في محاولة لنسف الحراك الشعبي، وبعد المحاولات المتكرة للتأثير على نضالات الجزائريين ودفعهم إلى الانخراط في المخطط المرسوم من طرف قايد صالح الرامي إلى الالتفاف على مطالب الشعب الجزائري عبر تنظيم انتخابات رئاسية مرفوضة، لاعادة تدوير النظام الفاسد، لجأ النظام إلى اساليب أخرى لترهيب المواطنين والإمعان في تخوين المتظاهرين.. وفي هذا الإطار، أعلنت قوات الأمن الجزائرية أنها تمكنت من إحباط "مخطط تخريبي" للسيطرة على الحراك الشعبي، عشية الانتخابات الرئاسية المرتقبة يوم الخميس القادم. وتأتي هذه الاتهامات عشية مسيررت الجمعة الثانية والاربعين من الحراك الشعبي، التي انطلقت منذ صباح اليوم للتنديد بقرارات قايد صالح ورفض الانتخابات الرئاسية المفروضة يوم 12 دجنبر الجاري، والمطالبة ببناء دولة مدنية والقطع مع حكم العسكر. ونقلت وسائل إعلام محلية، مساء الخميس، عن بيان للمديرية العامة للأمن الوطني، أن الكشف عن المخطّط جاء بعد توقيف طالب جامعي في منطقة "ساحة الشهداء" بالجزائر العاصمة "كان بصدد تصوير قوات الشرطة" المتمركزة في المكان منذ بدء الحراك الشعبي في فبراير الماضي. وبعد التحقيق مع الطالب الجامعي، قدم اعترافات وصفت ب"الخطيرة"، تضمنت إقراره بأنه "واحد من المكلفين بمخطط إجرامي يستهدف الشرطة عشية الانتخابات الرئاسية"، كما اعترف بأنه "عضو في حزب مقاطع للانتخابات ومرتبط بمنظمة الماك الانفصالية" (الحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبائل) التي تتخذ من باريس مقرا لها، وتدعو إلى "استقلال منطقة القبائل" ذات الغالبية الأمازيغية". ويشمل المخطط التخريبي الجزائر العاصمة والمحافظات الثلاث لمنطقة القبائل وهي تيزي وزو والبويرة وبجاية الواقعة شرق البلاد، ويستهدف السيطرة على الحراك الشعبي بواسطة عناصر متطرفة، كما يرتكز على "تكثيف المظاهرات عشية انتخابات الرئاسة خاصة الليلية منها، واستفزاز قوات الأمن بشكل يدفعها إلى الإرهاق أو الدخول في مواجهات مع المحتجين مع تنفيذ مخطط العصيان المدني". واعترف الطالب المتهم، حسب بيان السلطان الرسمية، بإرساله الصور إلى رئيس حركة "الماك"، فرحات مهني، ودبلوماسي أجنبي لم تحدد جنسيته كان مكلفا بإدارة المخطط. ويأتي ذلك بعد أيام من دعوة قائد حركة "الماك" الانفصالية فرحات مهني، سكان منطقة القبائل الواقعة شرق الجزائر إلى "مواجهة قوات الشرطة بكل أساليب العنف" لإجبار السلطات الجزائرية على إلغاء الانتخابات الرئاسية. وتأسست "الماك" سنة 2002، واتخذت من باريس مقرا دائما لها، وهي منظمة تطالب باستقلال منطقة القبائل عن الجزائر، وقد سبق لمسؤولين جزائريين أن اتهموا فرنسا بالوقوف وراءها لاستعمالها "ورقة ضغط" ضد الجزائر حفاظا على مصالحها ونفوذها". وتقول السلطات التي تصنفها منظمة إرهابية أنها "استغلت الحراك الشعبي وقامت باختراقه براياتها الانفصالية والزج بمطالبها عبر أشخاص إما يجهلون حقيقة الوضع وإما تابعون لها"، وذلك في إشارة إلى رفع عدد من المتظاهرين الراية الأمازيغية. وجاء الكشف عن هذا "المخطط"، حسب ذات المصادر، بعد يوم من تحذير شديد اللهجة، وجهه قائد أركان الجيش الجزائري قايد صالح لرموز نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة من مغبة "التشويش على الانتخابات الرئاسية ومحاولة منع الجزائريين من التصويت". وإذا كان الحراك الذي فرض تأجيل إجراء انتخابات رئاسية مرتين، الأولى في شهر أبريل والثانية في يوليو الماضيين بحكم أنها لا تفي بالمطالب السياسية التي رددها على مدى اثنين وأربعين أسبوعا، فإن المؤسسة العسكرية تبدو هذه المرة واثقة من قدرتها على تنظيم انتخابات 12 من الشهر الجاري، وإن باللجوء إلى الصرامة في التعامل مع الرافضين في الشارع والهجوم عليهم من خلال وصفهم بالخونة والشواذ والمثليين... فمباشرة بعد الإعلان عن المرشحين الخمسة الذين سيخوضون غمار تلك الانتخابات صدر عن السلطات ما يشير إلى أن صبرها على الحراك بدأ في النفاد، وانها ستمر إلى مرحلة اخرى واستعمال اساليب جديدة. وفي تقرير صدر يوم الخامس من الشهر الجاري قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات اعتقلت أكثر من 300 شخص كانوا يعبرون عن معارضتهم بشكل سلمي لإجراء الانتخابات الرئاسية. وقالت المنظمة إن الاعتقالات طالت متظاهرين، بينهم صحفيون، في العاصمة ووهران وورقلة وعنابة وبومرداس. وأضافت أن بعضهم تعرضوا للتعذيب والحبس الانفرادي. ولتأكيد موقف السلطات من المعارضين للانتخابات هاجم وزير الداخلية الجزائري صلاح الدين دحمون المعارضين للانتخابات بعنف ووصفهم بأنهم "خونة ومرتزقة ومثليون وبقايا استعمار". وقال الوزير في كلمة له في مجلس الأمة بثت على قنوات تلفزيونية محلية: "الاستعمار أو ما بقي من الاستعمار يستعمل بعض الأولاد أو أشباه الجزائريين من خونة ومرتزقة وشواذ ومثليين نعرفهم واحدا واحدا. فهم ليسوا منا ونحن لسنا منهم". وقد أثارت تلك التصريحات موجة غضب عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد. وأطلق الناشطون وسم "#كلنا_مرتزقه_شواذ_ومثليين" تعبيرا عن رفضهم لتصريحات الوزير التي اعتبروها مسيئة للدولة الجزائرية والحراك الشعبي. وردا على دحمون، وصف عبد العزيز رحابي وهو وزير الاتصالات السابق تصريحات وزير الداخلية "بالبذيئة" وقال: "لقد صدمت وشعرت بالفضيحة بسبب التصريح البذيء لوزير الداخلية دحمون. هذا الانزلاق يصب في خانة الإهانة والابتذال. كما يستفز المواطنين ويغذي بغبائه التطرف في المواقف، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد وبشدة إلى خطاب التهدئة والعقل". وفي وقت لاحق، أصدر وزير الداخلية دحمون بيانا قال فيه إن تصريحاته "حورت وأخرجت عن سياقها" وأنه لم يقصد الحراك. وأوضح أن تصريحه موجه حصرا "لأشباه الجزائريين الذين منحوا البرلمان الأوروبي فرصة التطاول والتدخل في شؤوننا السيادية".