سارع جنرالات الجزائر، إلى الردّ على إفتتاح القنصلية العامة لجمهورية كوت ديفوار، أمس الثلاثاء، بمدينة العيون المغربية، وذلك عبر بلاغ وزارة خارجية تبون المعين من قبل المؤسسة العسكرية ضدا على إرادة الشعب الجزائري الذي يطالب، عبر الحراك الذي انطلقت شرارته يوم 22 فبراير 2019، ببناء نظام مدني ديمقراطي بعيدا عن إملاءات وأوامر العسكر الذي يجثم على صدور الجزائريين منذ استقلال البلاد سنة 1962. نظام العسكر، الذي انكشفت "سوأته" وأضحى في مواجهة مباشرة مع الشعب الجزائري، أصيب بالسعار إثر إقدام جمهورية كوت ديفوار على فتح قنصلية عامة لها بمدينة العيون، حيث أبان عن حقده مرة أخرى وعقدته تجاه المغرب ومصالحه، كما كشف بما لا يدع مجالا للشك عن تورطه في دعم ومساندة الانفصاليين، بل أكد للعالم بأن البوليساريو ما هي إلا دمية طيعة في يد الجنرالات، الذين يستعملونها منذ سبعينيات القرن الماضي لتصفية حساباتهم مع المغرب وعرقلة بناء الاتحاد المغاربي.. وزارة خارجية العسكر المصبوغة باللون "المدني"، سارعت إلى إصدار بلاغ تجاوز حدود اللباقة والتحفظ الدبلوماسي، و حاولت من خلاله ممارسة الوصاية على دولة ذات سيادة معتقدة أنها بذلك تستطيع أن تؤثر على القرار السيادي لكوت ديفوار القاضي بفتح قنصلية عامة لها بالعيون.. ومن خلال هذا البيان الفضيحة، البعيد كل البعد عن الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، كشفت خارجية العسكر تورط النظام الجزائري المباشر في عرقلة التسوية السلمية لقضية الصحراء، وأكدت بذلك أن نظام الجنرالات طرف أساسي بل هو الطرف الرئيس الوحيد في هذه القضية، لأن المرتزقة ليسوا سوى دمية يتم التلويح بها واستغلالها في حرب بالوكالة ضد المغرب ومصالحه.. وفي ردّ فعل مضحك انتقد بيان "الخارجية العسكرية" قرار الكوت ديفوار بفتح قنصلية عامة لها بالعيون، معتبرا أن القرار يعد "إخلالا بالالتزامات المترتبة عن العقد التأسيسي للاتحاد الأفريقي"، وهي محاولة لحشر الاتحاد في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية الذي تتكلف به حصريا الأممالمتحدة وهو ما أكدته قرارات قمة نواكشوط في 2018، والتي أكدت على أن ملف الصحراء المغربية يتم معالجته على مستوى الأممالمتحدة، وأن الاتحاد الإفريقي مدعو لدعم هذا المسلسل، ولا يجب عليه خلق مسلسل موازي أو أدبيات مختلفة عن أدبيات المنظمة الأممية. كما أن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فاكي محمد، أكد خلال القمة العادية ال 33 للاتحاد الإفريقي التي انعقدت بداية شهر فبراير الجاري باديس ابابا، تفرد الأممالمتحدة في إيجاد تسوية لقضية الصحراء المغربية ..
إن ما يصدر عن النظام العسكري، عبر واجهة مدنية مصطنعة، من قرارات وممارسات ما هي إلا محاولات فاشلة لم يعد يصدقها أحد وهو يشبه في ذلك إلى حد بعيد من يعيش لحظاته الأخيرة وكل ما يقوم به اليوم لا يعدو أن يكون انعكاسا لمرحلة الاحتضار وسكرات الموت، وقد يسقط في أي لحظة لأنه فقد الشرعية الشعبية، وهو ما يتضح من خلال شعارات الحراك الشعبي الذي سيكمل سنة بعد يومين، كما أنه فقد كل "وزنه" بإفريقيا والذي اشتراه بواسطة ريع الغاز والنفط، إلا أن تراجع أسعار النفط واستنزاف احتياطي الصرف لم يعد يسعفه في شراء السلم الاجتماعي بالداخل وذمم الدول بالخارج، لكي تسانده في مغامراته العدوانية المعادية لجاره المغرب.. نظام العسكر الجزائري، يعتقد أن باستطاعته ممارسة الوصاية على الدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي من خلال انتقاد قراراتها السيادية، وعوض أن ينكب على معالجة الأوضاع المتأزمة والمتفجرة بالجزائر وتلبية مطالب الحراك الشعبي يحاول القفز على الواقع والهروب إلى الأمام سواء من خلال التحركات شرقا وغربا لإيهام المنتظم الدولي أن بإمكانه أن يلعب دورا في بعض الملفات والقضايا التي تشغل بال المنتظم الدولي، وضمنها الأزمة الليبية، في وقت لم يستطع فيه حلّ مشاكله الداخلية وانتزاع اعتراف شعبي وشرعي به.. أما بخصوص الوحدة الترابية للمغرب، التي شكلت دوما عقدة بالنسبة لنظام العسكر الجزائري، فإن المنتظم الدولي أضحى أكثر معرفة بحقيقة ما يقع وبأصل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وما مسلسل سحب الاعترافات بجمهورية الوهم الصحراوية سواء بإفريقيا وأمريكيا اللاتينية ودول الكاراييبي، سوى أحد التجليات لهذا الوعي الدولي بمشروعية المطالب المغربية وسيادته على كامل التراب الوطني وهي حقوق ثابتة وغير قابلة للمساومة..