في خضم الضغط المفروض على النظام العسكري من طرف الحراك الجزائري، خرج الرئيس المعين، عبد المجدي تبون، أمس الاثنين، لتبليغ رسالة مؤسسة الجيش للشعب الجزائري في محاولة للهروب إلى الأمام والقفز عن الواقع المأساوي والأزمة العميقة التي تمر منها البلاد. وفي هذا الإطار، عاد تبون لترديد اسطوانة الجيش، التي ادعى فيها أن هناك أطراف خارجية وأعداء "وهميين" يتربصون بأمن واستقرار الجزائر. ودعا تبون، في مقابلة صحفية مع ممثلي عدد من وسائل الإعلام الرسمية، إلى ما أسماه ب"تغيير الذهنيات" من "أجل مواكبة التغييرات لبناء الجزائرالجديدة"، وحذر من محاولات بعض "الأطراف عرقلة التغيير المنشود" من خلال "الثورة المضادة"! تصريحات تبون تكشف مدى استخفاف نظام العسكر بمطالب الشعب الجزائري، واتهام هذا الأخير بالتخلف وعدم النضج من خلال القول بان " تطور أي دولة يكون بتطور شعبها" وهذا يعني أن دولة الجنرالات متطورة وان الشعب هو الذي "يرفض التغير". كلام تبون مليء بالمغالطات والأكاذيب، حيث ادعى أن "النظام الجزائري اليوم واضح، حيث خرج الشعب إلى الشارع وقد تبنينا مطالبه، كما توجه 10 ملايين جزائري إلى الانتخابات لإنقاذ الجمهورية وفضل التغيير المؤسساتي". هذا الكلام يجانب الصواب لأن مطالب الشعب الجزائري لم تلب بعد، والدليل على ذلك هو خروج ملايين الجزائريين إلى الشوارع في الذكرى الثانية لاندلاع الشرارة الأولى للحراك الشعبي. كما أن القول بان الجزائريين توجهوا إلى "الانتخابات لإنقاذ الجمهورية وفضلوا التغيير المؤسساتي"، هو ادعاء مرفوض لأن الشعب الجزائري قاطع الانتخابات، سواء تلك المتعلقة بالدستور أو الرئاسة، وسجلت خلالها أدنى مشاركة في تاريخ الجزائر. وفي نفس السياق، التضليلي الكاذب، وصل تبون إلى مربط الفرس، حيث أكد أن "الجيش الوطني الشعبي بلغ درجة من الاحترافية والمهنية جعلته بعيدا تماما عن السياسة، وهو جيش منضبط ويطبق تعليمات رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني"! هذه التصريحات تكذبها شعارات الحراك التي تركز على ضرورة رحيل نظام العسكر وكل رموزه، وابتعاد الجيش عن الشأن السياسي للبلاد، أما عن انضباط هذا الأخير وتطبقه لتعليمات رئيس الجمهورية، فهو قول مردود على تبون لأن الكل يعلم أن مؤسسة الجيش هي التي تحكم في الجزائر وأن الرئيس المعير لا يعدو أن يكون سوى أداة في أيديهم يحركونها كيفما شاءوا ومتى رغبوا في ذلك. خرجة تبون كان الغرض منها هو تضليل الرأي العام ورتق صورة "الجيش الشعبي" والجنرالات الجاثمين على صدور الجزائريين منذ استقلال البلاد، وتجميل وجه نظام الجنرالات الذي كشف عن قبحه الحراك الشعبي المطالب بإسقاطه، من خلال شعارات "دولة مدنية ماشي عسكرية"، و"الجنرالات إلى القمامة"، و"تبون مزوّر جابوه العسكر" إلى غير ذلك من الشعارات التي تكثف مطالب الشعب الذي ملّ من ممارسات "الجيش الوطني الشعبي" الذي يقول تبون بأنه "أقوى سند له"، مدعيا أنه "حامي الحمى وحامي الدستور والحدود، ولولاه لتمكن الإرهابيون من اختراق المسيرات الشعبية" وهو ادعاء يحاول من خلاله تبون ومن عينوه في منصب الرئاسة تخويف الجزائريين ببعبع الإرهاب وزرع الشقاق بين نشطاء الحراك لإفشال هذا الأخير وثنيه عن استئناف مسيراته المليونية حتى إسقاط النظام.
وأضاف تبون قائلا إن "الجيش الوطني الشعبي هو أقوى سند لي، وهو حامي الحمى وحامي الدستور والحدود، ولولاه لتمكن الإرهابيون من اختراق المسيرات الشعبية"، لافتا إلى أن "الجيش ومصالح الأمن هي التي تسهر على حماية الشعب لكي يعبر عن رأيه بكل حرية".