أصدر القضاء الجزائري أحكاما قاسية بالسجن ضد ثلاثة معارضين بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت هدفا لنظام يسعى الى خنق الحراك الشعبي، مستغلا القيود المفروضة للوقاية من فيروس كورونا المستجد. وذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين أنه حكم على الناشط صهيب دباغي "بالسجن سنة نافذة بمحكمة الشراقة (بالجزائر العاصمة) بتهم التحريض على التجمهر وإهانة هيئة نظامية والمساس بمصلحة الوطن من خلال منشورات على فيسبوك". وتم توقيف ومحاكمة صهيب دباغي في اليوم نفسه، بموجب إجراء المثول الفوري، وهو إجراء قضائي استعجالي يلغي مرحلة التحقيق. كما أعلنت لجنة الإفراج عن المعتقلين التي تأسست في خضم الحراك ضد النظام صيف 2019، أن محكمة لبيض سيدس الشيخ (670 كلم جنوب غرب الجزائر) أصدرت على "معتقلي الرأي العربي طاهر ومحمد يوسف بوضياف أحكاما قاسية" تتمثل ب"18 شهرا سجنا نافذا". وتم توقيف الناشطين الخميس 14 مايو، بحسب قائمة اسمية تضم 60 شخصا معتقلا أحصتهم اللجنة. وأوضح المحامي عبد الغني بادي في منشور عبر "فيسبوك"، أن التهمة الموجهة للعربي طاهر هي "إهانة رئيس الجمهورية" من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي اعتبر فيها الرئيس عبد المجيد تبون الذي انتخب في 12 ديسمبر "رئيسا غير شرعي". وأشار المحامي الذي يدافع عن المتهمين، أن محمد يوسف بوضياف "تكلم عن ظلم القضاء" عبر منشوراته. وطلبت النيابة العانة الأربعاء السجن لمدة تسع سنوات ضد الناشط هشام صحراوي المحبوس منذ 24 فبراير، بعد محاكمته في محكمة عين تيموشنت في غرب البلاد، بتهم منها "إهانة رئيس الجمهورية". وينتظر ان يصدر الحكم في 27 مايو، بحسب لجنة الافراج عن المعتقلين. -قمع أعمى وتمت ملاحقة عدد من النشطاء على خلفية منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية الحراك الاحتجاجي في 22 فبراير 2019. ولم تتوقف هذه الملاحقات ضد معارضين وصحافيين ووسائل إعلام، حتى بعد تعليق الحراك كل نشاطاته منتصف مارس بعد فرض إجراءات الحجر الصحي ومنع التجمعات السياسية والثقافية والرياضية والدينية. وتم إطلاق سراح عدد قليل من الناشطين مثل عبد الوهاب فرساوي الذي غادر السجن الاثنين بعد أن قضى ثمانية أشهر في الحبس، لكن هناك توقيفات ومحاكمات تشمل آخرين في كل أرجاء البلاد. وبالنسبة الى المؤرّخة المختصة في المنطقة المغاربية كريمة ديريش، "ما يحدث يعد قمعا أعمى، مرة ضد الصحافيين ومرة الناشطين وأخرى ضد مواقع التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن "النظام الآيل للزوال" يمارس "سياسة الأرجوحة". وتستهدف السلطة على الخصوص الناشطين المعزولين في المناطق البعيدة عن العاصمة. ويواجه الناشط وليد كشيدة المحبوس منذ 27 أبريل في سطيف (شرق) عقوبة تصل إلى خمسة أعوام في السجن وغرامة مرتفعة، بسبب نشره صورا ساخرة تنتقد السلطات والدين الإسلامي. ويلاحق وليد كشيدة (25 عاما) لنشره صورا ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بتهم "إهانة هيئة نظامية" و"إهانة رئيس الجمهورية" و"الإساءة إلى المعلوم من الدين بالضرورة". ويرى محلّلون أنّ السلطة في الجزائر تستغلّ وباء كوفيد-19 للقضاء على الحراك الذي تواصل بإصرار لأكثر من عام. ويعتبر الأستاذ الجامعي حسان حيرش أن "وباء كوفيد-19 فرصة لا تعوّض للسلطة. فطالما كان همّها منذ 22 فبراير هو إنهاء التظاهرات في الشارع". ويتابع "لقد فعلت كل شيء من أجل ذلك من قمع وتآمر ومحاولة تقسيم ..الخ. ولكن لا شيئ نجح، فالشعب الجزائري ظلّ صامدا وزاعيا بالتحديات. هذا امر غير مسبوق". وأثارت المصادقة المتسرّعة على قانون يُجرّم نشر الأخبار الكاذبة وقانون مكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت مخاوف منظمات حقوقية من محاولة "تكميم" حرّية التعبير. ويطالب الحراك بتغيير شامل للنظام الحاكم منذ استقلال البلد في 1962، ونجح في إسقاط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 سنة من الحكم، لكن لم يتمكن في فرض إبعاد كل أركان النظام وتغيير ممارساته.