تتزايد الضغوط تباعاً على المجلس الدستوري الجزائري "أعلى هيئة في الجزائر مكلفة بالسهر على احترام الدستور"، في ظل تفاقم كرة الثلج الرافضة لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة يوماً تلو الآخر والمطالبة أيضا باستظهار الشهادة الطبية لبوتفليقة، والتي قد تتحول إلى كرة من لهب. فهل يحدث رئيس المجلس الطيب بلعيز المفاجأة ويرفض ملف ترشح بوتفليقة؟ سؤال فيه الكثير من التشويق والإثارة ربما لكثير من الجزائريين والمهتمين بالساحة السياسية والتي أضحت حديث العام والخاص. ولمعرفة الإجابة، يتعين انتظار يوم 13 مارس، لأنه آخر أجل للإعلان عن المترشحين الرسميين. ويترقب الجزائريون موقف الطيب بلعيز، رئيس المجلس الدستوري، المعروف بقربه من بوتفليقة والمحيط الرئاسي عقب شروع هيئته في دراسة ملفات المترشحين لرئاسة الجمهورية، بحسب المادة 141 من قانون الانتخابات التي تنص على أن "المجلس الدستوري يفصل في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية بقرار في مهلة أقصاها 10 أيام كاملة من تاريخ إيداع التصريح بالترشح. على أن يُبلَغ قرار المجلس الدستوري إلى المعني فور صدوره". يذكر أن رئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز الحاصل على شهادة في القانون، تقلد طيلة مساره المهني عدة مناصب مسؤولية في الدولة، من بينها منصب قاضٍ لمدة ربع قرن (25 سنة) حيث كان رئيس محكمة وهران، ورئيس محكمة سيدي بلعباس، ومستشاراً للمحكمة العليا، كما عين ووزيراً للعدل في حكومة الرئيس بوتفليقة. بلعيز في مأزق ويُواجه بلعيز موقفا صعبا بل مأزقا حقيقياً، إثر تحميله المسؤولية التاريخية في قبول ترشيح الرئيس المنتهية ولايته للعهدة الخامسة من طرف الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين المجلس الدستوري، وذلك لعدم جوازها دستورياً وقانونياً بسبب عدم أهليته من الناحية الصحية، وفق بيان صادر عنهم. وتجمع المحامون في الجزائر صباح اليوم الخميس، أمام مقر وزارة الطاقة في وقفة احتجاجية على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، متجهين نحو المجلس الدستوري الذي لا يبعد كثيراً عن مكان تجمعهم، بغية تسليم رئيسه رسالة تحمله مسؤولية خرق الدستور. باعتبار أن المجلس الدستوري هو المخول بتحديد أهلية كل مرشح للرئاسة بعد إغلاق باب تقديم ملفات الترشح قبل أيام. واتفق المحامون على "تبليغ المجلس الدستوري ببيان يدعوه إلى تحمل مسؤولياته التاريخية بالاستجابة لإرادة الشعب من خلال احترام مقتضيات الدستور روحاً ونصاً". وبعد الحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر مند أسبوعين أعلنت جمعية قدماء وزراء التسليح والاتصالات العامة (المالغ)، التي يترأسها وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية، دعم الاحتجاجات الشعبية ضد ترشح الرئيس بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة. رفاق الأمس يديرون ظهرهم وسبق ذلك إعلان المنظمة الوطنية للمجاهدين، التي تضم قدامى المحاربين الجزائريين، بأن مطالب المحتجين تقوم على اعتبارات مشروعة، حيث حثوا جميع المواطنين على التظاهر. ما يؤكد أن رفاق الأمس يديرون ظهرهم للرئيس الجزائري ويطالبون بالتغيير. من جانبه أطلق المجلس الوطني لعمادة الأطباء في وقت سابق تحذيرات من إمكانية تزوير الشهادات الطبية للمترشحين لرئاسة الجزائر. وذكرت الهيئة التي يرأسها البروفسور بقاط بركاني، ب "القواعد الوطنية والعالمية للأخلاقيات الطبية الواجبة في تحرير الشهادات الطبية للمرشحين لرئاسة الجمهورية"، مشيرة إلى نص المادتين 10 و58 من قانون أخلاقيات الطيب. إعلان صحيفة "لا تريبون دو جنيف"، السويسرية، عن تدهور الحالة الصحية للمترشح لعهدة خامسة، من شأنه أن يضع المجلس الدستوري في حرج كبير أيضًا، بقولها إن بوتفليقة الذي يرقد بالمستشفى الجامعي لجنيف، بحاجة إلى عناية طبية مركزة، وأن "حياته تحت تهديد مستمر، كونه يعاني من مشاكل في التنفس والأعصاب". وذكرت الصحيفة نسبة إلى مصادرها، أن الحالة الصحية للرئيس "غير مستقرة بسبب تراجع منعكساته العصبية"، مشيرة إلى تدهور صحة بوتفليقة بسبب التقدم في العمر، وآثار الجلطة الدماغية التي سبق أن أصيب بها. وقدّم بوتفليقة الأحد الماضي ملفّ ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة في 18 أبريل المقبل، عن طريق مدير حملته الانتخابية عبد الغاني زعلان، وهو ما أثار جدلا آخر عن مدى قانونية ذلك، فيما لا يزال بوتفليقة متواجدًا بسويسرا منذ 24 فبراير الماضي، غير أنه تعهّد بتنظيم انتخابات رئاسيّة مبكرة في حال فوزه وإجراء إصلاحات سياسية عميقة. عن موقع "العربية" بتصرف