المسؤولية السياسية يتحملها رئيس مجلس النواب على طبيعة اختياراته المتواضعة التي اقترحها لعضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي تنبث مستوى الضعف القانوني الذي يتخبط فيه رئيس مجلس النواب، حيث قدموا تخريجة كسولة تنهل من القراءة السطحية للنصوص، بالإضافة إلى انعدام الأخلاق في النفوس. و قد حاول ديوان الحبيب المالكي، الذي تشكل على ضوء تفريق لوزيعة أن يشرعن الاختلات في اقتراح الأسماء بتأويل غير قانوني لنص قرار المحكمة الدستورية رقم 65.17 بتاريخ 30 أكتوبر 2017 على أن الاقتراحات يجب أن تسبقها استشارة أعضاء مكتب مجلس النواب، ورؤساء الفرق و المجموعات النيابية . وبالتالي فالنص واضح يشير إلى استشارة و ليس فرض أسماء بعينها تحت يافطة المحاصصة الحزبية التي لا تعتمد مبدأ الكفاءة و تغرق في بحر الترضيات الحزبية. و بالعودة إلى المادة 347 من النظام الداخلي لمجلس النواب فهي تؤكد على أن هذه التعيينات يجب أن تراعي مبادئ التمثيلية والتناوب والتنوع والتخصص والتعددية. و هذا ما لم تتميز به اقترحات التعيين الحبيب المالكي و منها حالة المجلس السمعي البصري، و بعض الأسماء الأخيرة بمجلس حقوق الانسان التي تضرب عرض الحائط بقيم التخصص . كما لا يجوز لرئيس مجلس نواب أن يعتمد منطق التبادل مع رئيس مجلس المستشارين عوض تفعيل مبدأ التنوع. أعتقد أن الحبيب المالكي قد أساء كثيرا لمؤسسة مجلس النواب ضدا في الإرادة الملكية التي أعلن عنها في خطب افتتاح البرلمان والتي ما انفكت تطالب بتجويد عمل هذه المؤسسة الدستورية. إن الحبيب المالكي مطالب باحترام الدستور و ضرورة جعل التعيينات تتم داخل المؤسسات على أساس الكفاءة والخبرة و أن يتم التعامل معها بشفافية وعدالة. المالكي مدعو لتفسير منطق اقتراحاته إعمالا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وحق المواطنين و المواطنات في الحصول على المعلومة، بغية الارتقاء بالمؤسسات التشريعية بشفافية وإخلاص. غير أن طبيعة التعيينات المقترحة من قبل رئيس مجلس النواب لم تخرج عن منطق التوليفة المشوهة وفي أغلبها لم تنبنِ على مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب. بل تخضع لنهج أسلوب المحاصصة المقيتة وتخلى عن مبادئ الكفاءة، لم يجد احد تفسيرا مقنعا لاختيار أقارب المسؤولين في الديوان وإهمال الأكفاء. المالكي أراد المحافظة عن مصالحه الشخصية ويرضي الفرق البرلمانية والشخصيات الحزبية النافذة لكي يمضي الى نهاية عهدته الانتخابية وإن كان ذلك على حساب بناء دولة المواطنة و فضيلة المأسسة. الحبيب المالكي يدرك قبل غيره أن تعيين شخصيات بدون "بروفيل" لا يتوقع منها ان تعطي قوة للمؤسسات، لاسيما ان بعضهم يفتقد إلى الخبرة والمقدرة بمستوى مجابهة التحديات. لأن اقتراح تعين الشخص الضعيف يتم بهذه الطريقة ليكون خاضعا لمن اقترحه. وهذا ما يقوي الانطباع بكون الحبيب المالكي انخرط في صفقة أضرت بمصداقية المؤسسة التشريعية بصفة عامة، و بمؤسسة مجلس النواب التي هي تعبير مباشر عن الإرادة الشعبية، و باتت هذه المؤسسة غطاء لاقتراح من هب ودب. لقد انتظرنا أن تكون المقترحات إشارة قوية لتغيير وتقديم نخب ذات كفاءة ومصداقية في المؤسسات الاستشارية، لمجاراة تطلعنا لبلوغ دولة المواطنة. غير أن الحبيب المالكي، يريد أن يحافظ على ائتلافه وإن كان على حساب باقي المؤسسات، التي بات رهينة لنزوات أعضاء المجلس، وهو ما يفسر النزوع نحو تعميق المحاصصة والمناورة والمساومة لتسويق أهداف تتعارض مع التوجيهات الملكية السامية وتعبر عن خيبة الأمل في البناء السليم للمؤسسات وتصحيح مسارها وإنقاذها من كوارث المحسوبية و التدليس وفواجع التخلف عن مسايرة المبادئ الدستورية.