يتواصل مسلسل شد الحبل بين الحراك الشعبي بالجزائر والمؤسسة العسكرية، التي كشفت عن أنيابها مؤخرا واضحت في مواجهة مباشرة مع الشعب، بعد ان عرّى الفراغ الدستوري وجهها وحقيقتها كسلطة فعلية تحكم وتتحكم في البلاد منذ الاستقلال سنة 1962.. ورغم فرض مسرحية الانتخابات الرئاسية قسرا إلا أن الشعب الجزائري لم يستسلم وواصل نضاله من خلال المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية، التي لم تتوقف كما كان قايد صالح يرغب.. إن الازمة الجزائرية لا يمكن حلها إلا بابتعاد المؤسسة العسكرية عن الحكم، وتسليم السلطة إلى الشعب الذي يعتبر سيد نفسه، ليختار من سيمثله للمرور إلى عهد جديد وبناء دولة مدنية ديمقراطية بعيدا عن إملاءات وقرارات الجيش الذي يعتبر السلطة الفعلية في الجزائر.. والكل بات يعلم أن العسكر والمخابرات، ومنذ انقلاب محمد بوخروبة(الهواري بومدين) مباشرة بعد استقلال البلاد، هم من يختار مباشرة الرئيس، ولاتزال المؤسسة العسكرية اليوم تختارهم ويرشحهم وإن بطريقة غير مباشرة من خلال انتخابات مفبركة كالتي جرت أول أمس الخميس واسفرت عن "تعيين" عبد المجيد تبون الذي كان ولايزال من رموز النظام البائد حيث تحمل مسؤوليات في دواليب الدولة وفي قطاعات حكومية، وسبق ان عين من قبل بوتفليقة وزيرا اول قبل ان تتم إقالته من قبل نفس الرئيس الذي عزله الحراك الشعبي، وها هو اليوم يتلقد منصب الرئاسة بدعم وإرادة من مؤسسة الجيش التي عملت كل ما بوسعها لإعادة تدوير النظام، لكي تختفي وراء الرئيس كواجهة مدنية لممارسة السياسة والتحكم في رقاب الجزائريين ورهن مستقبل البلاد.. إن الإشكال الرئس في الجزائر هو المؤسسة العسكرية، ولا يمكن حل الازمة التي تتخبط فيها البلاد إلا بعودة الجيش إلى الثكنات والابتعاد عن الشؤون السياسية وتسليم السلطة إلى هيئة مدنية يتوافق الشعب حولها في افق بناء دولة مدنية ديمقراطية وفق رغبة وإرادة الشعب الذي ملّ من رفع شعارات "دولة مدنية ماشي عسكرية"، و"لانريد حكم العسكر من جديد"..