منذ دجنبر 2012، ومنتدى المغرب ودول جزر المحيط الهادي الذي انطلقت أشغال دورته الثالثة اليوم الخميس بالعيون، يتيح أرضية مواتية لإعمال تفكير عميق حول السبل الكفيلة بتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية، وكذا الوشائج الثقافية بين الطرفين. وتنعقد الدورة الثالثة لهذا المنتدى الذي يتواصل حتى يوم غد الجمعة وسيتوج باعتماد بيان ختامي، تحت شعار توطيد علاقات التعاون وتنفيذ الالتزامات المتخذة في هذا الصدد، وتوحيد الأصوات والنهوض بالازدهار المشترك. وكان المغرب قد استضاف في دجنبر 2012 النسخة الأولى من منتدى المغرب ودول جزر المحيط الهادي بحضور وزراء خارجية دول فيجي وناورو وبابوا غينياالجديدة وفانواتو، وممثلين رفيعي المستوى لدولتي بالاو وكيريباتي. وتم في البيان الختامي، الذي توج أشغال هذا المنتدى، إرساء لبنات تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون والتنسيق بخصوص القضايا ذات الاهتمام المشترك. ونظمت في دجنبر 2015 بالرباط النسخة الثانية من منتدى المغرب ودول جزر المحيط الهادي، وذلك بالتعاون مع منتدى "كرانس مونتانا". وتوخت هذه النسخة التي جمعت 12 دولة من جزر المحيط الهادي إطلاق حوار استراتيجي رفيع المستوى حول التحديات التي يتعين على هذه الدول مواجهتها، واستشراف الفرص المتاحة لها، فضلا عن تطوير تعاون اقتصادي دولي فعال. وبناء على توصيات النسخة الأولى للمنتدى، قرر المغرب اعتماد صيغة مختلفة في النسخة الثانية، من أجل جعله منبرا لدراسة المشاريع الملموسة، وفقا لصيغة مبتكرة تتضمن عقد اجتماعات ثنائية بين كبار المسؤولين في دول جزر المحيط الهادي من جهة، ووزراء ومسؤولي القطاعات المغربية المعنية من جهة ثانية. ويتمثل الهدف من هذه المناقشات في توجيه عملية بلورة خرائط طريق، حسب البلد وحسب القطاع، وفقا لمقاربة موجهة نحو الطلب، تدعى فيها كل دولة إلى تحديد المجالات ذات الأولوية بالنسبة لها. وجرى عقد منتدى المغرب ودول جزر المحيط الهادي في أعقاب أعمال الدورة الثانية والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 21، باريس، دجنبر 2015)، والتي تميزت بمشاركة جلالة الملك محمد السادس. وكان جلالة الملك أكد، في خطابه بالمناسبة، على الخصوص، أن "تأثيرات التغيرات المناخية تعني كذلك، وربما بشكل أكبر، البلدان النامية، خاصة دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية الأقل تطورا، والدول الجزرية الصغيرة"، مبرزا جلالته أنه "انطلاقا من هذا الالتزام، الذي لا رجعة فيه، يتقدم المغرب اليوم بترشيحه لاستضافة المؤتمر 22 حول التغيرات المناخية، في مدينة مراكش، سنة 2016". ومن هذا المنطلق، واستعدادا لعقد الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأممالمتحدة للتغير المناخي والتي احتضنتها مراكش في شهر نونبر 2016، جرى تنظيم اجتماع تنسيقي على هامش النسخة السابعة والعشرين لمنتدى كرانس مونتانا (الداخلة، مارس 2016) والذي مكن من التطرق لدور المجتمع الدولي في حماية دول جزر المحيط الهادي وتعزيز تنميتها المستدامة. وتدريجيا، ومن نسخة تلو الأخرى، صارت اجتماعات هذا المنتدى تكتسب صفتي الفعالية والنضج. وستكون نسخة 2020، بناء على توصيات الإصدارات السابقة، ولاشك، فرصة للمضي قدما في توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، ومناقشة خرائط الطريق التي ستوجه التعاون خلال السنوات الثلاث القادمة، وكذا الوقوف على القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما المتعلقة بتغير المناخ. كما سبق تنظيم المنتدى، إنجاز مهمة تحضيرية متعددة التخصصات في شهر يناير المنصرم، همت عرض إمكانات التعاون التي تقدمها المملكة ورصد الطلبات القطاعية المحددة من الدول الشريكة في جزر المحيط الهادي. وتتماهى الدورة الثالثة لهذا المنتدى مع استراتيجية التعاون جنوب-جنوب التي حددها جلالة الملك، وهي استراتيجية التضامن النشط والفعال والمبادر، والتي يتقاسم فيها المغرب مع شركائه، تجربته وخبرته وموارده. وهكذا، فإن المغرب مستعد لإتاحة الفرصة لشركائه من أجل الاستفادة من تجربته وخبرته الموثقة في قطاعات مختلفة، من قبيل البيئة والبنية التحتية والطاقات المتجددة والإدارة المائية، والصحة، والزراعة، بالإضافة إلى مصايد الأسماك البحرية، والسياحة، والفوسفاط والمناجم، والتدريب والأمن. وتتغيى أهداف منتدى دول المغرب وجزر المحيط الهادي الذي سيختتم باعتماد إعلان نهائي، بالإضافة إلى تقييم الحالة الراهنة والمستقبلية للعلاقات بين المغرب ودول جزر المحيط الهادي؛ عرض تجارب ناجحة في مجالات تحظى باهتمام استراتيجي في بلدان هذه المجموعة؛ مع تحديد الأولويات الوطنية ومحاور التعاون بين المغرب ودول جزر المحيط الهادي في إطار التنمية المستدامة المبتكرة والقابلة للتحقق.