ضربت قناة الجزيرة عرض الحائط كل محاولات التقارب التي دشنها المغرب مؤخرا لعودة المياه لمجاريها، ووجهت رسالة إلى حكومة بنكيران مفادها أن ذيل الكلب لن يعتدل أبدا، وأن ما دأبت عليه القناة من استهداف المغرب، مستمرة فيه، مهما قدم بنكيران والخلفي من تنازلات.
ولم تسعف هرولة الخلفي، ولا غزل بنكيران في تليين مواقف الجزيرة التي أثبتت مرة أخرى أنها بعيدة عن الحياد الصحفي وعن المهنية التي تفترض حدا أدنى من الموضوعية، على الأقل من خلال أخذ رأي الطرف الآخر.
ولم يكن جواب القناة القطرية سوى بث مزيد من البرامج والربورطاجات التي تضرب في العمق مصداقية خطاباتها، وتضع حكومة بنكيران وخاصة وزراء العدالة والتنمية أمام حقيقة صادمة، رغم أن الخلفي سبق له أن قدم ورودا للقناة بل وفعل كل ما في وسعه قصد عودتها للعمل في المغرب، فلم يكترث لما قاله العقلاء في هذا البلد الذين خبروا دهاليز القناة وأساليبها المارقة، وظلت الأصوات التي تحب الخير لهذا البلد تؤكد أن الجزيرة لن تلين مواقفها من المغرب مادام يتحكم فيها لوبي جزائري حاقد تسيره جهات نافذة بالجزائر وبقصر المرادية.
لقد أثبت المغرب في أكثر من مناسبة أنه بلد التواصل بامتياز فشرع أبوابه لعمل القنوات الإعلامية بكل تلاوينها، وظل الشرط الوحيد الذي يضعه هو عدم المس بثوابت الأمة وسيادتها، واحترام أخلاقيات المهنة.
ما فعلته الجزيرة ضرب خطير للعمل الصحفي الجاد، ففي ظرف أسبوع واحد بثت القناة قبل أن تنجز تقريرا بثته في الحصاد المغربي، نفثت فيه كل سموم الحقد والكراهية، وجاء مليئا بالزيف والأكاذيب والإدعاءات، ومليئا بالأحقاد والضغائن، والتأليب ضد الشعب المغربي، التقرير الأخير تحدث عن ندوة صحفية نظمتها حركة 20 فبراير، حيث تم التركيز على تصريحات نشطاء الحركة الذين أشاروا إلى أن أجهزة الأمن غيرت من قناعها وبدأت تلفق التهم الجنائية أو الطرد من العمل، وجعلت من قضية المقنع الذي تم الحكم عليه بسنة سجنا نافذا بتهمة حيازة المخدرات والاتجار فيها وممارسة العنف مادة رئيسية في تقريرها نكاية في المغاربة وفي حزب العدالة والتنمية الذي جعل من أولوياته إعادة القناة للعمل من داخل المغرب، وكأنه دخل في صراع مع الوطن.
لقد تجاهلت القناة أن الحركة التي تتحدث عنها ومنحتها حيزا مهما لم يعد لها وجود، وأنها ذابت كما يذوب الثلج في بداية فصل الربيع، وهو ما يؤكد سعي القناة وأمنيتها في عودة الحياة إلى هذه الحركة ولو عبر النفخ في أعضاءها الذين تلاشوا، فتحولوا إلى مرتزقة ومستهلكي مخدرات، بل وسعت من فرط تآكلها إلى فتح الباب أمام تجار السموم من كل الأنواع، لكن قناة الجزيرة لم تعر كل ذلك أي اهتمام واستمرت في نفس سلوكاتها لأن هدفها ليس الحركة، ولكن النفخ في أكياس فارغة، ستنفجر لا محالة على حامليها.