بعد أن ضاعت معالمه العمرانية وكاد يندثر بفعل بفعل الإهمال، نهض برج روتنبورغ أو البرج الكبير (برج هرفي)، القابع على ساحل المحيط الأطلسي بحي المحيط غير بعيد عن المستشفى العسكري القديم، ماري فويي، والذي يحتوي على العديد من المعالم المعمارية الفريدة من نوعها، من رماده ليعزز المشهد الثقافي في الرباط كبنية جديدة تضم بين أسوارها المتحف الوطني للتصوير. وافتتح المتحف، الذي بادرت إليه المؤسسة الوطنية للمتاحف في إطار استراتيجيتها الهادفة إلى إغناء خريطة المتاحف في المملكة، بمعرض بعنوان "صورتنا" للفنان الشاب ياسين علوي اسماعيلي. ويعرض الفنان اسماعيلي (35 عاما وينحدر من الدارالبيضاء) أعماله بهذا الفضاء الجديد بموجب "بطاقة بيضاء" منحتها له المؤسسة الوطنية للمتاحف، اعتبارا لكونه يعد حاليا قيمة في فن التصوير الدولي، حيث نال جائزة أصدقاء معهد العالم العربي بباريس للإبداع المعاصر عام 2019. قبة البرج على شكل ظهر سلحفاة كما نشرت لهذا الفنان الذي تتمحور أعماله حول صور الشوارع، مجلات فنية "كمبدع صاعد يتابع عملا أصيلا خاصة في أزقة الدارالبيضاء بنظرة عفوية وحلمية"، وفق ورقة للمؤسسة. وفي الوقت الحاضر، يظهر التصوير كاتجاه قوي في الإبداع المعاصر، لتأخذ الرباط ، مرة أخرى ، قصب السبق وتكرس له متحفا وطنيا داخل موقع أثري بحصن برج (روتيمبورغ) المعروف باسم (البرج الكبير)، وهو الأول من نوعه في المغرب وأحد المتاحف الرائدة في القارة الإفريقية. وفي تصريح للصحافة، قال رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف المهدي قطبي إن تدشين هذه المعلمة الفنية يندرج في سياق التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في المجال، لاسيما دمقرطة الثقافة. وتابع قطبي أنه "في هذا الفضاء ، برج روتيمبورغ ، وبمحاداة حي شعبي، نسعى لإيصال رسالة مفادها أن الثقافة يجب أن تكون في متناول كل مغربي"، مشيرا إلى أن "من الضروري جعل الثقافة في متناول العموم المنحدرين من الأحياء الشعبية لا أن يسعون هم إليها". وذكر، من جهة أخرى، بالدور الذي تضطلع به المؤسسة في إبراز الطاقات الشابة والمساهمة في فتح أبواب الأمل أمامها. وتوقف الفنان إسماعيلي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عند البعد الجمالي لمعرض "صورتنا" ورمزية اختياره في افتتاح المتحف كتجربة تساعد على الربط بين الأجيال. وقال "إنه عبر هذا المعرض، أسعى لأجمع مختلف الأجيال من المصورين من أجل خلق تلاحم يكون ذا وقع تحفيزي لدى المصورين الشباب". يشار إلى أن تلكسبريس كانت سباقة إلى إثارة انتباه المسؤولين على الشان الثقافي بالمدينة، إلى ما آلت إليه أوضاع البرج، وذلك عبر مقال تحت عنوان "ماهي مسؤولية وزارة الثقافة والعمدة فتح الله ولعلو في هذه الفضيحة الأثرية الكبرى"، وذلك يوم 12 غشت 2015. وبني برج (روتيمبروغ )، وهو في أصله حصن اشتهر باسم (البرج الكبير) ، عند نهاية القرن ال19 على الطريق الساحلية للرباط (الكورنيش) لاستقبال مدفعين بزنة 30 طنا أرسلهما الألمان إلى المغرب. وتعود تسمية الحصن إلى المهندس الألماني والتر روتيمبورغ الذي كان مسؤولا عن أشغال البناء التي انطلقت في يونيو 1888 وانتهت في 1894، إلى أن غير الفرنسيون اسمه باسم برج (هيرفي) عام 1912. وهو يحمل اليوم اسم (البرج الكبير). وكان البرج أول منشأة بنيت بالإسمنت المسلح في تاريخ المغرب.