شهدت سنة 2019 حركية مكثفة على مستوى برامج رد الاعتبار للحاضرتين الألفيتين فاسومكناس، تستهدف تثمين المدينتين العتيقتين وتراثهما وتاريخهما العريق بما يجعلهما مركزي جذب حضري وسياحي واقتصادي قوي على صعيد المملكة. ويولي جلالة الملك محمد السادس بالغ الاهتمام لتنفيذ هذه البرامج بل إنه وضعهما في صلب استراتيجية ورؤية ملكية شاملة تروم النهوض بالمدن العتيقة المغربية وا لرقي بها عمرانيا وحضاريا واستثمار مؤهلاتها الاقتصادية لاسيما المرتبطة منها بقطاعات السياحة والصناعة التقليدية لتصبح قاطرة للتنمية السياحية والمجالية والاقتصادية. ففي مدينة فاس أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس في أبريل 2019 انطلاقة تجديد 32 موقعا من أصل 113 موقعا معنيا بالبرنامج التكميلي لتأهيل المدينة العتيقة . وتأتي هذه المشاريع استكمالا لبرنامجين سابقين تم تنفيذهما بتمويلات فاقت المليار درهم، هما تأهيل ورد الاعتبار للعديد من المباني والمدارس والمأثر بالمدينة العتيقة لفاس، وتهيئة مواقف السيارات وإصلاح الطرق وإقامة منظومة للإرشاد السياحي. وأعطى جلالة الملك انطلاقة أشغال ترميم متحف البطحاء الذي سيصبح ، بعد الانتهاء منه ، واحدا من أكبر متاحف المملكة، ثم بناء متحف للثقافة اليهودية . أما برنامج التأهيل الطرقي فيهم تهيئة ثمانية مواقف للسيارات تكون منافذ متميزة للولوج للمدينة العتيقة انطلاقا من باب الحمرة وباب الجديد وسيدي بونافع وباب بوجلود وعين أزليتن وباب الكيسة وواد الزحون وبين المدن . كما تشمل تلك العملية التكسية الكاملة للشوارع والأزقة بالمدينة العتيقة من توسيع وترصيف ووضع نظام تعريفي للزوار والسياح . وخلال جولة جلالته بالمدينة العتيقة التي باتت معالم التغيير فيها واضحة، اطلع جلالة الملك على البرامج المنجزة في إطار التأهيل الأولي وأبرزها حمام الصفارين الذي يعود للقرن ال 14، وفندق الصطاونيين، والمشروع الكبير للا يدونة الممتد على 7000 متر مربع والذي سيحدث 500 منصب شغل في قطاع الصناعة التقليدية . مشاريع التحديث همت أيضا عشرات المواقع التاريخية من مساجد، وكتاتيب قرآنية، ومدارس عتيقة خصوصا المدرسة البوعنانية، و37 مكانا للاستجمام من حمامات، وسقايات، ومرافق صحية، و39 موقعا للتجارة والصناعة التقليدية، علاوة على تأهيل باب المكينة. ويقف الزائر حاليا باندهاش وإعجاب شديدين أمام حجم التغيير الذي عرفته مختلف أزقة وأركان المدينة العتيقة لفاس، لعل آخرها ساحة للا يدونة التي أصبحت جوهرة الساحات العتيقة بالمغرب. عمليات التجديد طالت قبل ذلك قيسارية مولاي إدريس الشهيرة، مثلها مثل عشرات المدارس والفنادق التي تعود لقرون خلت، تحولت لمتاحف حية تحكي عبقرية الصانع المغربي . فقد استعادت، بفضل الرؤية الملكية الحريصة على المحافظة على الإرث الروحي للمملكة ، مختلف تلك الأماكن والفنادق والمواقع العريقة بالمدينة القديمة لفاس رونقها وبهاءها بعد عمليات ترميم وتجديد واسعة خضعت لها هذه الفضاءات وتوجت بإحداث شارة (فنادق فاس)، مع اعتماد مفهوم جديد لتدبيرها بهدف إدماجها في الحركية الاقتصادية والاجتماعية للمدينة العتيقة ككل . ومن بين المشاريع الضخمة التي تم تنفيذها أيضا تأهيل وإنعاش المدارات السياحية بما فيها مدار الصناعة التقليدية بالمدينة العتيقة لفاس . وقد استهدف المشروع استبدال أماكن تواجد عدد من لوحات التوجيه الخاصة بالمدارات السياحية ووضع أخرى جديدة، فضلا عن القيام بحملات ترويجية تستهدف السياح المحليين والأجانب . كما توخى إحداث مجموعة من التغييرات على مستوى المدارات الحالية بهدف دمج المراكز الجديدة للصناعة