قال الملك محمد السادس، مساء الخميس، إن المغرب لم يكسب بعد، المعركة ضد وباء كورونا رغم الجهود المبذولة، واصفا الفترة بأنها "صعبة و غير مسبوقة بالنسبة للجميع". وأضاف الملك في خطاب موده إلى الشعب، بمناسبة ذكرى "ثورة الملك والشعب"، إن المغرب تمكن "من الحد من الانعكاسات الصحية لهذه الأزمة، و من تخفيف آثارها الاقتصادية والاجتماعية"، مشيرا إلى قيام الدولة بتقديم الدعم لفئات واسعة من المواطنين، وأطلقنا خطة طموحة و غير مسبو قة لإنعاش الاقتصاد، ومشروعا كبيرا لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة".
وأوضح الملك أن المغرب كان يضرب به المثل، في احترام التدابير الوقائية التي اتخذها، وفي النتائج الحسنة التي حققها، خلال فترة الحجر الصحي، وهو "ما جعلنا نعتز بما قمنا به، و خاصة من حيث انخفاض عدد الوفيات، و قلة نسبة المصابين، مقارنة بالعديد من الدول". إلا أن الملك أعرب رعن أسفه لأنه لاحظ "مع رفع الحجر الصحي، أن عدد المصابين تضاعف بشكل غير منطقي، لأسباب عديدة". وانتقد الملك من "يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ و من يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض، و وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول". وأكد الملك على أن "هذا المرض موجود؛ و من يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، و إنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين". ونبه الملك إلى أن "بعض المرضى لا تظهر عليهم الأعراض، إلا بعد 10 أيام أو أكثر، إضافة إلى أن العديد من المصابين هم بدون أعراض. وهو ما يضاعف من خطر انتشار العدوى، و يتطلب الاحتياط أكثر"، مشيرا إلى أن "المرض لا يفرق بين سكان المدن والقرى، ولا بين الأطفال والشباب والمسنين". وقال الملك "الواقع أن نسبة كبيرة من الناس لا يحترمون التدابير الصحية الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية: كاستعمال الكمامات، و احترام التباعد الاجتماعي، و استعمال وسائل النظافة و التعقيم". وانتقد الملك سلوكات بعض الناس قائلا "لو كانت وسائل الوقاية غير موجودة في الأسواق، أو غالية الثمن، قد يمكن تفهم هذه التصرفات. و لكن الدولة حرصت على توفير هذه المواد بكثرة، و بأثمان جد معقولة"، موضحا أن "الدولة قامت بدعم ثمن الكمامات، و شجعت تصنيعها بالمغرب، لتكون في متناول الجميع". ووصف الملك سلوك هؤلاء بأنه " ير وطني و لاتضامني. لأن الوطنية تقتضي أولا، الحرص على صحة وسلامة الآخرين؛ ولأن التضامن لا يعني الدعم المادي فقط، وإنما هو قبل كل شيء، الالتزام بعدم نشر العدوى بين الناس". مشيرا إلى أن "هذا السلوك يسير ضد جهود الدولة، التي تمكنت و الحمد لله، من دعم العديد من الأسر التي فقدت مصدر رزقها". وقال الملك إن الدعم الذي قدمته الدولة للأسر المحتاجة "لا يمكن أن يدوم إلى ما لانهاية، لأن الدولة أعطت أكثر مما لديها من وسائل و إمكانات". ووصف الملك تدهور الوضع الصحي، الذي وصل إليه المغرب اليوم بأنه "مؤسف، و لا يبعث على التفاؤل. ومن يقول لك، شعبي العز يز، غير هذه الحقيقة، فهو كاذب". مشيرا إلى أنه "بعد رفع الحجر الصحي، تضاعف أكثر من ثلاث مرات، عدد الإصابات المؤكدة، والحالات الخطيرة، و عدد الوفيات، في وقت وجيز، مقارنة بفترة الحجر". وقال إن "معدل الإصابات ضمن العاملين في القطاع الطبي، ارتفع من إصابة واحدة كل يوم، خلال فترة الحجر الصحي، ليصل مؤخرا، إلى عشر إصابات". وحذر الملك من أنه "إذا استمرت هذه الأعداد في الارتفاع، فإن اللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد 19، قد توصي بإعادة الحجر الصحي، بل وزيادة تشديده"، مشيرا أنه إذا "دعت الضرورة لاتخاذ هذا القرار الصعب، لاقدر الله، فإن انعكاساته ستكون قاسية على حياة المواطنين، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتما عية". وقال الملك محذرا "بدون الالتزام الصارم و المسؤول بالتدابير الصحية، سيرتفع عدد المصابين و الوفيات، و ستصبح المستشفيات غير قادرة على تحمل هذا الوباء، مهما كانت جهود السلطات العمومية، وقطاع الصحة". وخلص الملك إلى أنه "بدون سلوك وطني مثالي و مسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، و لا رفع تحدي محاربة هذا الوباء". وفي ختام خطابه قال الملك إنه "لا يعني المؤاخذة أو العتاب؛ و إنما هي طريقة مباشرة، للتعبير لك عن تخوفي، من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر الله، و الرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية".