية والديمقراطية. وردد المتظاهرون شعارات مناهضة للنظام، مثل “الجنرالات إلى المزبلة”، و”الجزائر ستنال استقلالها”. وخرجت الحشود إلى شوارع هذه المدن للمطالبة بتغيير جذري والتعبير عن رفضها لأجندة النظام. وبحسب أشرطة فيديو تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، فقد سخر متظاهرو الحراك في هذه الجمعة بشكل لاذع من “سخافات” الدعاية الإعلامية التي تقف وراءها أجهزة النظام الجزائري، للحيلولة دون عودة الحراك، وخنق الإرادة الشعبية التواقة إلى استئناف التعبئة لفائدة تغيير ديمقراطي. واختار بعض المتظاهرين الإشارة إلى حجج النظام الواهية لمنع عودة هذه الاحتجاجات الشعبية، وهي “الوباء، والفقر، والإرهاب”. وبالفعل، فقد حاول النظام الجزائري دائما، التلاعب بالجماهير عبر وسائل الإعلام المؤثرة الخاضعة له بشكل كامل، والتلويح بورقة الإرهاب واستغلالها لترهيب الجزائريين، وثنيهم عن الخروج إلى الشوارع الرئيسية بالمدن. وذهبت السلطات إلى حد بث مقطع فيديو تضمن اعترافات شخص يدعى “أبو الدحداح” زعم أنه يحرك خيوط مظاهرات الحراك السلمي، لإراقة الدماء في الجزائر. يذكر أن مظاهرات الحراك، وبعد تعليقها لحوالي سنة، بسبب جائحة كوفيد-19، استؤنفت يوم 22 فبراير الماضي، بنفس المطالب الداعية إلى دولة مدنية ورحيل النظام العسكري وكل رموزه.