ضربت العاصفة القطبية العنيفة التي اجتاحت مناطق واسعة من جنوب ووسط الولاياتالمتحدة وقطعت الكهرباء عن ملايين الاشخاص في تكساس الغنية بالنفط، الساحل الشرقي وكسته بالثلوج وعرقلت في نفس الوقت حملة التطعيم ضد فيروس كورونا. وموجة الصقيع التي احكمت خلال الأسبوع قبضتها على مناطق في قلب الولاياتالمتحدة غير معتادة على مثل هذه الأحوال الجوية، أودت بالعشرات فيما صدرت تعليمات لملايين الأشخاص في تكساس بغلي المياه قبل استهلاكها. والخميس ضربت عاصفة شتوية قوية منطقة تمتد من فيرجينيا صعودا إلى شمال الشرق، ما أدى إلى تراكم الجليد وظروف تشكل خطرا على القيادة، بحسب الهيئة الوطنية للأرصاد. وتساقطت الثلوج بشكل مستمر على مدينة نيويورك نهار الخميس ما أرغم السلطات على إلغاء نحو 200 رحلة وإرجاء افتتاح مركزين للتطعيم ضد كوفيد-19 بعدما عرقلت العاصفة إمدادات اللقاح. بحلول الساعة 16,50 (21,50 ت غ) الخميس كان علماء الأرصاد سجلوا أكثر من عشرة سنتمترات من الثلوج في مانهاتن السفلى. وكانت الثلوج غطت ولاية نيويورك مرتين هذا الشتاء في عاصفتين منفصلتين. وقالت الطالبة كارا ديكسون (18 عاما) إن "العاصفة الثلجية العرضية جيدة لكن فيما نقترب من شهر مارس يصبح الأمر متعبا بعض الشيء. أنا مستعدة لطقس دافئ مجددا". وأصدرت سلطات نيوجيرزي تحذيرا من الطقس، فيما أعلن الحاكم فيل مورفي عن إغلاق مؤقت للعديد من مراكز التطعيم. في أنحاء تكساس التي تعرضت لأسوأ تداعيات العاصفة، تعود خدمة الكهرباء تدريجيا، علما أن أكثر من 250 ألفا من المنازل والشركات كانت حتى مساء الخميس محرومة من الكهرباء، بحسب الموقع المتخصص باوتراوتدج. وحتى مع عودة تغذية الكهرباء، لا يزال بعض أهالي تكساس يواجهون أزمة أنابيب المياه التي انفجرت بسبب درجات الحرارة الجليدية. وقالت بيرجيت كامبس من هيوستن "كان الأمر أشبه بشلال مياه يتدفق ويبدأ بالخروج من الحمام وصولا إلى غرف أخرى". وأضافت "اخذنا الأوعية والمناشف وحاولنا تجفيف الماء قبل أن يغمر المنزل" موضحة أن أحد الجيران ساعد في قطع الماء في مكان الشق، ما حرمها من المياه. ومشكلات انخفاض ضغط المياه تعني أن قرابة سبعة ملايين شخص من سكان تكساس نصحوا بغلي المياه قبل شربها او استخدامها للطهو، بحسب توبي بيكر رئيس لجنة تكساس لجودة البيئة، مضيفا أن قرابة 264 ألف شخص تأثروا بالأضرار التي لحقت بشبكة المياه. اضطرت شركات الكهرباء في تكساس لتطبيق برنامج تقنين لتجنب تحميل الشبكة أكثر من طاقتها في وقت عمد الأهالي إلى زيادة التدفئة. وجاء تزايد الطلب على الكهرباء مع تضاؤل القدرة الانتاجية بسبب تجمد محطات الطاقة وتوربينات الرياح. وأمضى ديفيد هرنانديز (38 عاما) ليلته في كنيسة بهيوستن مع آخرين هربوا من منازلهم. وقال "علقت سيارتي وحاولت النوم بداخلها لكنني لم أتمكن من شدة البرد. كانت السوائل تتجم د داخل سيارتي ولذا شعرت بأنني نائم في صندوق ثلج". وأقامت السلطات 300 "مركز تدفئة" في أنحاء الولاية. وتحدث الرئيس جو بايدن مع حاكم تكساس غريغ أبوت وتعهد بأن تعمل الحكومة الفدرالية "يدا بيد" مع سلطات الولاية لتقديم المساعدة، بحسب البيت الأبيض. وأثارت المشكلات في تكساس غضبا في الولاية التي تحظى دون غيرها من ولايات البر الأميركي ال48، بشبكة كهرباء مستقلة. وتصاعد الغضب الخميس مع الكشف عن أن السناتور عن تكساس تيد كروز سافر إلى منتجع كانكون في المكسيك خلال الأزمة. وفيما طالب خصومه السياسيون باستقالته، برر كروز سفره بالقول إنها لليلة واحدة لإيصال ابنتيه قبل أن يعود إلى الديار. وقال فيما بعد الرحلة أن الأمر كان "خطأ بالتأكيد". وحتى فيما بدأت العاصفة في تخفيف إحكامها على تكساس والجنوب، من المتوقع أن يستمر الصقيع. وأمر الرئيس بايدن الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ بتنسيق جهود الإغاثة في أوكلاهوما ولويزيانا بعدما أعلن المسؤولون حالة الطوارئ في الولايتين. واضطر بايدن لتأجيل زيارته إلى مرفق تابع لفايزر لتصنيع لقاحات كوفيد-19 في كالامازو بولاية ميشيغن بينما أجبرت مكاتب الحكومة الفدرالية في واشنطن على إغلاق أبوابها الخميس. وأفادت وسائل إعلام أميركية عن أكثر من 30 وفاة مرتبطة بالعاصفة منذ الأسبوع الماضي، معظمها في حوادث مرور. وأعلنت شرطة هيوستن أن امرأة وطفلة لقيتا حتفهما إثر تعرضهما لتسمم ناجم عن أول أوكسيد الكربون بعدما جلستا في سيارة داخل مرآب بينما تركتا المحر ك دائرا من أجل التدفئة. وقالت سلطات الطوارئ الصحية إن عشرات الأشخاص في محيط تكساس عولجوا من جراء التسمم بأول أوكسيد الكربون. ونفقت عشرات الحيوانات من بينها أنثى شمبانزي عمرها 58 عاما، من جراء الصقيع في حديقة قرب سان انطونيو، حسبما أعلنت الحديقة على موقعها الالكتروني. وتسببت العاصفة بأكثر من أربعة أعاصير وفق "ويذر.كوم في أتلانتا"، بما فيها واحد في كارولاينا الشمالية الاثنين أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة عشرة بجروح.