أصدرت مديرية الوثائق الملكية، ضمن مجلة الوثائق، عددا خاصا بمدينة الصويرة في أعقاب الزيارة الميمونة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 15 يناير الجاري لهذه المدينة ولبيت الذاكرة، تكريما للتراث المتنوع لهذه المدينة العتيقة التي ظلت خلال فترات من تاريخ المغرب فضاء للعيش المشترك بين "المغاربة". وأوضح بلاغ لمديرية الوثائق الملكية، أن هذا العدد الخاص (23) يخدم فكرة الجهوية والتنمية الثقافية وإعادة تركيبة كل جهة، ويعزز في الإبان نفسه مسيرة العلاقات المتشعبة المتصلة بالموقع الجغرافي للحواضر وحمولة التخطيط التنموي الاستراتيجي، وكذا الكشف عن المعالم التراثية المتحكمة في كيانها الحضري كواحدة من الحواضر المغربية، مراعاة للأثر الإيجابي الفاعل في خلق علاقة منسجمة بين الإنتاج الثقافي العام ومبادرات الأنشطة الجهوية البارزة على الصعيد الوطني. وفي هذا السياق، اعتمد هذا العدد الخاص بمدينة الصويرة، الذي يقع في 607 صفحة من القطع المتوسط، مجموعة من الوثائق كالظهائر الشريفة والمراسلات المخزنية التي وطدت الدعم المصدري، ناهيك عن الصور النادرة التي تبرز عناية سلاطين وملوك الدولة العلوية الشريفة بمدينة الصويرة. وقد تفيد قراءة النصوص الصادرة في هذا الكتاب بكشف الستار عن التنظيم السائد بالمدينة ابتداء من مؤسسها السلطان سيدي محمد بن عبد الله، إلى عهد جلالة المغفور له الملك سيدي محمد الخامس طيب الله ثراه، مما يسمح بمواكبة مسيرة النسق التاريخي لمدينة الصويرة خلال قرنين كاملين. وأضاف البلاغ أن هذا الكتاب يبرز أيضا دور السلطان سيدي محمد بن عبد الله في تعمير المدينة، حيث عمل رحمه الله على تشجيع عدد من العائلات اليهودية المقيمة بالحواضر المغربية على الاستقرار بمدينة الصويرة، وتخصيصها بامتيازات خلقت منها فئة من التجار بصموا الاقتصاد المغربي من خلال التبادل التجاري بين إفريقيا جنوب الصحراء والحواضر المغربية، ويقدم الكتاب أيضا صورة عن خصوصيات المجتمع المغربي المتميز بالتعايش والانسجام وقبول الاختلاف. وفي تقديمها لهذا العدد من مجلة الوثائق، وهي مجموعة دورية تصدرها مديرية الوثائق الملكية، أكدت المديرية أنها دأبت منذ تأسيسها المضي على درب إصدار مجلة الوثائق التي سبق أن حافظت على نشر الرصيد المرتب في رفوف الأرشيف وفق التحقيب الزمني وتعاقب السلاطين والملوك، فأصدرت على تلك الفترة 22 عددا، خصص العدد الأخير منها لفترة السلطان سيدي محمد بن يوسف طيب الله ثراه. وأضافت المديرية أنه سيرا على مواصفات النهج الذي يسلط الأضواء الكاشفة على سياسة المملكة المغربية تجاه الحواضر والأمصار والقبائل والأقاليم والجهات الوطنية، رعيا للتنمية الثقافية التاريخية، ارتأت أن تسير على المنوال المخطط باختيار وضع تاريخ النواحي المغربية رهن إشارة الباحثين والمثقفين، وفي هذا الاختيار تهييء لمصدر دراسة بنيات العهود السالفة بموازة مع مصداقية الأوراش الراهنة المتنامية على عهد مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. وهذا هو هدف إصدار الكتاب الراهن الجامع لوثائق مدينة الصويرة، الذي سيكون مثالا يخدم فكرة التنمية الشاملة للثقافة التاريخية بالجهة التي تمثلها، ويعزز في الإبان نفسه مسيرة العلاقات المتشعبة المتصلة بالموقع الجغرافي وحمولة التخطيط التنموي الاستراتيجي، وكذا الكشف عن المعالم التراثية المتحكمة في كيانها الحضري كواحدة من الأمصار المغربية، مراعاة للأثر الإيجابي الفاعل في خلق علاقة منسجمة بين الإنتاج الثقافي العام ومبادرات الأنشطة الجهوية البارزة على الصعيد الوطني. ويشتمل العدد الجديد بالخصوص على مجموعة من الوثائق والصور تهم الصويرة على عهود السلاطين سيدي محمد بن عبد الله، ومولاي سليمان، ومولاي عبد الرحمن بن هشام، وسيدي محمد بن عبد الرحمن، ومولاي الحسن، ومولاي عبد العزيز، ومولاي عبد الحفيظ، ومولاي يوسف، وسيدي محمد بن يوسف. وشارك في إعداد هذا العدد الجديد الأساتذة الباحثون أعضاء اللجنة العلمية، السيدة بهيجة سيمو، والسيدان حسن الفيكيكي وعبد العزيز تيلاني، بمساهمة السيد عزيز الأحرش. ويتضمن فهرس العدد الجديد من الدورية فهرسا للوثائق حسب ترتيبها الزمني، وفهرسا للأعلام البشرية، وفهرسا للأعلام الجغرافية، فضلا عن فهرس للمصطلحات التقنية والحضارية، وفهرسا للصور. أما غلاف العدد فيتشكل من لون أخضر يرمز إلى السلم كشعار للدولة ومكون أساسي في تركيبة العلم المغربي، ولون أصفر يرمز إلى ماء الذهب الذي تزين به الوثائق الملكية، في حين تذكر المنمنمة التي تتوسط الغلاف بفن التوريق في الحضارة المغربية، كما تستحضر ضفيرة الحاشية فنون الحواشي في الوثيقة المخزنية.