التقليدية وعمليات ترميم المآثر التاريخية . وخلال مختلف عمليات الترميم تلك، تمت مراعاة مختلف الإجراءات والقوانين الدولية خصوصا الحفاظ على حقوق الصناع التقليديين المرحلين، مثلما كان الشأن في قيسارية مولاي إدريس وساحة للا يدونة . غيرت مختلف تلك المشاريع وجه المدينة العتيقة لفاس وأضفت عليه سحرا وجمالا لتصبح أكثر إشراقا وجاذبية، فعادت مكانا مفضلا لتقاطر السياح وتبضع المتسوقين، وتجول المتنزهين . مشاريع التأهيل ماتزال متواصلة بعزيمة لا تلين لترد ، بالفعل ، الاعتبار لفاس وتصون تراثها، وتحافظ على جوهرها كمدينة مغربية إسلامية ومتوسطية تزخر بالثقافة والإبداع والفن والجمال . وبخصوص مدينة مكناس العتيقة فقد عرفت عام 2019 انطلاقة أشغال التهيئة وفق برنامج تأهيلي قيمته 800 مليون درهم وقع أمام جلالة الملك بتاريخ 22 أكتوبر 2018 وهو البرنامج المقرر ان ينتهي في العام 2023 ومن شأنه تغيير وعصرنة الحاضرة الإسماعيلية بشكل كامل. ويأتي البرنامج استكمالا لحصيلة البرامج المنجزة في المدينة والتي همت معالجة البنايات والدور الآيلة للسقوط لفائدة 70 أسرة من أصل 3120 وتقوية وتجديد ما يقارب 32 كلم من شبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل مع ربط أزيد من 7500 بناية بمختلف الشبكات، وكذلك إعادة تأهيل حوالي 5.4 كلم من الأزقة بالمدينة العتيقة، وتأهيل باب الجديد وقصر المدرسة، وتهيئة ساحة عودة وجنان بنحليمة، وترميم وصيانة بعض المعامل التاريخية كبرجي الماء وباب بلقاري . كما يتوخى برنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة بمكناس ترميم وصيانة وتوظيف التراث المعماري والحضري للمدينة العتيقة وتهيئة وتأهيل المجالات الحضرية و التاريخية بها وخلق دينامية سياحية واجتماعية وإدماجها في الدورة الاقتصادية للمدينة . وبالنسبة لمحاور ترميم وتأهيل التراث التاريخي للمدينة العتيقة، فهي تتعلق بترميم المعامل التاريخية المتميزة : قصر المنصور، صهريج السواني، هري السواني، معلمة حبس قارة ترميم الأسوار على طول 12كلم و4 أبراج تاريخية وترميم 14 بابا تاريخيا أهمها باب منصور وباب الربادعيني وباب الخميس وكذلك ترميم الساحات التاريخية لهديم والمشور حيث خصصت 594 مليون درهم لهذا الشق . وبخصوص تحسين الولوج والسير بالمدينة العتيقة فتتمثل المشاريع في إحداث مرآب تحت أرضي بباب الرحى وإحداث مرآب بساحة زين العابدين بتكلفة 40 مليون درهم . وبالنسبة لتقوية الجاذبية السياحية والاقتصادية، فتتمثل العمليات في تأهيل فندق النجارين وقيصرية الحرير وخلق أربعة مسارات سياحية هي مسار المدينة العتيقة على طول 3 كلم ومسار الدار الكبيرة على طول 7,1 كلم ومسار الملاح- السكاكني- الشيخ الكامل على طول 4 كلم ومسار الحافالت على طول 15 كلم . أما تجهيزات القرب التي سيتم إنجازها فتهم تأهيل فندق الحنة والنادي النسوي باب كناوة والانبعاث وتأهيل دار الشباب عبد الكريم الخطابي بتكلفة 166 مليون درهم . ويساهم في إنجاز هذه المشاريع صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ب300 مليون درهم ووزارة الداخلية ب100 مليون درهم ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ب56 مليون درهم ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ب100 مليون درهم ووزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي ب 40 مليون درهم ووزارة الشباب والرياضة ب20 مليون درهم ووزارة الثقافة والاتصال ب34 مليون درهم ومجلس جهة فاسمكناس ب50 مليون درهم ومجلس عاملة مكناس 10 مليون درهم وجماعة مكناس ب 50 مليون درهم وجماعة مشور استينية ب40 مليون درهم .