بعد غياب/غيبوبة طويلة بسبب الصدمة التي انتابته عقب الانتصارات الدبلوماسية والميدانية التي حققها المغرب، خرج زعيم البوليساريو، أمس الخميس 21 يناير 2021، من سباته العميق ليترأس ما يسمى ب"مجلس الوزراء" المزعوم، وللذين لا يعرفون القراءة بين السطور، فإن اجتماع قادة المرتزقة يأتي في الواقع لمناقشة كيفية تقسيم "الغلاف المالي" الذي منحه إياهم نظام العسكر الجزائري، في أعقاب توقيع قانون المالية مؤخرا من طرف الرئيس/المعيّن عبد المجيد تبون. ولوضع اليد على هذا الغلاف، كالعادة، وجد قادة البوليساريو حيلة أخرى هذه المرة، حيث أوضحوا أنه يجب وضع جميع الموارد المادية "خدمة لأولوية الكفاح المسلح، وبما يتناغم مع الوتيرة المتصاعدة للعمل على مستوى الجبهة العسكرية"! وتم التركيز أيضا خلال ذات الاجتماع، حسب وكالة الأنباء الجزائرية، على "رفع وتيرة ونوعية الكفاح على مستوى الجبهة الخارجية"، وتأجيج ما سماه المرتزقة ب"الانتفاضة"! بمدن الصحراء المغربية لمواكبة "المجهود العسكري"! ويكشف هذا البيان الصادر عن شرذمة البوليساريو، أن جنرالات الجزائر أعطوا أوامرهم لتأجيج القلاقل داخل المدن بالصحراء المغربية من خلال إغراء بعض الانفصاليين في الداخل بالأموال لزعزعة أمن المغرب، كما فتحوا صنبور أموال الريع "للكابرانات" وأذنابهم بمخيمات تندوف قصد تنفيذ هجمات بواسطة "خردة" العتاد العسكري الجزائري الذي اعتلاه الصدأ.. ويتضح أن الأزمة الناجمة عن وباء كوفيد-19 منحت مهلة لا تقدر بثمن لنظام الجنرالات بالجزائري لمواجهة ضغوط الشارع (الحراك الشعبي)، كما سمح لجبهة البوليساريو بإغلاق مخيمات لحمادة عسكريا وإخفاء نكساتها المتتالية، ولو بشكل مؤقت. بعد "طردها" الضمني من قبل الاتحاد الإفريقي، الذي ابتعد بوضوح عن التدخل في ملف الصحراء وجعله اختصاصا حصريا للأمم المتحدة، وكذلك الصفعة التي تلقتها من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يواصل تأكيد دعمه لحل عملي وواقعي (حل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية)، لم تجد جبهة البوليساريو الانفصالية أي حيلة أخرى سوى التلويح باستئناف الحرب، وهو تهديد لم تنجح في تنفيذه حتى يومنا هذا، باستثناء البيانات الحربية اليومية التي تنشرها في نهاية اليوم، والتي تتحدث فيها عن هجمات وغيرها من المعارك التي لا توجد إلا في مخيلة كاتب تلك البيانات، والتي تبثها قنوات الصرف الإعلامية الرسمية الجزائرية بإيعاز من نظام العسكر، الذي أضحت أيامه معدودة. وهكذا، منذ 70 يوما، أي منذ الضربة القاتلة التي وجهتها القوات المسلحة الملكية في 13 نونبر الماضي، فإن جبهة البوليساريو، التي لم تعد لديها أدنى قدرة على خوض الحرب على الحدود بين المغرب وموريتانيا تجد نفسها عالقة في أقصى جنوب شرق الجزائر. حتى ممر الصحراء، الذي استخدمته ميليشيات البوليساريو للوصول إلى المنطقة المحيطة بالكركرات في أقصى جنوب المغرب، أصبح منطقة محظورة منذ أن تم تطويقها، من جهة الغرب عبر الجدار الأمني المغربي، ومن جهة الشرق من خلال إقامة "منطقة دفاع حساسة" أنشأها مؤخرا الجيش الموريتاني لمنع أي تسلل لجبهة البوليساريو، وبالتالي، فقد أصبحت الهجمات التي تتحدث عنها البوليساريو يوميا مادة يتندر بها الرأي العام ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم. وحاول نظام العسكر الجزائري، يوم الثلاثاء الماضي، إعطاء بعض المصداقية على هذه الحرب الوهمية التي فرضتها على البوليساريو، من خلال دعوة حوالي 20 وسيلة إعلامية دولية إلى مؤتمر عبر الفيديو مع اثنين من قادة مرتزقة البوليساريو. وقد استغل المدعو سيدي ولد أوكال استحالة القيام بزيارات ميدانية في ظل الظروف الصحية الحالية وقام باستعراض ما أسماها ب"نتائج العمليات العسكرية ضد الجيش المغربي والتي بلغت 510 عملية قتالية، بمعدل 8 عمليات يوميا، واعدا بفتح الجبهة للصحفيين لتغطية وقائع الحرب"، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية يوم الخميس 21 يناير 2021، والتي أصبحت تغطي أنشطة البوليساريو الوهمية أكثر من الأحداث الواقعية في الجزائر. وللتذكير، فإن التلفزيون العام الجزائري هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة في العالم التي غطت ولا تزال لحد الآن "وقائع الحرب" الخيالية التي لا أثر لها على ارض الواقع. وأمام فشلها في الميدان، تسعى البوليساريو الآن إلى نقل الحرب إلى مدن الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتأمل بلا شك أن تجد في انفصاليي الداخل جنودا أفضل بكثير من أولئك المتواجدين في جيش البوليساريو والذين يبرعون فقط في اختلاق الأخبار الزائفة. وتتزامن هذه الجبهة التي تريد البوليساريو فتحها مع تعيين رئيس جديد للمخابرات الخارجية الجزائرية، نور الدين مقري، خلفا ليوسف بوزيت، الذي ذهبت بعض التحليلات السياسية إلى أن قرار إقالته له علاقة بإخفاق الجهاز في إدارة وجمع معلومات استباقية حول قضايا دبلوماسية تخص علاقات الجزائر في المنطقة، بينها الانقلاب في مالي، وقضية الصحراء المغربية، وليبيا، وغيرها.