المتابع للأوضاع عالميا، سيلاحظ عبر كل الوسائط الإعلامية والمواقع الرسمية الموثوقة، أن دولة كالمغرب قامت إلى حدود أمس بتلقيح مليونيْ مواطن ضد فيروس كورونا، وان دولة تعتبر نفسها "قوة إقليمية كبرى" بل "وأقوى منظومة صحية في إفريقيا" لم تستطع تلقيح سوى 300 مواطن، نعم يا سادة 300 مواطن كما قرأتم، وأن رئيسها لم يجد مستشفى في بلاده يعالجه من مضاعفات الفيروس الذي أصاب، في سابقة عالمية، قدمه اليمنى! وذهب للعلاج عدة أسابع في دولة ألمانيا، لأن اكبر منظومة صحية في المنطقة! لا تستطيع معالجة رئيس البلاد. كما أن حكام "القوة الإقليمية الكبرى"، المنشغلة صباحا وظهرا ومساء وليلا وفجرا ب "المروك"، لا تستطيع توفير الحليب والسميد لمواطنيها؛ قوة تخصص مليارات الدينارات الجزائرية لتوزيعها على اللوبيات الخارجية المجهولة الإسم فقط من أجل استصدار مواقف معادية " للمراركة". هي إذن سياسة خرقاء وغير مسؤولة ينهجها العسكر المتحكم، والمتمثلة في إضاعة وتبذير دراهم الجزائر من طرف الحاكمين، فيما لا ينفع الشعب ولا يعالج أي مشكل من معضلاته اليومية. فالشعب الجزائري استفاق اليوم من المخدر الذي حقنوه به لمدة 46 سنة، والمتمثل في مؤامرات "المرّوك" ضدهم، رغم أن المغرب سعى بكل الوسائل إلى نزع فتيل التوتر ومد اليد إليهم لطي صفحة الخلافات المفتعلة ودعا إلى فتح الحدود، والشروع في بناء تكتل مغاربي سيعود بالربح الوفير وبعدة نقاط في مؤشرات التنمية على شعوب المنطقة بكاملها. 46 سنة أضاعها عسكر الجزائر، المتحكم في الرقاب والأنفاس، في حشو عقول الجزائريين بمصطلحات مثل "الصحراء الغربية، وتقرير المصير، وقضية تصفية الاستعمار، والمستوطنون المغاربة"، وما شابهها من مصطلحات يستمدونها عنوة مما يقال بحق فلسطين، حتى ملّها الشعب ولم يعد يقبل سماعها من فرط الإسهال في تكرارها... فهذه السياسة الخرقاء والاتهامات العبثية الموجهة للمغرب، بماذا نفعت الشعب الجزائري؟ هل حققت طموحاته في النماء؟ هل استفاد من عائدات بلاده من تصدير النفط والغاز؟ هل تخلص من الوقوف طويلا في طوابير للحصول على أبسط مواد للاستهلاك التي تعتبرها العديد من الدول من الكماليات؟ هل ارتفعت أجور الموظفين والعمال؟... فالشعب الجزائري دخل هذه الأيام سنته الثانية من الحراك ضد ما يسميه "العصابة المتحكمة". شعب يصر على تنحية كل رموز النظام الذي أوصله إلى الهاوية والى مستوى من الانحطاط على كل المستويات. أما جواب "العصابة" على حراك بلادها فلم يتغير ولم يغير مواقفها ولم يحثها على الاهتمام بقضايا شعبها وانشغالاته الأساسية والحيوية... فهي مصرة ببلادة على أن ما يحدث هو مؤامرة من "العدو الخارجي"، وهذا العدو الخارجي طبعا هو المغرب الذي تعلق عليه دائما عناصر فشلها، وتحمله مسؤولية كل حادث يقع ولو كان زلزالا آو فيضان أو غزو جراد... فهل المغرب، ويا للبلادة، هو من يحرك ملايين الجزائريين في حراكهم للمطالبة بتقرير مصيرهم والتحرر من حكم النظام الشبيه بكوريا الشمالية، والذي جعل بلاده أضحوكة ومصدر سخرية أمام العالم، ومنع شعبه من مواكبة موجات التطور العالمية؟ فإذا كان النظام الجزائري المتحكم في البلاد وأنفاس العباد منسجما مع مبادئه السياسية وعقيدته المضحكة، فلماذا يطبقها على الجيران فقط، دون باقي القضايا العالمية الراهنة؟ وإذا كانت عقيدتهم هي الدفاع عن مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، فعليهم أن يبادروا أولا بالدفاع عن حق شعبهم في تقرير مصيره والانعتاق من الذل والقهر الذي فرضوه عليه، والدفاع عن حق أكراد تركيا في تقرير مصيرهم، دون خوف من تركيا. عليهم مساندة حق شعب كاتالونيا وشعب الباسك في تقرير مصيرهما دون خوف من غضب إسبانيا، ثم مساندة حق شعب "تايوان" في الانفصال عن الصين دون التعرض لغضب المارد الصيني الذي سيعاقبهم بقسوة، ومساندة الشيشانيين وشبه جزيرة القرم في تقرير مصيرهما ضد روسيا، دون أن خوف من أن تتعرض الجزائر لعقوبات قاسية من طرف "كرملين" روسيا الذي سيلقنها درسا لن تنساه أبدا، أم أن روسيا مقدسة وفقا لعقيدتهم؟ كما أن عليهم ليحظوا بثقة العالم، أن يساندوا حق شعب تِغراي في إثيوبيا لتقرير مصيره والانفصال عن بلده الأصلي... هل لديهم الشجاعة للقيام بذلك في مواجهة إثيوبيا التي ستنقلب عليهم وسيفقدون دعهما في أطروحاتهم البالية؟ حلال عليكم حرام علينا يا دولة الشقاق والنفاق. المْ يفهم العسكر الشائخ والمستبد أن العالم تغير جذريا؟ وان النزعات الانفصالية قد تم إقبارها من طرف كل دول العالم؟ المْ يفهم أيضا أن كل كذبة أو إشاعة يصدرها يتم فضحها في الحين؟ المْ يستوعب بعد أن شعبه يساوي حاليا بين الغث والسمين؟ وهو مصرّ حاليا وبثبات على طرد العصابة ومحاسبتها وتقديمها للمحاكمة. أم أن هذا النظام مازال لم يتعظ حتى بعد فوات الأوان؟