تتواصل معركة كسر العظام بين الحكومة الفرنسية والنقابات، وذلك على خلفية إصلاح أنظمة التقاعد، حيث نظمت مظاهرات حاشدة، أمس الثلاثاء، تلبية للمرة الأولى لدعوة مجمل النقابات، العازمة في اليوم الثالث عشر من الإضراب على دفع الحكومة إلى تقديم تنازلات. وخرج أكثر من 250 ألف متظاهر عصر أمس الثلاثاء في نحو خمسين مدينة بفرنسا، وفق أرقام الشرطة وفرانس برس. وشارك في التحرك عمال السكك الحديد ومعلمون وموظفون ومحامون وقضاة في محاولة جديدة لدفع حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى التنازل عن مشروعها بعدما استقال، أول أمس الاثنين مهندس هذا الاصلاح جان بول دولوفوا على خلفية شبهة بتضارب المصالح. وتأتي احتجاجات امس لليوم الثالث منذ بداية الشهر. وفي الخامس من ديسمبر، اليوم الأول من الإضراب، تظاهر أكثر من 800 ألف شخص في البلاد. لكن العدد تراجع إلى أقل من النصف في الحادي عشر منه. وللمرة الأولى الثلاثاء، تظاهرت كل النقابات. وينص المشروع المثير للجدل على تحويل 42 نظاما للتقاعد إلى نظام شامل يقوم على النقاط مع مقياس للعمر، هدفه التوفير لضمان التوازن المالي للنظام. كما يحدد مشروع تعديل النظام التقاعدي "السن التوازني" عند 64 عاما، مع إتاحة خيار التقاعد قبل عامين أو بعد السن المحددة. وهذا الأمر يتيح لأي شخص التقاعد في سن الثانية والستين لكنه يقلّص راتبه التقاعدي، بينما يستفيد الذين ينسحبون بعد هذه السن من زيادة. وقال الأمين العام للاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمل لوران بيرجيه "على جميع من يطالبون باصلاح عادل ومنصف أن يكونوا في الشارع ليظهروا أننا نرفض هذا السن التوازني الظالم بشدة، والذي سيشمل في الدرجة الأولى من باشروا العمل باكرا". أما رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال فيليب مارتينيز، الذي يتصدر الحركة الاحتجاجية، فقد صرح "إنه نجاح كبير". ويطالب مارتينيز مع أربع نقابات آخرى بالتراجع الكامل عن المشروع الاصلاحي. وستجتمع هذه المنظمات مساء لاتخاذ قرار في شان المراحل المقبل للتحرك. الحكومة "مصممة" وفيما كانت التظاهرات تعمّ فرنسا، أكد رئيس الوزراء إدوار فيليب "التصميم الكامل" على المضي في الاصلاح. وقال أمام النواب إن "تصميمي وتصميم الحكومة وتصميم الغالبية كامل. إنه كامل لقيام هذا النظام الشامل ولضرورة إرساء توازن في النظام المقبل وإعادة التوازن إلى النظام الراهن". ويلتقي فيليب النقابات ومنظمات أصحاب العمل الأربعاء والخميس. وقبل بضعة أيام من إجازة نهاية العام، يستمر الإضراب المفتوح وخصوصا في مترو باريس وخطوط السكك الحديد. وأشار الاتحاد العام لنقابات العمال إلى انقطاع للكهرباء في الجنوب الغربي والوسط الشرقي طاول عشرات آلاف المواطنين، مهددا ب "انقطاعات أكبر". وأغلقت تماما نصف خطوط المترو في باريس وضاحيتها. وارتفعت نسبة المضربين في صفوف عمال الشركة المشغلة للسكك الحديد مقابل زيادة محدودة في صفوف المعلمين، لكن النسبة بقيت في الحالين أدنى من نظيرتها في اليوم الأول من الحراك. ولا يتوقع تحسن الوضع مع اقتراب أعياد نهاية العام بحسب "يورونيوز". وتساءلت صحيفة "لو فيغارو" اليمينية أمس الثلاثاء "هل سيبقى الفرنسيون على رصيف المحطة خلال عيد الميلاد؟".