أخيرا، قبلت شركات المحروقات وأصحاب محطات الوقود الالتزام بالقرار الحكومي، المتعلق بتسقيف الأرباح لمدة سنة بشكل تجريبي. ولم يخف لحسن الداودي، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة سعادته بهذا الاتفاق. وبالمقابل، اعتبر رئيس مجلس المنافسة، إدريس الكراوي، أن نظاما أثبت فشله مرة، لا يمكن إلا أن يسفر عن نفس النتيجة. لأن المشكل الأساسي، الذي يؤثر بشكل مباشر على المستهلكين يتمثل بارتفاع الأسعار بمحطات التزود بالوقود، يقول رئيس مجلس المنافسة حسب ما أوردته اليوم جريدة "لوبينيون". وكان إدريس كراوي، رئيس مجلس المنافسة، قد صرح، في شهر فبراير المنصرم، أن طلب الرأي، الذي تقدمت به الحكومة بخصوص مشروع تسقيف هوامش الربح في قطاع المحروقات السائلة، طلب لم يستجب للشروط القانونية، التي يتضمنها القانون، المتعلق بحرية الأسعار، والمنافسة. وأوضح الكراوي أن إجراء تدابير تهدف إلى الاستثناء المؤقت لمنتوج ما من حرية الأسعار، لا يمكن إلا إذا تحقق فيه شرطان مجتمعان، وهما حصول ارتفاع، أو انخفاض فاحش للأسعار، وتبريره بظروف استثنائية، أو كارثة عامة، أو وضعية غير عادية واضحة للسوق في القطاع المعني. واعتبارا لذلك، يقول الكرواي إن المجلس يرى أن اختيار التسقيف لن يكون كافيا، ولا مجديا من الناحية الاقتصادية، والتنافسية، ومن زاوية العدالة الاجتماعية، حسب وصفه. وأوصى مجلس المنافسة الحكومة باعتماد إصلاحات في جميع مستويات سوق المحروقات، بدل التركيز على فكرة تسقيف الأسعار، التي اعتبرها غير مجدية اقتصاديا، وتنافسيا، وأنها تضر بالمتدخلين الصغار في السوق. ورأى المجلس أنه من اللازم تطوير المنافسة من المنبع، موصيا بإعادة الامتلاك الوطني لنشاط تكرير البترول، معتبرا أن هذه الخطوة ستساهم في استعادة التوازنات التنافسية، كما ستمكن الجهة المكلفة بالتكرير من أداء دور "سلطة مضادة تجاه المتدخلين، المهيمنين في مقاطع الاستيراد، والتخزين، والتوزيع بالجملة"، موصيا الحكومة بوضع ترتيبات عملية لتشجيع الاستثمار في صناعة التكرير، أو في إطار شراكة عمومية - خصوصية. كما دعا المجلس إلى تعزيز القدرات الوطنية لتخزين المحروقات، وتشجيع الاستثمار فيه، وكذا تطوير المنافسة في سوق التوزيع بالتقسيط من خلال “استبدال نظام الرخص المطبق على محطات الوقود بنظام عاد للترخيص، وإلغاء إلزامية التوفر على شبكة من 30 محطة وقود للموزعين، وتسجيل إنشاء محطات مستقلة، وكذا حذف قاعدة التسلسل المكاني بين المحطات. آخر توصيات المجلس كانت دعوته إلى إخضاع سوق المحروقات لآلية مبتكرة للتقنيين القطاعي، وذلك بمنح الضبط التقني، والاقتصادي للسوق إلى الهيأة الوطنية لتقنين الطاقة من أجل مواكبة القطاع، والارتقاء به إلى مستوى التنافسية.