يتصاعد التوتر في فرنسا الأحد بين الحكومة والمعارضين لمشروع تعديل أنظمة التقاعد في اليوم الحادي عشر من إضراب واسع في قطاع النقل، قبل يومين من نهار جديد من التظاهرات، في وقت حمل فيه كل طرف الآخر مسؤولية استمرار جدل يمكن أن يؤثر على عطلة أعياد الميلاد. وكانت حركة النقل في باريس شبه متوقفة الأحد، مع تشغيل خطي قطار فقط من الخطوط ال16 في المدينة، فيما ألغيت معظم رحلات القطارات الوطنية. ويبدو أن شكوكا في مهندس الإصلاح، المفوض الأعلى لأنظمة التقاعد جان بول دولوفوا، يمكن أن تؤدي الى تشويش على الجدل حول هذا التعديل. وتطال شكوك بتضارب مصالح لعلاقاته مع شركات التأمين الخاصة دولوفوا بعدما أغفل بعض الأمور في "بيان المصالح" وهو وثيقة يقدمها أعضاء الحكومة إلى السلطة التي تدقق في ممتلكات ونشاطات الشخصيات العامة. وذكرت صحيفة "لوموند" أن دولوفوا صحح هذه الوثيقة السبت ليكشف فيها عن شغله 13 منصبا إداريا كمدير أو رئيس، بينها 11 في إطار عمل تطوعي، في مختلف الهيئات. وقد واجه في الأيام الماضية انتقادات حادة لممارسته مهام مأجورة بعشرات الاف من اليورو لسنة واحدة لدى مجموعة للتأهيل المهني ومركز فكري. واعترف بالخطأ ووعد بإعادة الأموال إذ إن القانون الفرنسي يمنع شعل منصب حكومي مع ممارسة نشاط مهني آخر. وحصل دولوفوا على دعم رئيس الوزراء إدوار فيليب الذي أكد ثقته "بحسن نواياه"، نافيا بذلك شكوكا حول احتمال استقالته. وانتقد فيليب الذي يشعر بقلق كبير من احتمال توقف القطارات اثناء عطلة عيد الميلاد، الأحد بقسوة المضربين الذين يسببون اضطرابات كبيرة في حركة النقل بالسكك الحديد ووسائل النقل في المدن. وقال لصحيفة "لوباريزيان" إن "عيد الميلاد مناسبة مهمة ويجب أن يتحمل كل شخص مسؤولياته. لا أعتقد أن الفرنسيين يقبلون بأن يتمكن البعض من حرمانهم من هذه المناسبة". وأعلن عمال سكك الحديد المضربون أنهم لا ينوون الالتزام "بهدنة" بمناسبة أعياد نهاية السنة. وقال فيليب مارتينيز الأمين العام للكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) لشبكة بي.إف.إم التلفزيونية الأحد إن إضراب النقل يمكن أن ينتهي قبل عيد الميلاد إذا سحبت الحكومة خطتها الاصلاحية. وأضاف "وإلا فإن المضربين سيقررون ما يتعين عليهم فعله الخميس أو الجمعة". لكن وزير الموازنة جيرالد دارمانان وخلال نقاش مع مارتينيز حول نفس البرنامج شدد على الصعوبات التي يعاني منها المواطنون العاديون للتوجه إلى أعمالهم في باريس. وقال "لا يمكن تعريض الجمهورية للابتزاز من أي شخص". من جهة أخرى، خرج رئيس "الكونفدرالية الديموقراطية الفرنسية للعمل" (سي اف دي تيه) لوران بيرجيه عن صمته الذي يلتزمه منذ الغضب الذي عبر عنه الأربعاء بعد الإعلان أن مقياس سن التقاعد تم تثبيته في مشروع إصلاح نظام التقاعد. وأعلن فيليب تحديد "سن توازني" هو 64 عاما. وهذا يعني أن اي شخص يستطيع التقاعد في سن الثانية والستين لكن هذا ينقص من راتبه التقاعدي، بينما يستفيد الذين ينسحبون بعد هذا السن من زيادة. وقال بيرجيه لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" إنه "امر بسيط جدا: لتنظر +الكونفدرالية الديموقراطية الفرنسية للعمل+ بطريقة أخرى إلى مشروع القانون هذا، يجب أن تقبل الحكومة بإلغاء سن التوازن". وكرر أنه "لا معنى" لتحويل 42 نظام تقاعد الى نظام شامل يقوم على النقاط مع مقياس للعمر، هدفه التوفير لضمان التوازن المالي للنظام. ولم يستبعد تنظيم "لقاء في يناير" للدفاع عن هذا الموقف بعد تظاهرة الثلاثاء، مع النقابات الأخرى التي تطالب بسحب الإصلاح بأكمله. ويبدو أن الرأي العام يؤيد هذه التحركات. فقد افاد استطلاع للرأي أجراه معهد"ايفوب" لصحفة "لوجورنال دو ديمانش" أن 54 بالمئة من الفرنسيين يؤيدون الإضراب، مقابل 46 بالمئة في بداية الحركة في الأول من ديسمبر و53 بالمئة بعد تعبئة الخامس من ديسمبر. ويعارض ثلاثون بالمئة هذه التحركات، وهي النسبة نفسها التي سجلت الأسبوع الماضي. وستشهد حركة القطارات اضطرابا كبيرا الإثنين، عشية نهار جديد من التظاهر الثلاثاء لعمال سكك الحديد والطلاب والموظفين الحكوميين والعاملين في قطاع الصحة والمحامين والقضاة والمعلمين.