خرج المتظاهرون وسط العاصمة الجزائرية، وفي مختلف مناطق البلاد، في تاسع جمعة من الحراك الشعبي المطالب بالتغيير الجذري ورحيل رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. ويتظاهر الملايين في شوارع المدن الجزائرية منذ 22 فبراير الماضي، وقد نجحوا في دفع بوتفليقة للتخلي عن ولاية رئاسية خامسة بعد حكم دام عشرين عاما، ثم إلى إلغاء الاقتراع الرئاسي الذي كان مقررا في 18 أبريل الجاري، قبل أن يستسلم ويغادر السلطة مطلع الشهر الحالي. وقدمت السلطات تنازلا جديدا لمطالب الشارع هذا الأسبوع تمثل بتغيير رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز الذي كان أحد "الباءات الثلاثة" الذين طالب الجزائريون برحيلهم إضافة إلى الرئيس المؤقت الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. ولم تكن استقالة بلعيز كافية لتهدئة المتظاهرين الذين تدفقوا على الشوارع للمطالبة برحيل بقايا نظام بوتفليقة، ورفض إشراف المقربين منه على المرحلة الانتقالية المقبلة. ولم تصدر أية أرقام رسمية ولا من حركة الاحتجاج، لكن شوارع وسط العاصمة غصت بالمحتجين، وبدت التعبئة شبيهة بما حدث أيام الجمع السابقة والتي وصفها مراقبون بأنها تاريخية. وهتف آلاف المحتجين الذين تجمعوا أمام مبنى البريد المركزي وسط العاصمة بشعارات تؤكد تصميمهم على المضي في التحرك لحين رحيل النظام ورموزه منها "بركات بركات (كفى) من هذا النظام، الشعب يريد يتنحاو كاع (يتنحون جميعهم)". وظهر عشرات الشباب في شوارع العاصمة يرتدون سترات برتقالية كتب عليها "سلمية" وتطوعوا لتنظيم حركة المتظاهرين ومنع احتكاكهم بعناصر الشرطة وكذا تأمينهم من أي اعتداءات من مندسين. وتظاهرت أعداد كبيرة من المحتجين أيضا في مدن عبر مناطق مختلفة، جمعت بينهم الشعارات المطالبة برحيل رموز النظام السابق والمطالبة بمحاسبة الفاسدين. وعلى غرار الأسابيع الأخيرة، خصص التلفزيون الحكومي بثا مباشرا لمسيرات الجمعة التاسعة، وبث مشاهد تظهر حشودا كبيرة من المتظاهرين في مدن مثل قسنطينة (شرق) وسطيف (شرق) والوادي (جنوب). ولزمت قوات الأمن الحياد في تحركها أمس الجمعة بعد اتهامها الأسبوع الماضي بمحاولة قمع المظاهرات. وكان قائد الجيش قد أكد يوم الثلاثاء الماضي أن الجيش يدرس كل الخيارات لحل الأزمة السياسية، ولكنه حذر من أن الوقت ينفد. ووجهت الرئاسة أول أمس دعوات لنحو مائة شخصية من أحزاب الموالاة والمعارضة وممثلين للمجتمع المدني لجلسة مشاورات الاثنين المقبل، غير أنها قوبلت بالرفض من طرف غالبية أحزاب المعارضة وممثلي المجتمع المدني الذين اعتبروا تلك الخطوة "استفزازا للشعب".