كعادة الخطابات الملكية السامية، تميز خطاب جلالة الملك محمد السادس اليوم، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، بالوضوح التام، وعاهد جلالته الشعب على الصراحة حتى لو كانت مؤلمة، وكان خطاب اليوم أكثر إفصاحا عما يؤلم جلالته من انتشار واسع لجائحة فيروس كورونا المستجد، حيث شدد على أن اللجنة العلمية لتتبع تطور كوفيد 19 قد توصي بإعادة فرض الحجر الصحي، وهو قرار قاس لكن لابد منه إذا اضطرت بلادنا إليه. الخطاب الملكي تميز أيضا بالتوازن والموازنة بين القضايا، حيث قام بتقييم واضح للفترة الزمنية التي عرفت الجائحة أي منذ الثاني من مارس الماضي تاريخ تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا لمغربي قادم من إيطاليا، وقال جلالته "فقد تمكنا خلال هذه الفترة، بفضل تضافر جهود الجميع، من الحد من الانعكاسات الصحية لهذه الأزمة، و من تخفيف آثارها الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الإطار، قامت الدولة بتقديم الدعم لفئات واسعة من المواطنين، وأطلقنا خطة طموحة و غير مسبوقة لإنعاش الاقتصاد، ومشروعا كبيرا لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة". وعلى عكس الخطابات الأخرى فإن جلالة الملك قدم تشخيصا واقعيا حيث إن نسبة كبيرة من الناس لا يحترمون التدابير الصحية الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية: كاستعمال الكمامات، و احترام التباعد الاجتماعي، و استعمال وسائل النظافة و التعقيم. فلو كانت وسائل الوقاية غير موجودة في الأسواق، أو غالية الثمن، قد يمكن تفهم هذه التصرفات. و لكن الدولة حرصت على توفير هذه المواد بكثرة، و بأثمان جد معقولة. وأوضح جلالته أن الدولة قامت بدعم ثمن الكمامات، و شجعت تصنيعها بالمغرب، لتكون في متناول الجميع. وبكثير من البلاغة والبيان قال جلالة الملك إن الأمر هنا، يتعلق بسلوك غير وطني و لاتضامني. لأن الوطنية تقتضي أولا، الحرص على صحة وسلامة الآخرين؛ ولأن التضامن لا يعني الدعم المادي فقط، وإنما هو قبل كل شيء، الالتزام بعدم نشر العدوى بين الناس. كما أن هذا السلوك يسير ضد جهود الدولة، التي تمكنت و الحمد لله، من دعم العديد من الأسر التي فقدت مصدر رزقها. وبدون سلوك وطني مثالي و مسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، و لا رفع تحدي محاربة هذا الوباء. ملك الوضوح والصراحة لا يهمه سوى خدمة الشعب دون خطاب يدغدغ العواطف، لأن العلاقة التي تربط الملك بشعبه هي علاقة بيعة تاريخية تقتضي انضباط المبايعين واهتمام المبايع بشؤون رعيته، ولهذا حرص جلالته طوال هذه المدة أن يكون المواطن أولى الأولويات مهما كانت الظروف. وبالجملة يمكن القول ودون وجل إن خطاب جلالة الملك تضمن مفاهيم واضحة ولغة صريحة وهو في حاجة لتنزيل فوري قصد التصدي للجائحة.